هل يتدخل الأسد لمنع الرد من الأراضي السورية؟

إسرائيل بدأت العلاقات مع بايدن بـ «القدم اليسرى» وتستعد لـ«انتقام إيراني»... قد يطول تنفيذه

متظاهرون يحرقون صوراً لترامب وبايدن في طهران احتجاجاً على اغتيال العالم فخري زاده (رويترز)
تصغير
تكبير

- هرئيل: طهران مخترقة جداً لعمليات استخبارية غربية
- ليمور: لا يوجد شخص لا بديل له
- «جيروزاليم بوست»: اغتيال «أبو القنبلة النووية الإيرانية» قد يكون نفذ لتجنّب الحرب

كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية، عن أوسع عملية استنفار تقوم بها منذ الانتفاضة الأولى، على خلفية اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، قرب طهران، في واحدة من أوسع عمليات الحيطة والاستعدادات بالغة التعقيد والدقة، بينما تراوحت تحليلات الصحف الإسرائيلية، أمس، بين التفاخر بقدرات إسرائيل الاستخبارية والعملانية من أجل عرقلة تقدم البرنامج النووي العسكري الإيراني، إلى جانب التحذير من «انتقام»، والرسالة التي يبعثها الاغتيال إلى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، وإدارته، وتحذّر من العودة إلى الاتفاق النووي.

ووفق المنظور الإسرائيلي، ثمة سيناريوهات إيرانية تشمل: تكثيف البرنامج النووي ورفع مستوى تخصيب اليورانيوم مع التخلي عن المعاهدات الدولية، أو شن هجوم كبير على إسرائيل باستخدام الصواريخ أو وسائل أخرى، أو تنفيذ هجمات على السفارات أو الأهداف الإسرائيلية واليهودية في كل أنحاء العالم، أو هجمات على السفن الإسرائيلية، أو هجمات عبر وكلائها على طول حدود إسرائيل في قطاع غزة ولبنان وسورية.

وذكرت «جيروزاليم بوست»، في تحليل، أن عملية مقتل «أبو القنبلة النووية الإيرانية»، ربما تم تنفيذها لتجنب الحرب مع إيران، واصفة ذلك بـ«المفارقة».



وقال المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن «البروفيسور فخري زاده كان في دائرة الاستهداف منذ سنوات كثيرة».

واعتبر أن «الضرر الأهم للإيرانيين باستهدافه، هو أنه سيشكل رادعاً تجاه علماء آخرين... الذين يعملون في برنامج كهذا ليسوا مقاتلين، وليسوا معتادين على اعتبار أنفسهم كأشخاص موجودين في قلب الخطر. وهذا الانطباع، الحاصل من جراء اغتيالات العلماء النوويين الإيرانيين المنسوبة لإسرائيل، في بداية العقد، سيبرز مجدداً الآن».

وتابع أن «الجهة التي استهدفت فخري زاده، دمجت بين معلومات استخباراتية دقيقة وقدرة عملانية ذكية». وأكد انه «يتضح مجدداً أن طهران مخترقة جداً أمام عمليات استخبارية غربية».

وأشار هرئيل إلى أن اغتيال نائب زعيم «القاعدة»، أبو محمد المصري، في طهران في أغسطس الماضي، كان بمثابة «تحذير مسبق».

وحذر هرئيل من أن «العملية قد تلحق ضرراً بإسرائيل، إذ إنها بدأت العلاقات مع إدارة بايدن بالقدم اليسرى. والرئيس المنتخب صامت حالياً، لكن مسؤولين سابقين في إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما أصدروا تعقيبات مفاجئة في حدتها تجاه الاغتيال.

ورئيس الاستخبارات المركزية السابق، جون بيرنان، وصف الاغتيال بأنه عمل جنائي، عديم المسؤولية، والذي قد يؤدي إلى انتقام فتاك ومواجهة إقليمية، وبأنه جريمة قتل، إرهاب ممول من دولة، ودعا الإيرانيين إلى انتظار وصول قيادة مسؤولة إلى واشنطن».

كذلك وصف نائب مستشار الأمن القومي السابق بن رودس، العملية بأنها «خطوة مزعزعة، غايتها عرقلة المفاوضات السياسية»، التي أعلن بايدن أنه سيجريها مع إيران، بحسب هرئيل.

ونقل عن مسؤولين سابقين في المؤسسة الأمنية تعبيرهم عن مواقف مشابهة، وقالوا إن «نتنياهو قلق جداً من عودة أميركية إلى الاتفاق النووي تحت إدارة بايدن.

والحادثة الأخيرة تفرض وقائع على الأرض، تضع مصاعب أمام السياسة الإقليمية للإدارة الجديدة».

وأضاف: «لا شك في أن موت شخص أدى دوراً مركزياً كهذا في البرنامج النووي الإيراني يعبر عن نجاح عملاني مثير للإعجاب.

ومن الجهة الأخرى، لا تُستبعد إمكانية أن هذا الانتصار التكتيكي سيعقبه تصعيد إقليمي، إستراتيجي، وربما هذا هو الهدف من الاغتيال».

ورجح المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أن يبذل الرئيس السوري بشار الأسد، «مجهوداً من أجل منع رد إيراني ضد إسرائيل من الحدود السورية.

فمنذ سنتين، يبث إشارات للإيرانيين بأن نظامه يواجه صعوبة في امتصاص ثمن المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية في أراضيه».

وتابع: «ولأنه يسود توازن رعب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، فعلى الأرجح أن رداً إيرانياً على الاغتيال سيُنفذ في الخارج... وفي موازاة ذلك، إذا كانت لدى الإيرانيين خلية سرية داخل الخط الأخضر أو في المناطق (الفلسطينية المحتلة عام 1967)، فإن هذه فرصتهم لاستخدامها».

وأشار فيشمان إلى أن «المبدأ الذي يوجه إسرائيل في حربها ضد النووي الإيراني هو أن يتعرض طوال الوقت للهجوم: مبادرة، تشويش، عرقلة، كسب الوقت.

ومثلما لا يمكن لعملية واحدة القضاء على المسار النووي، فإنه لا توجد جهة واحدة في سلسلة صنع القنبلة، محصنة. وتشمل هذه الحرب استهداف المنشآت، إما بشكل فعلي وإما بهجوم سيبراني وإما بمساعدة ضغوط اقتصادية أو ديبلوماسية، وكذلك باستهداف العامل البشري، خصوصاً الأدمغة».

وحسب محلل الشؤون العربية في«هآرتس»، تسفي برئيل، فإن «توقيت الاغتيال، يحمل رسالة واضحة لبايدن، غايتها إظهار الانتقاد الإسرائيلي حول عزمه العودة إلى الاتفاق النووي، والمبادرة لاتصالات ديبلوماسية حول شروط العودة ومحاولة توسيع حجم الاتصالات مع طهران إلى مواضيع أخرى، مثل تجميد برنامج الصواريخ البالستية مقابل تعاون اقتصادي».

وأشار المحلل العسكري في صحيفة«يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، إلى أن العام الجاري بدأ باغتيال قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، وانتهى باغتيال فخري زاده.

وأضاف: «لا يوجد شخص، لا بديل له».

ورأى أن «على إسرائيل أن تأخذ التهديدات الإيرانية بالانتقام على محمل الجد. سليماني اغتاله الأميركيون، وهم خصم كبير وخطير جداً بالنسبة للإيرانيين. فخري زاده اغتاله، على ما يبدو، الإسرائيليون، وهم خصم يسهل التعامل معه أكثر. ورد الفعل قد يكون بطرق عدة، بدءاً من عمليات على طول الحدود في سورية وباحتمال أقل من لبنان، مروراً بمحاولات استهداف شخصيات إسرائيلية، وانتهاء باستهداف سفارات إسرائيلية في أنحاء العالم».

عاصفة من التساؤلات في إسرائيل

القدس - أ ف ب - هل يقف «الموساد» فعلاً خلف اغتيال العالم النووي الإيراني؟ وإن كان الجهاز الإسرائيلي هو الذي اغتاله، فلماذا؟ وكيف يمكن أن تنتقم إيران من الدولة العبرية؟ تتردد أسئلة كثيرة في إسرائيل حول مقتل محسن فخري زاده، في عملية أقرب إلى رواية بوليسية.

وقتل العالم الإيراني البارز البالغ 59 عاماً والذي تتهمه إسرائيل بالوقوف خلف برنامج نووي «عسكري» تنفي طهران وجوده، الجمعة، في هجوم استهدف سيارته في مدينة أبسرد بمقاطعة دماوند شرق طهران، وفق ما أفادت السلطات المحلية.

وتذكر وقائع اغتيال العالم بالمسلسل الإسرائيلي الجديد «طهران» حيث تقوم عناصر من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي بمهمة في إيران تستهدف المنشآت النووية لهذا البلد الذي تتهمه الدولة العبرية بالسعي لامتلاك السلاح النووي.

كما أنها يمكن أن تندرج في كتاب «رايز أند كيل فيرست» للصحافي الإسرائيلي رونين بيرغمان، الذي يتناول اغتيالات نفذتها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والذي اشترت شبكة «إتش بي أو» الأميركية حقوقه لنقله إلى التلفزيون.

وفي نهاية الكتاب الواقع في أكثر من 700 صفحة حول «التاريخ السري لاغتيالات إسرائيل المحددة الأهداف»، ذكر بيرغمان العالم الإيراني، فكتب «أدرك الإيرانيون أن ثمة من يقتل علماءهم، فباشروا حمايتهم عن كثب، خصوصاً رئيس مشروع الأسلحة محسن فخري زاده الذي يعتبر العقل المدبر للبرنامج» النووي الإيراني. وربط الصحافي والكاتب الإسرائيلي، أمس، اغتيال فخري زاده بآلاف الوثاق «السرية» الإيرانية التي استحصلت إسرائيل عليها عام 2018.

«تذكروا» وأبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ذلك الحين ارتياحه للحصول على الوثائق، موضحاً أنها تكشف تفاصيل خطة إيرانية تهدف على قوله، لصنع خمسة رؤوس نووية. وأكد خلال مؤتمر صحافي «تذكروا هذا الاسم»، متحدثاً عن محسن فخري زاده.

وكتب رونين بيرغمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن هذه الوثائق تظهر «بوضوح لماذا كان الموساد يريده ميتاً ولماذا قال نتنياهو: تذكروا هذا الاسم».

وتابع أن الملفات السرية تثبت أن فخري زاده كان أشبه بـ«طبيب إيراني مجنون»، في إشارة إلى فيلم «دكتور ستريندج لوف» للمخرج ستانلي كوبريك، و«العقل المدبر خلف الشق العسكري من البرنامج النووي» الإيراني.

لكنه لفت إلى أن اغتيال رجل مثله لا يمكن أن يتم «بكبسة زر» بل يكون نتيجة «أشهر بل سنوات» من التحضير. ولفت القائد السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اموس يادلين في مكالمة هاتفية مع صحافيين «هذه المرة لم تعلن أي جهة مسؤوليتها.

كل هذا يندرج في سياق حرب سرية: وهم (الإيرانيون) قد يرجئون الرد حتى الأيام الأخيرة من إدارة (الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد) ترامب حتى لا يتسنى له استخدام هذا الرد لشن هجوم» مباشر على إيران. وتابع أن طهران قد تستهدف علماء إسرائيليين أو تستخدم قوات موالية لها مثل «حزب الله» اللبناني لشن عملية ضد الدولة العبرية، أو «تطلق صواريخ من إيران» أو تستهدف سفارات إسرائيلية في الخارج، في وقت ذكرت الصحافة المحلية أن الديبلوماسية الإسرائيلية عززت أمن سفاراتها.

وجاء اغتيال فخري زاده بعيد جولة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في الشرق الأوسط، وفي وقت تستعد الولايات المتحدة لانتقال السلطة في يناير إلى جو بايدن الذي أبدى نيته استئناف الحوار مع طهران. ورأت صحيفة «هآرتس» أن هذا ليس من باب الصدفة، موضحة أن «توقيت الاغتيال، حتى لو أنه كان محكوما باعتبارات محض عملانية، هو رسالة واضحة»، وهو يعكس بنظرها معارضة إسرائيل «للعودة إلى الاتفاق النووي» الذي تم التوصل إليه عام 2015 في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، قبل أن ينسحب منه ترامب أحادياً.

«مهر» تكشف علاقة فخري زاده بسورية و«حزب الله» و«حماس»

نشرت «وكالة مهر للأنباء» الإيرانية، أمس، مقالاً يتحدث عن علاقة العالم النووي محسن فخري زاده، بما سمتها «حركات المقاومة في فلسطين وسورية واليمن».

وذكر المقال أن «معلومات في غاية الخطورة وصلت للاستخبارات الإسرائيلية قبل أشهر، تفيد بأن إيران وحزب الله نجحا بتزويد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، عبر سورية، بصواريخ كروز وطائرات مسيرة نفاثة مزودة بقنابل عنقودية، وكذلك بالتكنولوجيا اللازمة لتصنيعها في غزة، وأن المسؤول الأول عن ذلك هو فخري زاده، وهذا يفسر تكثيف الغارات الإسرائيلية على سورية في الأشهر الأخيرة».

ولفت المقال إلى تقرير نشرته مؤسسة «نيئمان» الإسرائيلية منذ سنتين، يتحدث عن أن إيران، وبإشراف فخري زاده، «نقلت تقدمها التكنولوجي إلى سورية واليمن وحزب الله والفصائل الفلسطينية، حتى لا تظل حركات المقاومة وسورية تحت رحمة الظروف المتغيرة التي قد تمنع تدفق الأسلحة لها من طهران».

ولفت المقال إلى أن «خطة اغتيال فخري زاده وُضعت خلال اجتماع سري عقد في 2019 في الولايات المتحدة، شارك فيه عدد من القادة العسكريين والأمنيين الإسرائيليين، وعدد من قيادات منظمة مجاهدين خلق الإيرانية»، مضيفاً أنه «على جدول أعمال الاجتماع كان هناك بند واحد، وهو تنفيذ عمليات أمنية داخل إيران، ومحاولة عرقلة برنامجها الصاروخي والعسكري والنووي، وكذلك وضع الخطط لمنع وصول السلاح إلى سورية، ومنها إلى لبنان وغزة».

عُمان تدين اغتيال زاده ولندن تنتظر «الحقائق»

قدم وزير الدولة العُماني للشؤون الخارجية بدر البوسعيدي، التعازي في مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، خلال اتصال هاتفي بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

وأشار بيان عُماني، إلى أن البوسعيدي عبر عن إدانته للواقعة التي «تخالف القوانين الإنسانية والدولية». وفي لندن، عبّر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، أمس، عن «القلق إزاء الوضع في إيران والمنطقة ونؤكد على ضرورة خفض حدة التوتر». وأضاف «مازلنا ننتظر معرفة الحقائق الكاملة لما حدث في إيران لكنني أود أن أقول إننا نتمسك بسيادة القانون الإنساني الدولي والمتمثلة بوضوح في عدم استهداف المدنيين».

ودانت تركيا، اغتيال فخري زاده، معتبرة أنه «عمل إرهابي دنيء (...) يزعزع السلام في المنطقة».

وذكرت وزارة الخارجية في بيان، أن «تركيا تعارض أي مبادرة تستهدف زعزعة السلام في المنطقة وأي شكل من أشكال الإرهاب أياً كان مرتكبه وهدفه»، داعية «جميع الأطراف إلى استخدام المنطق وضبط النفس».



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي