قدّموا في تجمع غير مسبوق رؤية تهدف لخلق حوار وطني بين صانعي القرار ورواد الأعمال والباحثين وعموم المواطنين
29 أكاديمياً كويتياً يحذّرون بأعلى صوت: معيشة الرفاه مهدّدة بالزوال... واستدامتها ممكنة بتنازلات
- الدولة تغرف من مخزونها النفطي وتوجّه جلّ إيراداتها لمصروفات جارية بعوائد محدودة
- اختلال سوق العمل بتضخم القطاع العام وتدني كفاءته وتوظيف «الخاص» لعمالة أجنبية رخيصة
- التعليم بالكويت ضعيف مقارنة بدول الخليج... تلاميذنا بأسفل اختبارات قياس الأداء
- يتعيّن إيجاد مصادر دخل مساندة للثروة النفطية وإصلاح المالية واختلال سوق العمل
- الكويت أكثر دول الخليج اعتماداً على النفط... 43 في المئة من ناتجها و91 في المئة من صادراتها
- يجب إصلاح التركيبة السكانية والاستثمار برأس المال البشري
في تحرك مجتمعي، ومن خلال حدث غير مسبوق، دقّ 29 أكاديمياً من جامعة الكويت متخصصاً في علوم الإدارة والاقتصاد، ناقوس الخطر حول استدامة دولة الرفاه، مشيرين إلى أن استدامة هذه الدولة لأجيال المستقبل غير ممكنة من دون تضحيات وتنازلات يقدمها الجيل الحالي، وأن ذلك يعكس حقيقة لا جدال فيها.
وبين الأكاديميون في ورقة أعدّوها بعنوان «قبل فوات الأوان: رؤية صادقة لتصحيح المسار نحو اقتصاد عادل ومستدام»، وقصدوا منها لفت انتباه المواطن ومجتمع الأعمال ومتخذي القرار الاقتصادي في السلطتين التنفيذية والتشريعية، أن الاقتصاد الكويتي بشكله الحالي غير مستدام، وأن معيشة الرفاه التي اعتادها الكويتيون منذ اكتشاف النفط مهددة بالزوال، بسبب المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، بدءاً من الأزمة المالية العالمية في 2008، مروراً بانهيار أسعار النفط وانتهاءً بجائحة فيروس كورونا، موضحين أن هذه المتغيرات تنذر بكارثة اقتصادية ستحل بالكويت وتفضي إلى تغيير جذري ودائم في حياة الكويتيين.
وتقرع الدراسة الجرس حول مستقبل الكويت الاقتصادي، من خلال تقديم رؤية شاملة للإصلاح تتطرق إلى معالجة جذور الاختلال، مثل التعليم والتركيبة السكانية والحاجة لصياغة سياسة عامة مبنية على البحث العلمي.
5 محاور
واستعرض الأكاديميون رؤية من 5 محاور لتصحيح المسار الاقتصادي، تؤخذ كحزمة متكاملة وتتمثل في إيجاد مصادر دخل مساندة للثروة النفطية، وإصلاح المالية العامة، وإصلاح الاختلال في سوق العمل، والاستثمار في رأس المال البشري وإصلاح التركيبة السكانية.
فيما استعرضت الورقة المنشورة على موقع «كويت امباكت» (KuwaitImpakt.com)، المتخصص في نشر الأوراق والدراسات المتعلقة بالسياسة العامة في الكويت، 5 اختلالات هيكلية في الاقتصاد الكويتي، مؤكدة في الوقت ذاته أنها ليست بجديدة، إلا أن ما زادها هو الأزمات المتتالية.
ولفتت الورقة إلى أن الاختلالات تشمل الاعتماد على النفط كمصدر أحادي للدخل، حيث تعد الكويت أكثر دول الخليج اعتماداً على النفط الذي يشكل 43 في المئة من إجمالي الناتج المحلي و91 في المئة من الصادرات، ما يؤدي إلى الاختلال في المالية العامة.
اختلالات عامة
وأظهرت الورقة اختلال المالية العامة والتقلب الكبير بالإيرادات العامة بسبب ارتباطهما بسعر النفط، إذ سجلت الكويت عجوزات متراكمة منذ عام 2015 بلغت 28 مليار دينار، كما ذكرت أن الدولة تغرف من مخزونها النفطي وتوجّه جلّ الإيرادات لمصروفات جارية بعوائد تنموية محدودة.
ونوهت إلى الاختلال في سوق العمل المتمثل في تضخم القطاع العام وتدني كفاءته، في الوقت الذي يعتمد فيه القطاع الخاص على توظيف العمالة الأجنبية الرخيصة، مع ضعف النظام التعليمي بالمقارنة مع بقية دول الخليج، حيث حل تلاميذ الكويت في أسفل القائمة في اختبارات قياس الأداء، رغم زيادة نسب الصرف في وزارة التربية.
ورأت الورقة أن الاختلال في التركيبة السكانية، يأتي كنتاج طبيعي للاختلالات الهيكلية الأخرى من الاعتماد شبه الكلي على النفط، وتوجيه ريعه لدفع رواتب الوظائف الحكومية، ما أدى إلى توجه الكويتيين للعمل في القطاع الحكومي، وعزوفهم عن العمل في القطاع الخاص الذي تسهّل له الدولة توظيف العمالة الأجنبية، بتحملها جزءاً من تكلفتها من خلال شمولها بالدعوم كالرعاية الصحية واستهلاك الوقود والكهرباء والماء، علاوة على ضعف مخرجات التعليم التي تضعف من تنافسية العمالة الوطنية.
حوار وطني
وقال أحد الأكاديميين المشاركين في إعداد الورقة، ضاري سليمان الرشيد، إن إعدادها يهدف لخلق حوار وطني بين صانعي القرار الاقتصادي ورواد الأعمال والباحثين العلميين وعموم المواطنين.
وأضاف «نرى كمجموعة من الأكاديميين الشباب المتخصصين في المجالات الاقتصادية والإدارية في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت، تزامنت فترة ابتعاثنا للدراسات العليا مع فترة التعافي بعد أزمة 2008، وشهدنا عن قرب كيف أعادت الأزمة تشكيل النظريات والمفاهيم الاقتصادية، أنه لم يعد مقبولاً أن يستمر التشريع ورسم السياسات في الكويت بناءً على الآراء الشخصية والانطباعات العامة والمزاج السياسي، بدلاً من الدليل العلمي».
أما الدكتور شملان وليد البحر أحد الموقعين على الورقة، فذكر أنها ليست المرة الأولى التي تطفو فيها الضرورة المُلِحّة للإصلاح الاقتصادي على السطح، لافتاً إلى أن ما يسعى إليه الجميع في هذه الرؤية معالجة شاملة للخلل الاقتصادي تستهدف جذور المشكلة لا أعراضها، إذ لا يصلح التعامل مع القطاعات الاقتصادية كوحدات منفصلة مع إغفال تسرب آثار السياسات العامة في ما بينها، أو طرح الحلول قصيرة النظر دون اعتبار لآثارها بعيدة المدى، أو ربطها بالحالة المالية للدولة، بحيث تعلو صيحات الإصلاح عند انخفاض سعر النفط وتخفت عند ارتفاعه.
تطرح الدراسة مجموعة حلول متشابكة ومترابطة لوضع الكويت على المسار الصحيح باتجاه الاقتصاد المستدام.
وتشمل الحلول إيجاد قطاع خاص بقيمة مضافة للاقتصاد الوطني، والانفتاح على الأسواق العالمية، ودعم جهود التكامل الاقتصادي خليجياً، وتوسيع القاعدة الاقتصادية، وخلق فرص عمل جديدة عن طريق تعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعريف مفهوم صندوق «الأجيال القادمة» وتوضيح الأهداف من احتياطه، وتحديد إطار عام للأفق الزمني والظروف التي تستدعي السحب منه.
ويأتي ذلك بجانب مراجعة رسوم الانتفاع بأملاك الدولة لمواكبة قيمتها السوقية ورسوم الخدمات العامة وغرامات المخالفات، وترشيد الدعوم الاجتماعية والاستهلاكية بتوجيهها للمستحقين حسب مستوى الدخل تحقيقاً للعدالة الاجتماعية، وتعديل سلم الرواتب في القطاع العام بما يعكس القيمة الإنتاجية لكل وظيفة ويحقق التنافسية مع القطاع الخاص، وفرض ضريبة على أصحاب الأعمال مقابل توظيف العمالة الأجنبية، وتوجيه إيراداتها لتحفيز العمالة الوطنية للعمل في القطاع الخاص وتدريبها.
وتتضمن الحلول المطروحة زيادة ميزانية دعم البحث العلمي ورفع معايير الحصول عليه، وإنشاء هيئة عامة لتنفيذ سياسة الهجرة والإقامة وتنظيم استقدام العمالة الأجنبية وحقوقها وواجباتها.
الموقعون على الورقة د. نواف محمد العبدالجادر د. عبدالرحمن محمد الطويل د. شملان وليد البحر د. ضاري سليمان الرشيد د. سعود أسعد الثاقب د. براك غانم الغربللي د. أحمد محمد أشكناني د. يعقوب أحمد باقر د. محمد ناصر المرزوق د. سليمان حمد البدر د. عبدالرحمن عدنان الرفاعي د. حصة حمد العجيان د. سلمان عباس الجزاف د. سعد أحمد الناهض د. أحمد فوزي القصار د. عبدالله سمير العوضي د. محمد إبراهيم عسكر د. يوسف جاسم عبدالسلام د. أبرار عدنان أبل د. علي عيسى دشتي د. سيد مهدي المهري د. أبرار رضا الحسن د. حسين علي علي د. سارة عيسى خلف د. دلال سليمان أحمد د. زينب منجد البدر د. محمد جعفر غلوم د. إبراهيم خالد الابراهيم د. أسماء عبدالله الفاضل الموقّعون على الورقة حلول 10