يرقى العمل البرلماني إلى القمة مع وجود نظام حزبي، حيث تتشكل الحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية أو بالائتلاف مع الأحزاب الأخرى، إذا لم يتحقق شرط الأغلبية.
يتمتّع هذا النظام بالتوازن والإنتاجية حيث تتنافس الأحزاب على تقديم الأفضل في إنجاز متطلبات الدولة، من خدمات متعددة وتنمية، ناهيك عن انخراط المواطن في تقييم أداء تلك الأحزاب واختيار الأفضل منها، والتصويت له عند موعد الانتخابات، ما يعزّز من المشاركة الشعبية، وتحمّل جانب كبير من المسؤولية تجاه الدولة، وهو أمر مهم في تعزيز الوعي والتثقيف السياسي في المجتمع.
هذا في الدول الديموقراطية الحقيقية، التي مرّت بتجارب طويلة، حتى وصلت إلى ما هي عليه من نظام ديموقراطي، وإن لم يكن مثالياً.
ولأننا في الكويت لم نصل بعد إلى ذلك المستوى من الديموقراطية، نظراً لحداثة تجربتنا بها، وتحفّظ المتحفظين عليها، تظل ممارستها لا تتعدى الانتخابات أو ما يسمى (بالعرس الديموقراطي)، لاختيار أعضاء البرلمان، وربما تراجعت هذه التجربة الوليدة بعد إقرار الصوت الواحد، الذي كانت له تداعيات سلبية على مسيرتنا البرلمانية، وبمعنى آخر إضعافه وعرقلة أدائه الرقابي والتشريعي وقد كان هذا جلياً في أداء مجلس 2016.
وإذا تكرر المشهد نفسه مع مجلس 2020 - الذي يستعد المرشحون لخوض انتخاباته - فلا بد أن تميل كفة المسؤولية فيه إلى السلطة التنفيذية، ويصبح على عاتقها - بالدرجة الأولى - تحمّل معالجة ملفات كثيرة تتعلّق بالأمن والفساد والتركيبة السكانية والقضية الإسكانية والتنمية والوضع الإقليمي وغيرها من ملفات حيوية. ويبقى من غير المنطق التعويل على المجلس، وتحميله مسؤولية الفشل في القيام بمهامه البرلمانية، كما أن ضعف المجلس الرقابي لا يبرر أي تراخٍ، إن وجد من الحكومة المقبلة، في معالجة تلك الملفات، فالأوضاع الداخلية والخارجية تحتّم علينا الجديّة وسرعة المبادرة، وتجنّب تكرار أداء الحكومات السابقة، التي لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تحظ بالرضى الشعبي.
وما تحتاجه الكويت اليوم هو نقلة نوعية تتجاوز زمن المراوحة وإخفاقاته الكئيبة، وعلى الناخب انتقاء الأصلح واجتناب من تحوم حوله الشبهات الفاضحة.