No Script

رؤية

خسرنا حاضرنا وأضعنا المستقبل!

تصغير
تكبير

ينص الدستور الكويتي في مادته السادسة على أن نظامنا الديموقراطي يضمن السيادة للأمة، والحقيقة أن الأمة لم تتسيد قرارها يوماً واحداً، فنحن أبعد ما نكون عن الديموقراطية، القبيلة فينا تقصي أقلها عزوة وإن كان الأكفأ، وطوائفنا تقصي عقلانييها المقربين، كونها ترى أنها وحدها الناجية، وأصحاب المال والنفوذ منا يرون أنهم أصحاب الحق الأصيلين في خيرات البلاد وحق توزيعها، فلم نكن يوماً ولن نكون ديموقراطيين، بسبب الإقصاء، والسعي إلى الهيمنة، والانفراد بالوطن ومقدراته والتهام الكعكة.

دلائل تقصيرنا لا تحصى، ومنها أن القائمين على اقتصادنا منشغلون بعجز الميزانية، كأنه قد طرأ قبل ساعات فقط، رغم تكراره لأكثر من 5 سنوات متتالية، حتى صار أقرب في التعريف الاقتصادي للكساد منه إلى الركود أو العجز، بينما هم يقفون حائرين بلا حلول لزيادة الدخل من أجل مواجهة استهلاك الرواتب، والدعوم لنحو 70- 90 في المئة من إجمالي دخل البلاد.

اقتصادنا منذ بداية صادراتنا النفطية في منتصف القرن الماضي، كان ولا يزال في المجمل أحادي المصدر، لا سيطرة لنا عليه وليس لدينا القدرة على التنبؤ بمستقبله، نبيع معظم إنتاجنا خاماً غير مكرر ولا مصنّع، فمحطات التكرير بالكاد تغطي الاحتياج المحلي من المشتقات البترولية، وبدلاً من أن نبني محطات التكرير ومصانع البتروكيميائيات والصناعات التحويلية داخل البلاد، فإننا نشارك بعض دول العالم الثالث ثروتنا، فنقيم صناعاتنا على أراضيها ونحرم شبابنا من الفرص الوظيفية واكتساب الخبرات الصناعية النادرة، وبينما نحن في حيرتنا صارت سنغافورة الناشئة الخالية من النفط، والتي لا تزيد مساحتها على مساحة إحدى محافظتنا الست، ثالث أكبر سوق عالمي للنفط وثالث أكبر مركز عالمي لتكريره.

سياسياً (داخلياً وإقليمياً ودولياً)، نحن تائهون بين الجهات الأربع.

ضعفنا... كشفه ترددنا في مواجهة جائحة كوڤيد 19 خوفاً من أن نغضب من حولنا، فلا نحن سيطرنا على الجائحة، ولا سلمنا من اللعنات، ولا قلّلنا من الآثار الكارثية للجائحة على اقتصادنا وبقينا مستسلمين لضعفنا، لا نملك حتى السيطرة، على تنظيم أسرّة مستشفياتنا.

في عهد القوة - في مطلع الستينات - بدأنا التعليم النظامي، بداية صحيحة وأقمنا بنية تعليمية تحتية صلبة جيدة وناعمة، وقضينا على الأمية ونافست شهادة الثانوية العامة الكويتية أرقى مثيلاتها، ثم أرهقنا أنفسنا بالتجنيس السياسي والعشوائي، وجلبنا أقل المعلمين مستوى لمدارسنا، فانحدرنا إلى الهاوية، التي نقبع في قاعها اليوم، وتحديداً في المركز 104 بين 140دولة، رغم أن ميزانيتنا للتعليم تعد الأضخم بينها، خليجياً نحن فقط من يتراجع، ولا أحد سوانا انحدر إلى ما بلغناه من مستوى مهين.

تقاعسنا عن إصدار تشريعات رادعة للفساد، فصارت مشاريعنا هي الأعلى تكلفة والأقل جودة بين كل دول الخليج، وبعد أن كان الفساد حكراً على بعض المتنفذين يمارسونه على استحياء، تحت سُتر مكثفة، أصبح غاية لكثيرين يلهثون علناً وراء فرصة ذهبية مأمونة العواقب، وشارك بعض ممثلي الأمة في حماية أباطرته.

صدقنا ونحن نتباهى بحريتنا على النقد، أنها ستأتي بالتغيير وتحقق الطموحات، وبأننا وبتاريخنا في الممارسة الديموقراطية قادرون على الاستفادة منها، بطرح مشروع إصلاحي رشيد متكامل يعالج جوانب القصور التي نعاني منها، كما فعلت سنغافورة وكوريا الجنوبية، إلا أن البعض مارس التصعيد الحاد، والتسابق على «رفع السقف» في تقييم بالغ كثيراً في تقدير تأثير أصحابه على المجتمع الآمن... مما سهّل على الحكومة إصدار تشريعات قيّدت الحريات، التي لطالما تباهينا بها ولم نحسن استغلالها، فهل حقاً خسرنا حاضرنا وأضعنا المستقبل؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي