No Script

بوح صريح

جارتي

تصغير
تكبير

جارتي ربة بيت تقليدية.

تقضي كل وقتها في التنظيف والترتيب والطبخ، وصنع المربات وأنواع المخللات والصلصات.

فنانة ومبدعة في مملكتها الصغيرة.

ورغم أنها جامعية وتتقن الإنكليزية والفرنسية، إلا أنها تفضل شغل البيت والتضحية بكل وقتها وجهدها، من أجل زوجها وأبنائها الثلاثة.

الأكبر جامعي يعمل ويدرس.

والبقية طلبة ثانوي.

ولأنها جميلة الطباع وسخية المشاعر.

كذلك أبناؤها في منتهى الأدب والاحترام.

كأنهم أدركوا الرجولة في سن مبكرة.

مشكلتي الوحيدة هي أنها لا تتركني في حالي.

لا ترن الجرس أبداً.

بل تطرق الباب بأصابعها برقة.

وتنادي باسمي... أحياناً أرد وأحياناً أختار التجاهل والاستمرار في عملي.

سواء رسم أو كتابة.

وحين أفتح لها الباب، إما أن تعطيني صحن أكل قضت النهار تهندسه وتعده، وتشرح ذلك لي بالتفاصيل المملة.

وإما أن تناولني برطمان مربى أو صلصة مع شرح وافٍ... ملح قليل.

سكر اسمر.

«أورجانك»... مع مراعاة ما أفضل وأحب، وكوني نباتية، فأبتسم بحرج وأشكرها قدر الإمكان، بعد أن أكون قد حاولت الرفض مراراً.

لكنها لا تستسلم بسهولة.

وقبل إغلاق الباب - وبينما هي لاتزال واقفة - أرمي لها قبلة في الهواء فيتورد وجهها.

وتعود صبية عذراء مرتبكة.

وكأنها قضت كل هذا اليوم في بخار المطبخ وبين الصابون والغسيل ولائحة الواجبات، حتى تأتي تلك القبلة.

جارتي ربة بيت غير عادية.

كبيرة بأخلاقها واهتمامها وإخلاصها.

لم يلوثها العالم المادي الاستهلاكي.

لم تعرف زيف ونفاق مواقع التواصل.

وليس لها حسابات هنا وهناك.

لذلك هي لا تزال وردة.

ندية نقية عطرة.

لم نصبح أصحاباً لأننا مختلفتان.

لكنني أحتفظ لها بمكانة عزيزة كبرى في قلبي.

أؤمن بأنها أفضل مني بمراحل.

صحيح أنها لم تكتب أو تنشر كتباً أو مقالات.

لكنها فهمت العالم.

ورسمت لها طريقاً جميلاً فيه.

لذلك هي تؤثر في وجداني وتحفر وجودها بقوة فيه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي