No Script

لماذا سيكون العراق «حارّاً جداً» لبايدن؟

هل ينسحب الأميركيون من العراق؟
هل ينسحب الأميركيون من العراق؟
تصغير
تكبير

- توقعات بأن يبدأ العراق قريباً مشوارَه المعمّد بالدم والهجمات والاغتيالات
- الولايات المتحدة لن تسمح بأن تهتز صورتها وتتلقى الضربات من دون رد

في يوليو الماضي، زار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، طهران، ليؤكد أنه لن يقبل بأن يصبح العراق منطلقاً لضرب إيران. وكعادةٍ الإيرانيين الذين يحرصون على فائض من الديبلوماسية، فإنهم لم يتقدّموا منه بأي طلب مباشر، إلا أن الرسالة وصلتْه أثناء وجوده في طهران، عبر وسطاء بين الطرفين لحضّه على بحث عشر نقاط كانت غالبيتها تتناسب مع السياسة العراقية.

وكان على رأس هذه النقاط انسحاب القوات الأميركية من العراق. فأجاب الكاظمي بـ «أنهم - أي الأميركيين - ألزموا أنفسهم بالانسحاب آخِر نوفمبر». فقبِل الإيرانيون هذا الموقف بتحفّظ. وها هو نوفمبر، سينتهي ومعه تنتهي الهدنة التي وافقتْ تنظيمات «المقاومة» على إعطائها للانسحاب الأميركي، بعدما بدا أن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب سيُبْقي قواته في بلاد الرافدين، وتالياً من المؤكد أن العراق سيكون حاراً جداً للرئيس المنتخَب جو بايدن.

الأسبوع الماضي زار قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني بغداد، بدعوة من الكاظمي ليقف على موقف إيران من انسحاب 500 جندي أميركي من العراق. والرسالة التي حملها الكاظمي لإيران من الإدارة الأميركية أن ترامب لن يستطيع أمْر جميع القوات بالانسحاب، كما كان وعد بسبب خسارته في الانتخابات، ولأن الإدارة الجديدة ستقرر، وأن وعد ترامب كان أعطي لاعتقاده بالفوز في ولاية ثانية وتحمُّله مسؤولية الانسحاب.

بالنسبة إلى إيران، فقد حدد موقفها المرشد السيد علي خامنئي الذي قال بصراحة إن «إيران لا تثق بالإدارة الأميركية إن كانت تحت إدارة ترامب أو بايدن أو أي رئيس آخَر، لأن أميركا أعلنت الحرب المفتوحة على إيران وقتلت شعبها بالعقوبات المشدّدة وقتلت جنرالها قاسم سليماني غدراً، أثناء زيارة دعي اليها من رئيس الوزراء العراقي. ونحن لن نرتاح حتى نرى آخر جندي أميركي خارج غرب آسيا».

وعندما استقبل خامنئي رئيس الوزراء العراقي قال له إن «ضيفكم قُتل على أرضكم»، وكأنه يستدعي الشعور العربي بحصانة الضيف وليس الغدْر به، وأن الثأر للضيف يقع على عاتق المضيف أولاً وليس على عشيرة أو دولة المغدور به. ولاعتقاده أن مجتمع العراق العشائري يعي ما يعني ذلك من مسؤولية تقع على أكتاف العراقيين.

وتلقّفت «المقاومة» العراقية خبر عدم رغبة ترامب بالإيفاء بوعده بالانسحاب الكامل، عبر اعتبار القوات الأجنبية، أميركية وغيرها، قواتٍ عدوة محتلّة تخالف قرار البرلمان العراقي الذي صوّت بغالبيته على انسحاب القوات الأجنبية في أوائل العام الحالي.

وكانت هذه «المقاومة» فوجئت بطلب الكاظمي الامتناع عن مهاجمة القوات الأميركية وإعطاء المجال للوعد بالانسحاب. إلا أنها لم تكن تريد الاصطدام مع رئيس الوزراء الذي انتُخب فقط لإجراء الانتخابات النيابية في السنة المقبلة وإنجاز الانسحاب كما أقرّه البرلمان، وهي لن تتجاوب - بحسب العارفين - مع أي مطالب، حتى من ايران، لانتظار نهاية ولاية ترامب وتَسَلُّم بايدن، الذي يُعتبر في رأي هؤلاء أسوأ بكثير من سلَفه لدعمه تقسيم العراق.

ويذكّر هؤلاء بأن الرئيس المنتخب كان صاحب اقتراح تقسيم العراق ثلاث دويلات، وهو الذي قدّم الدعم المطلق لأكراد العراق وسورية وعمل على فكرة استقلال الكرد في دويلة مستقلة لهم. بالإضافة إلى ذلك فإن إدارة بايدن الديموقراطية تعتبر إيران عدوة وهي المسؤولة عن كل العقوبات، وحتى أيام الرئيس باراك أوباما الذي لم يرفع العقوبات حتى بعد توقيع الاتفاق النووي.

وتتوعّد فصائل «المقاومة» أنه بدءاً من منتصف ليل 30 نوفمبر، تُعتبر القوات الأميركية أهدافاً متنقلة وثابتة وان السفارة الأميركية هي أيضاً من الأهداف المشروعة حتى ولو ان إيران تَعتبر أن الهجوم على البعثات الديبلوماسية خطأ.

وثمة مَن يتوقع أنه بعد أسابيع أو أشهر، يبدأ العراق مشوارَه المعمّد بالدم والقتل والهجمات والاغتيالات. فلا العراق سيدير الخدّ الأيسر للإدارة الأميركية التي سمحت لإسرائيل باغتيال قائد لها عبر الطائرات المسيّرة ودمّرت مخازن أسلحة للقوات الأمنية، وقامت بنفسها باغتيال قائدها أبو مهدي المهندس وقائد «محور المقاومة» سليماني.

ولن تسمح الولايات المتحدة بأن تهتز صورتها وتتلقى الضربات من دون رد فعل، إلا إذا قرّرت فجأة الانسحاب وهذا مستبعَد من إدارة بايدن الذي سيترك قوات له في العراق من دون شك. وتالياً فإن العراق سيكون حاراً جداً للإدارة الأميركية الجديدة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي