No Script

بين «أشبيلية 82» و«أشبيلية 2020»

ألمانيا خسرت «الهوية»

تصغير
تكبير

«لم يكن هذا المنتخب الألماني.

كانت حالة من الإغماء التام. العالم بأسره يضحك علينا. هناك مشاكل في القيادة على الملعب.

لم أرَ أيَّ رد فعل من الفريق، لا شيء.

لذلك أنت تحتاج إلى قائد عندما لا تسير الأمور كما يجب. كان توماس مولر ليقود الفريق إلى الأمام، كما يفعل في بايرن ميونيخ خلال المباريات الصعبة».

كلمات ساقها «القيصر» فرانتس بكنباور، أفضل لاعب في تاريخ ألمانيا، وأفضل مدافع على الإطلاق بالنسبة لكثيرين، بُعيد الخسارة المذلّة لمنتخب بلاده أمام مضيفته إسبانيا بسداسية، قبل أيام، ضمن دوري الأمم الأوروبية.

وعندما يتكلم «دير كايزر» في ألمانيا، فإن على الجميع أن يسمع، بيد أن ردة الفعل على ما قال جاءت خجولة، فلا المدرب يواكيم لوف استقال، ولا رجالات الاتحاد المحلي تحرّكت لإقالته.

لا خلاف على أن الاستقرار هو السمة الغالبة في كينونة الكرة الألمانية التي لم تعرف منذ ولادة الاتحاد المحلي في 1900 سوى 10 مدربين للمنتخب الأول، غير أن الشارع المحلي دعا، بعيد «كارثة أشبيلية» إلى رحيل «يوغي» - وهو لقب المدرب - من خلال استفتاءات أبرز الصحف والمجلات وبنسب لم تنزل تحت خط الـ90 في المئة.

الواقع أن ألمانيا مدينة للوف بعودتها إلى القمة في 2014 عندما توجت بكأس العالم إثر نصف نهائي تاريخي فازت فيه على البرازيل المضيفة 7-1 ونهائي صعب تجاوزت فيه الأرجنتين بهدف، ليعود الفريق إلى برلين مكلّلاً بأول لقب لمنتخب أوروبي في أميركا الجنوبية.

ولا ننسى بأن لوف، الذي تسلم مقدّرات المنتخب في 2006، قاد الـ«مانشافت» إلى نهائي «يورو 2008» ونصف نهائي 2012 و2016، فضلاً عن نصف نهائي مونديال 2010.

الفترة الممتدة من 2006 وحتى 2017 كانت مثمرة حيث تكللت بتتويج رائع للوف بكأس القارات التي تسبق المونديال بسنة.

منذ ذلك الحين والعربة تسير إلى الوراء. والحقيقة أن المطالبين بإقصاء يواكيم لديهم ما يسندون به رغبتهم، فقد ودعت ألمانيا مونديال 2018 من الدور الأول للمرة الأولى منذ نحو 80 عاماً ثم خرجت من الدور الأول للنسخة الأولى من دوري الأمم، قبل السقوط الأخير أمام إسبانيا في النسخة الثانية منها بنصف دزينة كانت كفيلة بـ«طرد» أي مدرب.

ورغم تجديد الثقة بلوف عقب اجتماع «حسّاس» مع رئيس الاتحاد إثر العودة من أشبيلية حضره مدير المنتخب أوليفر بيرهوف، غير أن ثمة أعضاء في الاتحاد نفسه عبّروا عن امتعاضهم من تفرد الرئيس بالقرار، وهم ينتظرون تقرير المدرب ليبنوا على الشيء مقتضاه.

وكما درجت العادة في ألمانيا، فإن سياسة «ردة الفعل» غير معتمدة، مع العلم أن امتحاناً معقداً ينتظر الـ«مانشافت» يتمثل في «يورو 2020»، وهي البطولة التي تأجلت إلى 2021 بسبب جائحة «كورونا» وستقام بين 11 يونيو و11 يوليو المقبلين.

الأسوأ من ذلك أن القرعة أوقعت ألمانيا في مجموعة سادسة إلى جانب فرنسا بطلة العالم 2018 والبرتغال بطلة أوروبا 2016 والمجر المتجددة.

ورغم أن نظام البطولة يشير إلى أن بطل ووصيف كل من المجموعات الست بالإضافة إلى أفضل 4 منتخبات في المركز الثالث تتأهل إلى دور الـ16، إلا أن لا ثقة اليوم بلوف وفريقه.

اللافت أن الاتحاد لم يضع خيار الإقالة في الحسبان، علماً أن لا مباريات دولية حتى مارس المقبل، وهي مسافة زمنية كافية لدراسة واقع الحال واختيار جهاز فني بديل.

أخطاء لوف في السنوات الثلاث الأخيرة أكثر من أن تحصى.

فقد توج بكأس القارات 2017 بمنتخب شاب رديف، ثم عاد ليعتمد على «الحرس القديم» في مونديال 2018، قبل أن يعود ليسلك درب «الشباب»، جارفاً في طريقه ثلاثي الخبرة: توماس مولر وجيروم بواتينغ وماتس هاملز.

خطأ لوف أنه أقصى الثلاثي «نهائياً» على الملأ، في وقت كان يجدر به أن يلتقي بهم خلف أبواب موصدة ويبلّغهم بأنه ينوي منح الفرصة للاعبين الصاعدين وبأنه متى ما احتاجهم، سيستدعيهم.

أمّا وقد أقفل الباب تماماً، فإن العودة لطلب المساعدة من «الثلاثي» سيشكل سقوطاً استراتيجياً بالنسبة له.

الظروف لعبت ضد المدرب (60 عاماً)، فقد عاد مولر إلى التألق، فيما عانى المنتخب دفاعياً في ظل انتفاء اللاعبين القياديين في هذا الخط.

عندها ظهرت الحاجة الى الثنائي بواتينغ - هاملز، خصوصاً أن الأول تألق مع بايرن ميونيخ، بينما يعتبر الثاني عنصراً لا غنى عنه في بوروسيا دورتموند.

حسابات لوف الخاطئة جاءت في وقت تزخر به ألمانيا بأسماء لامعة تحتاج فقط إلى حسن توظيف.

تبدو الفوضى سمة المنتخب راهناً، ليس فقط على مستوى القيادة الفنية، بل حتى في التشكيلة التي لم تعرف استقراراً منذ فترة.

لطالما سلّم الألمان بمقولة: إذا كان بايرن ميونيخ بخير، فإن المنتخب بخير.

الفريق البافاري يمرّ راهناً بأكثر مراحله نجاحاً بقيادة مساعد لوف السابق في المنتخب، هانزي فليك، الذي أضاء طريق الفريق منذ نوفمبر الماضي إلى منصات التتويج بالألقاب المتاحة كافة (الدوري والكأس وكأس السوبر المحلية ودوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبية)، بينما يبدو المنتخب عاجزاً تماماً.

في الوقت نفسه، تبدو الأسماء المؤهلة لخلافة لوف «مشغولة» بتدريب أندية.

مدرب ليفربول الإنكليزي، يورغن كلوب، هو «المطلوب جماهيرياً» إلا أن ناديه لن يتخلى عنه، وهو ما ينطبق على توماس توخيل في باريس سان جرمان الفرنسي، وفليك نفسه، مع الإشارة إلى الفوارق الكبيرة في الرواتب بين المنتخبات والأندية.في 8 يوليو 1982، سطر المنتخب الألماني الغربي (سابقاً) ملحمة في أشبيلية، عندما هزم فرنسا 5-4 بركلات الترجيح بعد التعادل 3-3 إثر التمديد في نصف نهائي كأس العالم.

انتهى الوقت الأصلي 1-1، قبل أن يتقدم «الديوك» 3-1 في الشوط الإضافي الأول.

عندها ظهرت «الروحية الألمانية»، فقلص كارل هاينتس رومينيغه الفارق (102) ثم عادل كلاوس فيشر (108) ليذهب الفريقان إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت لألمانيا.

تبدو «أشبيلية 82» بعيدة جداً عن «أشبيلية 2020»، لجهة ردة الفعل والكبرياء.

ترى أين الحلّ؟ بعقلية بعيدة عن الألمان، ستكون إقالة لوف نتيجة منطقية لما حدث في السنتين الماضيتين.

أما بعقلية الألمان، فسيكون الحلّ صبراً «جديداً» بانتظار تتويج لن يكون مستبعداً أو حتى مفاجئاً بقيادة لوف نفسه في «يورو 2020»، على غرار ما يخبر التاريخ عن أمّة لا تسقط... إلا لتعود إلى القمة.

10 مدربين فقط في 120 عاماً!

لا يحصل هذا إلا في أمّة صبورة تمتاز بالتخطيط كألمانيا التي تعتبر إحدى القوى العظمى في كرة القدم.

منذ تأسس اتحاد اللعبة فيها العام 1900، جرت الاستعانة بـ10 مدربين فقط للمنتخب الأول، بمعدل مدرب واحد لكل 10 سنوات، حصدوا خلالها 4 ألقاب في كأس العالم، 3 في كأس أمم أوروبا، فضلاً عن لقب في كأس القارات.

الاستعانة بمدرب منفرد للمنتخب في ألمانيا بدأ في 1926 بعدما كان الفريق يخوض المباريات بلا مدرب ويَجري اختيار عناصره من قبل لجنة متخصصة.

للصبر حدود إلّا في ألمانيا التي أكدت من خلال الإدارة الفنية للـ«ناسيونال مانشافت» بأن الاستقرار هو السلاح الأمضى لتحقيق الأفضل.

فلنتعرف معاً على المدربين الـ10:

أوتو نيرتز

1926-1936

أبرز إنجاز: المركز الثالث

في كأس العالم 1934

سيب هيربرغر

1936-1964

أبرز إنجاز: بطل كأس العالم 1954

هيلموت شون

1964-1978

أبرز إنجاز: بطل كأس أوروبا 1972 وبطل كأس العالم 1974

يوب ديرفال

1978-1984

أبرز إنجاز: بطل كأس أوروبا 1980

فرانتس بكنباور

1984-1990

أبرز إنجاز: بطل كأس العالم 1990

هانز هوبرت (بيرتي) فوغتس

1990-1998

أبرز إنجاز: بطل كأس أوروبا 1996

إيريك ريبيك

1998-2000

رودي فولر

2000-2004

أبرز إنجاز: وصيف كأس العالم 2002

يورغن كلينسمان

2004-2006

أبرز إنجاز: المركز الثالث في كأس العالم 2006

يواكيم لوف

2006 حتى اليوم

أبرز إنجاز: بطل كأس العالم 2014 وبطل كأس القارات 2017

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي