«Oil Price»: تزايد ديون المنطقة يؤخر الإصلاحات الموعودة
الخليجيون يعتقدون أنهم سيضخّون آخر برميل... على وجه الأرض
- 100 مليار دولار سندات سيادية بالمنطقة وخسائر نفطية بالمليارات
- الإفراط باستخدام الديون سينتهي عاجلاً أم آجلاً
لفت تقرير لموقع «Oil Price» إلى أن الاعتماد على خيار إصدار الديون يبدو وسيلة جيدة حالياً للخروج من الأزمة بالنسبة لمنتجي النفط في الشرق الأوسط، لا سيما مع تكبد دول الخليج خسائر مليارية في عوائدها النفطية خلال العام الجاري، متأثرة بتداعيات فيروس كورونا التي كبحت الطلب وتسبّبت بتراجع الأسعار، وعجوزات الميزانية في جميع أنحاء المنطقة الآخذة في الارتفاع، مع اعتماد الإيرادات الحكومية بشكل كبير على النفط.
وأوضحت أن إصدار الديون يسمح لدول المنطقة بسد بعض النقص دون تصعيد إجراءات التقشف القاسية بالفعل، والتي قد لا تحظى بشعبية كبيرة في المنطقة، مؤكداً أنه رغم ذلك، فإن الإفراط باستخدام خيار الديون سينتهي عاجلاً أم آجلاً، وستجد اقتصادات النفط في الخليج نفسها في وضع مألوف للغاية.
وذكر التقرير، قاصداً دول المنطقة «سيأملون ويتطلعون بشدة مرة أخرى، إلى ارتفاع أسعار النفط الذي من شأنه أن يساعدهم على تعزيز أوضاعهم المالية وتصنيفاتهم الائتمانية من أجل أن يكونوا قادرين على إعادة تمويل الديون أو إصدار ديون جديدة بتكاليف اقتراض معقولة»، مرجحاً أن يؤدي تزايد الديون إلى تأخير كل الإصلاحات الموعودة للحد من الاعتماد على النفط في المنطقة أيضاً.
وتوقع أن تستمر الدول المنتجة في الشرق الأوسط في الاعتماد على عائدات النفط، وبالتالي، على سعر البرميل في المستقبل، بغض النظر عن جميع الخطط والتعهدات والأولويات لتعزيز اقتصاداتها غير النفطية وتقليصها، والاعتماد على الطبيعة المتقلبة لسلعة النفط الخام.
وبيّن التقرير أن منتجي النفط في الخليج لا يزالون يعتقدون أنهم سيتغلبون على النفط الصخري الأميركي وجميع منتجي النفط الآخرين ذوي التكلفة المرتفعة وسيكونون هم من سيضخ آخر برميل من النفط على وجه الأرض، لافتاً إلى أن هذا الاعتقاد يبدو أنه يعزز طريقة العمل الحالية لدول الشرق الأوسط النفطية، والتي تعتمد على الاقتراض الآن، والتفكير في أعباء الديون والإصلاحات لاحقاً.
خفض الإنفاق
وبحسب «Oil Price»، سارعت بلدان مصدرة للنفط في الشرق الأوسط إلى زيادة الضرائب وخفض الإنفاق في وقت سابق من هذا العام، لكن هذه الإجراءات لم تكن كافية لاحتواء الضرر، موضحاً أن منتجي النفط الرئيسيين في الخليج عمدوا إثر ذلك إلى زيادة أعباء ديونهم عن طريق إصدار سندات سيادية إلى جانب سندات تتعلق بالشركات، لتبلغ إصدارات السندات في المنطقة بالفعل 100 مليار دولار، متجاوزة الرقم القياسي السابق للسندات الصادرة في 2019.
ولفت التقرير إلى أنه بفضل أسعار الفائدة المنخفضة والشهية العالية من جانب المستثمرين، تنهمك دول المنطقة في زيادة الديون في محاولة لسد الفجوات الآخذة في الاتساع في ميزانياتها العمومية التي تقل فيها أسعار النفط بكثير عن أسعار التعادل لموازناتها المالية، منوهاً إلى أن عملاق النفط السعودي، شركة «أرامكو»، أصدرت سندات متعددة الشرائح خلال الأسبوع الماضي، جمعت من خلالها 8 مليارات دولار، إذ تستغل الشركة سوق السندات الدولية المقوّمة بالدولار للمرة الثانية خلال عامين، بعد إصدار سندات بقيمة 12 مليار دولار العام الماضي في أول إصدار دولي لها، والذي تلقى طلبات شراء تزيد على 100 مليار دولار.
احتياطات النفط
وأضاف التقرير«كما أصدرت إمارة أبو ظبي، التي تمتلك تقريباً جميع احتياطيات النفط في الإمارات، سندات بقيمة 5 مليارات دولار في سبتمبر الماضي، مع استحقاق يشمل شريحة واحدة خلال 50 عاماً، وهي أطول مدة لسند صادر عن مُصدر سيادي على مستوى المنطقة»، لافتاً إلى أن الإصدار الأخير في أبوظبي كان الثالث من السندات خلال العام الجاري، بعد تمكنها من جمع 10 مليارات دولار خلال الربيع الماضي، في حين أصدرت إمارة دبي سندات بقيمة 2 مليار دولار في سبتمبر، وهو الإصدار الأول لها منذ 2014.
وبحسب «Oil Price»، بدأت عملية إصدار السندات السيادية في قطر في أوائل أبريل المنصرم، عندما جمعت 10 مليارات دولار على شرائح تتراوح ما بين 5 و10 و30 عاماً، فيما استطاعت كل من عُمان والبحرين، اللتين تعاني أوضاعهما المالية من مخاطر أكبر من تلك الخاصة بأكبر منتجي النفط في المنطقة، دخول أسواق السندات خلال 2020 أيضاً.
قتل الأوزّة التي تبيض ذهباً
ذكر تقرير «Oil Price» أن منتجي النفط الخليجيين يعملون الآن بنشاط على إدارة الإمدادات إلى سوق النفط بعد انهيار الطلب بسبب «كورونا»، إلا أنه على المدى القريب إلى المتوسط، سيعتمد ارتفاع أسعار النفط على وتيرة تعافي الطلب، مبيناً أنه كلما انتقل السوق بشكل أسرع نحو الاتزان تمكنت الدول النفطية في الشرق الأوسط من تنفس الصعداء والتمتع بأسعار نفط مرتفعة.
وأوضح أنه مع ذلك، وكما أظهرت الدورات السابقة، يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى إلى جعل المنتجين الخليجيين راضين عن أنفسهم وبطيئين في إصلاح الاقتصادات لخفض الاعتماد على الدخل النفطي، مؤكداً أن الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط التي أصبحت غنية وقوية بسبب النفط، لن ترغب أبداً في قتل الأوزة التي تبيض ذهباً.