أطلقوا صرخة لإنقاذهم من هبوط أرقام التراخيص الجديدة
تباطؤ البناء يهدّد بأزمة نظامية... أول ضحاياها المبادرون
- 30 ألف مشروع صغير ومتوسط بالكويت 33 في المئة منها بالبناء والصناعة
- ضغوطات كبيرة أدّت لتدهور المراكز المالية وإفلاس شركات ناشئة عديدة
- أزمة الكساد العمراني قد تطول شركات كبرى
تفاعل عدد كبير من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع القضية التي أثارتها «الراي» في عددها الصادر أمس، بعنوان (أرقام البناء تعمّق جراح الاقتصاد)، حيث أكدوا تأثر قطاعات عديدة بهبوط معدلات البناء، وأن شركات كثيرة وتحديداً المرتبطة بقطاع البناء باتت بلا عمل، لا سيما أن النشاط العمراني كفيل بإنعاش بقية القطاعات الاقتصادية المختلفة، ويساعد على رفع وتيرة النمو في الاقتصاد ككل.
ووفقاً لتقرير صادر من شركة المركز المالي، هناك نحو 30 ألف مشروع صغير ومتوسط في الكويت تمثل 90 في المئة تقريباً من إجمالي عدد الشركات، حيث يعمل 40 في المئة من هذه المشاريع في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم، فيما يعمل 33 في المئة منها في قطاعات البناء والصناعة، لذا فإن انتعاش هذا القطاع يعني زيادة النشاط في هذه الصناعات بالتبعية.
وإلى ذلك، طرح مبادرون عبر «الراي» التحديات المالية التي يواجهها قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الكويت جرّاء هبوط أرقام البناء، مبينين أن تراجع معدلات البناء بمستويات كبيرة، عطّل أعمال العديد من الأنشطة، فيما يلفت البعض إلى أن استمرار هبوط معدلات البناء لفترة أطول قد يضع مئات الشركات على القائمة السوداء لدى البنوك، أو يخفض التسهيلات الائتمانية التي يمكن أن تحصل عليها، مطلقين صرخة لإنقاذ قطاع البناء، أقلّه لحماية لعشرات القطاعات المتداخلة معه.
وبيّن المبادرون أنه منذ بداية 2020 تعرّض الاقتصاد عامة إلى ضغوطات كبيرة، أدت إلى تدهور المراكز المالية وإفلاس العديد من الشركات الناشئة، بعد تأثر تدفقاتها النقدية بصورة بالغة، حيث تراجعت قدرتها على استئناف العمل، خصوصاً في ظل تداعيات كورونا، التي نتج عنها تراجع كبير في الإيرادات وإغلاق موقت للأعمال، منوهين إلى أن التأثير السلبي الحاصل في قطاع البناء أسهم في زيادة الضغوط على مشاريعهم، وسرّع من إفلاس بعضها.
وشدّدوا على أن مضاعفات تباطؤ قطاع البناء والتشييد الاقتصادية أكبر وأوسع من القطاعات الأخرى، مرجحين احتمالية أن يقود الكساد الحاصل في النشاط العمراني إلى أزمة نظامية تطول مجموعة قطاعات، أول ضحاياها المبادرون، وقد تصل إلى شركات كبرى، وتحديداً المتداخلة، مشبّهين قطاع البناء بالمصرفي، باعتبار أن نشاط أي منهما يشكّل محدّداً رئيسياً للمسار التشغيلي للعديد من القطاعات المرتبطة به، علاوة على أن لكليهما دوراً مهماً في دفع عجلة النمو، وتحريك النشاط الاقتصادي في العديد من الصناعات والأنشطة الأخرى المرتبطة بهما.
150 مهنة تدور في فلك النشاط العمراني
وفقاً لبيانات غير رسمية، يتضح أن هناك أكثر من 150 مهنة تدور في فلك النشاط العمراني، فيما يوجد أكثر من 92 صناعة ونشاطاً ترتبط بقطاع العقارات عموماً، مثل المقاولات والديكورات والأخشاب والدهانات، والتكييف والصحي، والنقل، إلى جانب مواد البناء والأثاث والمفروشات، وغيرها من الصناعات المكمّلة لهذا القطاع.
العريان: تعثّر العمران يؤثر على جميع القطاعات
شدّد الشريك المؤسس ونائب مدير عام شركة كونسيبت كوميونيكيشنز للتجارة العامة والمقاولات، حسين العريان، على أن توقف الكثير من المشاريع الحكومية يؤثر بشكل مباشر على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إذ إن المبادرين يستفيدون منها كمقاولين بالباطن، لافتاً إلى أن المشاريع التنموية شهدت انخفاضاً خلال 2019 بينما أجهز «كورونا» عليها خلال العام الجاري.
وأوضح أن قطاع البناء يعد الحلقة الأبرز في الاقتصاد الوطني، ويؤثر بالتبعية على بقية القطاعات، ما يعني أن تداعيات ذلك لا تطول فقط المبادرين العاملين في قطاع المقاولات والإنشاء فقط، بل تمتد لغالبية القطاعات الأخرى.
وفي حين أوضح العريان أن إجراءات الإغلاق ومغادرة الكثير من العمالة أثّر على شركات المبادرين بشكل كبير وزاد الكلفة عليهم نتيجة ارتفاع تكاليف اليد العاملة، أشار إلى تفاؤله خلال المرحلة المقبلة بتخصيص الحكومة للمبادرين حصة من مشروع المطلاع، إلى جانب عودة الحياة إلى المشاريع التنموية وفقاً لخطة الكويت 2035.
اليوسف: مبادرون سيُفلسون إذا لم تدر العجلة
أشار مدير شركة الغراء للتجارة العامة والمقاولات، عدنان اليوسف، إلى أن للتراجع الحاد في عدد تراخيص البناء الصادرة خلال 2020 آثاراً كبيرة على أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال المقالات والبناء، مبيناً أن كثيراً من الأنشطة المرتبطة بهذا القطاع تعثرت أو انخفضت عوائدها بشكل حاد. وأكد اليوسف أن قطاع الإنشاءات والمقاولات يعد محركاً رئيسياً للاقتصاد الوطني، متسائلاً «إذا كانت الأزمة التي يمر بها القطاع سببت خسائر فادحة لشركات كبرى في البلاد، فكيف بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة الأقل قدرة على الصمود في وجه مثل هذه العواصف الاقتصادية؟».
وحذّر اليوسف من أن مشاريع صغيرة ومتوسطة عديدة قد تفلس خلال الفترة المقبلة إذا لم تدر عجلة الكثير من المشاريع المتوقفة، وأن موقفها سيكون صعباً للغاية أمام المقرضين، مشدداً على دور الحكومة في الإسراع لبذل المزيد من الجهود لتحفيز هذا القطاع والحفاظ على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملين فيه.
الديحاني: تراجع القطاع يُضعف تدفقات المبادرين
أفاد المبادر ندا الديحاني بأن تراخيص البناء هي الأساس الذي يحتاج إليه غالبية المبادرين قبل الدخول في أي مشروع، مبيناً أن التباطؤ في هذا القطاع يؤدي إلى وقوع العديد من الأضرار المادية على رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن التأثير على دورة العمل بشكل كامل، لجهة ضعف التدفقات النقدية التي يمكن أن يحصلوا عليها من زيادة نشاط أعمال البناء، كما أنهم سيتأثرون لجهة تجديد الإقامات للموظفين ودفع الرواتب وشراء السلع والمنتجات وإعداد برامج تسويقية متكاملة لها وغيرها، أو بمعنى أدق فإن نشاط البعض سيكون على المحك.
ونوّه الديحاني إلى أن جائحة «كورونا» أوجدت العديد من التحديات على المبادرين، مبيناً أن تراجع إصدار التراخيص بمختلف أنواعها أدى إلى زيادة الضغوط الملقاة على عاتقهم، والتي دفعت في مجملها إلى تفكير العديد منهم بالانتقال إلى تأسيس وإقامة مشاريع في الدول المجاورة التي تعتمد على جذبهم بإجراءات سلسة وسريعة وسهلة، الأمر الذي يضر بالسوق المحلي وبالاقتصاد الوطني ويؤدي إلى تأخير ترتيب الدولة على هذا الصعيد.
العجمي: انهيار السوق يظهر في إحصاءات التراخيص
قال عبدالله العجمي أحد رائدي الأعمال (مالك إحدى شركات المقاولات)، إن سوق الإنشاءات في الكويت كان يُعاني من تقلص حجم الأعمال بالقطاع خلال السنوات الماضية، لتأتي أزمة كورونا وتُجهز على السوق وتهدد كل العاملين فيه، وتصبح المشروعات الصغيرة الأقل قدرة على الصمود أمام حالة الانكماش الحالية.
وأشار العجمي إلى أن انهيار السوق يظهر جلياً في إحصاءات تراخيص البناء التي شهدت تراجعاً حاداً خلال عام واحد، ما عمّق من حجم الأزمة، موضحاً أن «كورونا» استحدث تحديات متشابكة تتعلق بمعدلات الإنجاز وحجم العمالة ومستويات التدفقات النقدية في السوق، ليأتي هبوط معدلات البناء ليزيد الضغط على العديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
المذن: البناء مؤشر للرواج الاقتصادي
حذّر عضو جمعية رواد الأعمال، ضاري المذن، من تداعيات تراجع أعداد تراخيص البناء على أداء المشروعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بصورة وثيقة بأعمال القطاع الانشائي، لافتاً إلى أن قطاع الإنشاءات يُعد المحرك الرئيسي لغالبية الأنشطة الاقتصادية، وأن البعض يعتمد عليه كمؤشر للرواج الاقتصادي، لنشاط العديد من الصناعات والأنشطة المغذية له.
وأكد المذن أنه مع التراجع الحاد في تراخيص البناء يعاني قطاع الإنشاءات انكماشاً ستنتقل تداعياته بصورة تلقائية إلى كل القطاعات المتداخلة معه، ما يزيد التعقيدات التشغيلية أمام أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وقال «هبوط أرقام تراخيص البناء يدق ناقوس خطر، ويستدعي تدخلاً حكومياً لتنشيط السوق كله، بزيادة الإنفاق الرأسمالي»، مبيناً أن الحالة التي يعيشها السوق حالياً أثرت على شركات، وكيانات كبرى لم تستطع تفادي أثار الأزمة.
الناصر: إهدار للأموال ونسف لدراسات المشاريع
ذكر المبادر فهد الناصر أن تراجع معدلات إصدار الترخيص يوقع رواد الأعمال في خسائر مالية كبيرة، ويؤدي إلى إهدار الأموال التي حصل بعضهم عليها من الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أن التباطؤ العمراني ينسف الدراسات التسويقية التي قدمها رواد الأعمال للحصول على التمويل اللازم لإقامة مشاريعهم، لافتاً إلى أن هذا الأمر يؤدي إلى تكبيدهم مئات آلاف الدنانير على الإيجارات، خصوصاً على صعيد القسائم الصناعية.
وبيّن أن التأخير في إصدار التراخيص يحد من حماس المبادرين ورواد الأعمال على إقامة المشاريع، ويؤدي إلى تأخير ترتيب الدولة على المؤشرات التنافسية، كما يؤخر النجاح في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، منوهاً إلى أن هذه الحالة كبّدت المبادرين في الوقت نفسه أكثر من نصف التمويل الذي حصلوا عليه على الإيجارات والرواتب، ما يقود في النهاية إلى حرمان الكويت من إيرادات مليونية سنوية.
وأشار الناصر إلى ضرورة زيادة التنسيق بين الجهات المسؤولة في الدولة من أجل جذب رواد الأعمال وتشجيعهم على إقامة مشاريعهم الخاصة في الفترة المقبلة، مشدداً على عدم وجود أي عذر للتأخير في هذا الصدد، خصوصاً وأن دورة الأعمال عادت مجدداً منذ نحو 3 أشهر على أقل تقدير.