No Script

رؤية ورأي

الحرّيات بين جوهر والشطّي

تصغير
تكبير

العديد من الوطنيين المطالبين باستعادة وتنمية الحرّيات الدستورية في الكويت، لديهم تصوّر مشوّه ومغلوط بشأن السير السياسية لنوّاب حاليين وسابقين. ومن بين الأسباب الرئيسة وراء هذه الحالة الخطيرة، التي قد تكون لها تبعات عكسية في العرس الديموقراطي المرتقب، هو اعتبار واعتماد وسائل التواصل الاجتماعي كمصادر محايدة وموثوقة للمعلومات، وأيضاً التقصير في الاطلاع على تفاصيل الإرث البرلماني للنوّاب في الوثائق الرسمية والمعتبرة.

من أجل التأكيد على ضرورة البحث في المصادر المعتبرة، سأستعرض في هذا المقال درجة التشويه الحاصل في سيرتي نائبين، في ما يرتبط بموقفهما من قضايا الحريات، وهما الدكتور حسن جوهر والمحامي خالد الشطي.

رغم أن الحرّيات من القضايا الساخنة في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها شبه خالية من الإشارة إلى القيود القانونية على الحرّيات التي صاغها وصنعها مجموعة من نوّاب المعارضة. فعلى سبيل المثال، معظم نشطاء الفضاء الإلكتروني يجهلون أو يتجاهلون حقيقة أن جوهر وزملاءه في اللجنة التعليمية (في الدور التشريعي الرابع من مجلس 2003) أقرّوا بالإجماع «إضافة» عقوبة حبس في مشروع قانون المطبوعات والنشر، رغم معارضة الحكومة.

وكذلك الحال بالنسبة لحقيقة أن جوهر وزملاءه في مجلس 2003 أقرّوا تعديلاً في صياغة المادة (19) من القانون، تمت بموجبه إضافة وسائل تعبير عن الرأي خارج نطاق المطبوعات. حيث كان مشروع القانون الحكومي ينص على: «بأي وسيلة من وسائل التعبير الواردة بهذا القانون»، ولكن النص الذي أقرّ المجلس مؤدّاه: «عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسم أو الصور أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر». أي أنهم أضافوا «القول والصياح» ووسائل الإعلام المرئي والمسموع ووسائل تقنية المعلومات إلى قائمة وسائل التعبير المرصودة في قانون المطبوعات ! جسامة عقوبة الحبس التي أضافها جوهر وزملاؤه في اللجنة إلى مشروع قانون المطبوعات والنشر، تنكشف عندما نلاحظ أن أثرها تجاوز حدود ذلك القانون، لأن المخالفة والعقوبة المذكورتين تم اقتباسهما أو استيرادهما إلى قانونين لاحقين هما قانون الإعلام المرئي والمسموع وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

الشاهد الآخر على الانحياز في وسائل التواصل الاجتماعي، هو تَناقُل تصريح جوهر خلال ندوة عقدت في 2019، اعتبر فيه قانون الإعلام المرئي والمسموع أحد القوانين الأربعة القامعة للحريات، والمرتبطة بمخطط الفساد في الكويت؛ وفي المقابل التَغافُل عن كون جوهر مقرر اللجنة التي أعدّت وقدّمت مشروع هذا القانون إلى المجلس في 2007، وكونه أحد المصوّتين بالموافقة على القانون في مداولتيه.

هناك من يعتقد أن موقف جوهر (ورموز المعارضة) من القوانين القامعة للحرّيات قد تبدّل، ولكن المطلب رقم (6) في «وثيقة الكويت» – التي كتبها جوهر – يفنّد هذا الاعتقاد، لأنه تضمن المطالبة بـ «إغلاق ملف الملاحقات والسجناء السياسيين» مستبعداً بذلك الملاحقين والسجناء في قضايا الرأي، وهم كثر، ومنهم من دين بعقوبة الحبس التي أضافها جوهر وزملاؤه في قانون المطبوعات، أو باقتباسات تلك العقوبة في القوانين اللاحقة.

على الضفة المقابلة للمعارضة، انحياز وسائل التواصل الاجتماعي ينجلي بقلّة الإشارة والإشادة بمساعي الشطّي لإلغاء عقوبة الحبس في قضايا الرأي، وجهوده لتعزيز الحريات، ومنها على سبيل المثال الحملة التي تبنّاها لوقف مجازر الكتب في معارض الكتاب السنوية، التي بدأها بسؤال برلماني في 2017 بشأن الرقابة على الكتب، وأنهاها بإلغاء الرقابة المسبقة على الكتب في 2020.

المراد أن المشاركة في الانتخابات واجب وطني، تتطلب التدقيق في سيرة المرشح قبل انتخابه، والتقصير في التدقيق بمثابة خيانة أمانة، وأما حملات تضليل الناخبين فبمثابة خيانة وطن... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي