في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرجل الذي ارتقى بالكويت ودخل بها العالمية

ناصر محمد الساير: الاقتصادي المناضل... معلّم الريادة

تكريم الراحل في إحدى الفعاليات
تصغير
تكبير

- المبادر الناجح والناصح لفريقه والواثق بالشباب والمغامر
- مثّل الكويت في العديد من المحافل العالمية
- ما كان ليتوقف عن العمل والإنجاز قبل أن يتوقف قلبه عن النبض

تحل اليوم الذكرى الأولى لوفاة العم الراحل ناصر محمد الساير، وهو تاريخٌ لا يمكن إغفاله في الكويت، خصوصاً أنه يتعلق برحيل الرجل الذي ارتقى بالكويت ودخل بها العالمية، عبر مبادرات استثمارية عزّزت من قوة الاقتصاد المحلي، بما يجعل المواطن ينظر لماضي الكويت بكل فخر واعتزاز.

في مجتمع الأعمال، خصوصاً لدى نواخذة الاقتصاد، يعرف الراحل، بالمبادر، صاحب الفكر الثاقب، الناصح لفريقه، وهو أيضاً الواثق بالشباب، فيما يحلو للبعض تسميته بالمغامر، المناضل، التاجر، ويصفه المقرّبون الأوائل بأنه «معلّم الريادة والمبادرة»، نسبة إلى شغله مناصب عدة في جمعية المعلمين وغيرها.

ومن الأمور الراسخة في الكويت هو ذلك الارتباط الوثيق ما بين الأصالة والحداثة، فرغم تطور الكويت علمياً واقتصادياً وحضارياً، يمكن القول إن الفقيد شكّل في الكويت معلماً للريادة والمبادرة الاقتصادية، مدفوعاً بفكره الثاقب، الذي جعله يكسبَ الرهان ويقنع «تويوتا» بدخول المنطقة من بوابة الكويت، ليترتب على ذلك رسم صورة مستقبلية للقطاع الخاص الكويتي ليكون قائداً لنهضة البلاد، ولتستمد مع ذلك الأجيال التالية حتى الآن من تاريخه ما يساعدها على تحقيق المزيد من التطور بفضل مثل هذه المواهب والعقلية النابهة اقتصادياً وسياسياً.

أول «لاندكروزر» للشرق الأوسط

ثابر الراحل العم ناصر محمد الساير الذي استقدم إلى الكويت بل إلى الشرق الأوسط أول سيارة «لاندكروزر»، واجتهد مع أبيه وأخيه الراحلين خلال سنوات مديدة ومن بعدها مع أبنائه وأبناء أخيه بدر لبناء مجموعة عملاقة ذائعة الصيت، تندرج تحتها مجموعة من العلامات التجارية العالمية المرموقة في مجال السيارات، وأعمال البناء، والهندسة، والأسمدة، والمعدات الصناعية، وتكنولوجيا المعلومات، والمجال الطبي، ووسائل النقل وغيرها الكثير من المجالات والأنشطة الرائدة على مستوى الكويت.

65 عاماً

مسيرة العم الراحل ناصر محمد الساير والتي تمتد لأكثر من 65 عاماً، تثبت أنه كان مناضلاً، وما كان ليتوقف عن العمل والإنجاز، قبل أن يتوقف قلبه عن النبض، إذ كان محباً للحياة، معطاءً في كل الاتجاهات، مع إجادة دور الأب بكل تفاصيله، بدءاً من الرعاية الأسرية، مروراً بزرع القيم والمبادئ، وانتهاءً بالخوف والحرص الأبوي الفطري.

ولم يتخلّ بومبارك عن النجاح أبداً، كهدف حدّده في طريق طويل له، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يمتلك قصة نجاح ملهمة، لكل شاب وشابة طموحين، خصوصاً وأن رحلته لم تكن ضبابية، فالرجل كان متسلحاً خلالها بالرؤية والتطلع والعمل الدؤوب لينجح في النهاية بترك بصمة حقيقية في نهضة الكويت.

وعمل الراحل على تنفيذ مقولة «لا تذهب حيث يسير الدرب بل حيث لا يوجد درب واترك أثراً خلفك» على أرض الواقع، حتى بات اسمه مقترناً بالنجاح ومواجهة التحديات.

ولم يكن الساير صاحب بصمة في سوق السيارات المحلي فحسب، بل حمل اسم الكويت إلى جميع الدول العربية بمشاريع متعددة، عززت اسمه كنموذج لرجل أعمال مغامر لا يؤمن بالحدود الاقتصادية، وكان حريصاً على العمل بروح الفريق الواحد، ومن أبرز المبادرين الاقتصاديين، وواحداً من الرعيل الأول ممن ساهموا في رسم صورة مستقبلية للاقتصاد الكويتي والقطاع الخاص.

عمل دؤوب

التراث والريادة والازدهار والنجاح والمسؤولية الاجتماعية، عوامل حوّلت مسيرة الراحل العم ناصر محمد الساير إلى قصة نجاح، ورحلة أمل لكل شاب وشابة طموحين على أرض الكويت، في رحلة تقوم على أسس الرؤية والتطلعات والعمل الدؤوب لتؤدي بالنهاية إلى تحقيق الإنجازات.

وبالطبع، فإن رحلة الساير التجارية لم تكن سهلة، ولكنه امتلك جميع سمات التحدي والإصرار على النجاح التي جعلت منه رجل أعمال ناجحاً، لتشكل قصته الناصعة بالإنجازات، خير دليل على أن لا شيء يأتي بسهولة، لكنه حقق النجاح بفضل رؤيته التي تقوم على المبادرة، والوضوح في تحديد الأهداف، والتخطيط الجيد، والانطلاق بالتوكل على الله، وهي عناصر اجتمعت في الراحل، لتجعله نموذجاً يُحتذى في عالم الأعمال.

الحرص على العمل بروح واحدة وفريق واحد للوصول إلى النجاح المرتقب في كل المجالات، ميّز مسيرة الراحل الساير ضمن مجموعة الساير مع أبنائه وإخوته، إذ تمكن بفضل ذلك من التوسع في الكويت والعالم العربي وبقية دول العالم.

ومثّل الراحل الكويت بالعديد من المحافل العالمية، حتى بات اسمه مقترناً بالنجاح ومواجهة التحديات والتغلّب على المعوقات، ما جعل منه رمزاً من رموز الوصول بالكويت إلى العالمية من بوابة شركة «تويوتا» للسيارات، التي بات أول من يمثلها في العالم العربي، والذي ساهم بدخولها إلى أسواق الخليج، بحنكته ونظرته البعيدة للأمور.

أعلى المناصب

نجح العم الراحل ناصر محمد الساير في رفع اسم الكويت في المحافل الاقتصادية العالمية، فكان له ما أراد، مع تحول «الساير القابضة» في بداية رحلتها إلى أحد الرواد في تجارة المواد الغذائية قبل فترة طويلة من اكتشاف النفط في الكويت عام 1930.

وصول الساير إلى أعلى منصب في 12 شركة، يعكس قصة ملهمة لأي شاب أو شابة، مفعمة بالأمل والتطلعات والعمل الشاق، إذ إنها لم تكن من فراغ، بل كانت التجربة هي الجزء الأهم فيها، بما تنطوي عليه من مخاطر، مع الأخذ في الاعتبار أن «الرؤية الواضحة، والتخطيط الجيد، والثقة في الله دائماً، هي أساس النجاح الذي يمهد الطريق نحو القمة».

ومع مرور السنوات، وسّعت «الساير القابضة» أعمالها من صناعة السيارات، لتكون مرجع ثقة ومكان تقديم أفضل خدمة على الإطلاق، حيث تعمل حالياً في قطاعات السيارات والمعدات الثقيلة والتمويل والاستثمار والعقارات والخدمات والتأجير والتجزئة والتأمين وملحقات السيارات والتكنولوجيا والتجارة العامة، وقطاعات المقاولات، والطب، والترفيه.

3 عوامل وضعها الساير في الاعتبار... وهي العملاء والموظفون والشركات الدولية التي تمثلها المجموعة في السوق المحلي، مع اقتناعه بأن هدف أي علامة أو شركة متنامية ومبتكرة، يكمن في القدرة على تحقيق التوازن بين العناصر الثلاثة المذكورة فضلاً عن التفاني الكبير للجودة.

متصل دائماً بالأعمال

كان العم الراحل ناصر محمد الساير حريصاً على الجميع متصلاً بالأعمال دائماً، في المجتمع الكويتي وفي العالم، من خلال تنظيم الأنشطة، ودعم وتشجيع الآخرين على القيام بالأنشطة والفعاليات التي تعود بالخير على الجميع.

وشقّ الساير طريقه مع أبيه الراحل محمد الساير، وأخيه الراحل بدر إلى اليابان «بلاد الشمس المشرقة» لاستقدام أول مركبة من «تويوتا» إلى الكويت والعالم العربي برمته.

واعتبر الرجل الذي ينحدر من عائلة امتهنت التجارة قبل اكتشاف الكويت للنفط بأكثر من 20 عاماً، التعليم أقوى سلاح يمكن استخدامه للتغيير، فركّز في بداية حياته على التعليم، فاستطاع إتقان 3 لغات إلى جانب العربية، وهي الإنكليزية، والفارسية، والأوردية، ومزج كل ذلك مع الخبرة التي اكتسبها من مرافقته للتجار، وتعلم أسرار المهنة منهم.

وبدأ الساير تجارته للسيارات، باستيراد سيارتي «سكودا» عام 1954، لكنه لم يجد الطلب عليهما في الكويت، إلا أن ذلك لم يثنه عن متابعة مسيرته بكل كد وتعب، فهو من قال إن «لا شيء يأتي بسهولة» فاستمر بمراسلة الشركات الأخرى لاستيراد بضائعها حتى قاده حبه للصيد والقنص لتعلّقه بـ«لاند كروزر» رآها في إعلان نشرته مجلة «الريدرز دايجست» عن «تويوتا»، فاستورد أول سيارتين في 1954، وباعهما إلى دائرة الأشغال، ثم زار اليابان في 1955، للقاء مديري «تويوتا» وتوثيق العلاقة بينه وبينهم فحظي بثقتهم وأصبح وكيلاً لها في الكويت، وشرق المملكة العربية السعودية، ودبي، والبحرين، وقطر، ولبنان.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي