No Script

سافر إلى ذاتك

مبيدات بشرية...

تصغير
تكبير

(كلما قلّ عدد الذين يدخلون حياتك، كنت أكثر نقاءً وأكثر سذاجة وأقل ذكاءً وبالتأكيد أكثر حرية).

عبارة جميلة كتبتها باقتناع متطابق مع قناعاتي في العلاقات، ومتنافٍ مع قناعاتي في الحياة، فأنا أرى أنه كلما قلّ عدد الناس الذين يدخلون حياتنا، كنا الأقل حظاً في صنع تجربة بشرية ناجحة، نستحقها حقاً.

إلا أننا نكتب لأن التعبير هواء، والكتابة روح، تجعلنا نعرف أننا ما زلنا على قيد السطور قادرين على التعبير، وسط زمن سرقت منه السوشيال ميديا القدرة على الكتابة، وفي زمن تاه القلم عن أصابع تعبيرنا المطلق.

كما تاه اللسان عن صدق التوافق مع مشاعرنا... فضاع الجميع، (نحن وأقلامنا وكتبنا)، ولم يبقَ سوى المبرمجين منا.

من هم ؟ لا نعلم، من أين أتوا ؟ لا نعرف، متى أتوا ؟ لم نكن في تلك اللحظة واعين.

وعند خزي كل ما سبق، كان الخزي التالي أشد وطأة على قلبي.

فأنا لا أملك إجابة عن قانون القوة والضعف الذي أراه في كل دقيقة، بل كل ثانية أمامي، يأكل البشر بعضهم، وكأن الصراع الحقيقي في الحياة هو صراع الأرواح، الكل يعطي نفسه صلاحية تدمير الآخر لسبب مخزٍ، كخزي كل هذه الفقرة وخزي الأمثلة التالية: لأنه أكثر كفاءة أو أكثر مالاً أو أكثر جمالاً حتى أنه في كثير من الأحيان لا يهم السبب المهم أن الصراع قائم وإن كان بلا سبب، ولأن الخبرة بطبيعة مجرى الحياة تتكون من القانون التالي = (عدد مرات الموقف المؤلم * الزمن الذي تم فيه هذا الموقف + عدد الأشخاص الذين كرروا معك الموقف ذاته)، تكون الإجابة أنه من الضروري أن تبتعد عن تقليص الأشخاص في حياتك، ومن الضروري جداً أن تكون لك خبرة في حياتك، تأتي من كثرة عدد الأشخاص الذين تتعرف عليهم والمواقف التي تخوضها معهم، فهناك قانون يُسمى (قانون الترتيبات الكوني)، الذي ينص على أن الناس علاقات تكميلية تكمل بعضها، فالناقص عند أحدهم زائد عند الآخر لتحقيق التوازن البشري.

إلا أنه طالما كل ما سبق من المفترض أن يكون صحيحاً فلماذا إذاً... الخلافات على التفاصيل التافهة قبل الكبيرة ؟ لماذا الاستبداد والنظرات الدونية والفوقية لدرجات البشر الفكرية والاجتماعية ؟ لماذا نحن مشغولون بغيرنا عن أنفسنا ؟ والكثير من الـ لماذا في مختلف التفرعات.

وبينما كنت أتساءل عن كل ذلك، وجدت كما أجد دائماً، أن الخلل في الفرد ذاته، فلو كف كل واحد منا عن فكرة «النزاعية» عن الآخر لانتهى الشر، لعم السلام، لعشنا في هدوء وسكينة، إلا في نمط التفاوت في نفسيات البشرية،وفكرة المدينة الفاضلة التي تكاد تكون مستحيلة، ليس لاستحالة تحقيقها، بل لعدم رغبة بعض البشر في العيش براحة، فنفوسهم تميل إلى النزاع وتستلذ به، ولأن ما سبق هو حقيقة نفسية.

السؤال هنا: ما ذنب النفوس النقية ؟ وكيف تتعايش مع كل ذلك ؟ الأمر بسيط جداً، اصنع لك مبيداً بشرياً فكرياً، فكرته أن ترسل شعوراً غير لفظي بأنك لا تتوافق مع الشخص المؤذي، (كإيماءات في الوجه أو تجاهل في الكلام أو نفور جسدي)، فيبتعد كردة فعل غير لفظية لرفض تردد في جسدك، شاهده، واستشعره، ووصل إليه، ما ولد شعوراً داخله يشبه شعورك تجاهه وهو الانزعاج، فتكون النهاية هي الابتعاد، نتيجة الشعور السام المتبادل بينكما، كم هو رائع هذا المبيد الشعوري، الذي وظيفته تخليصك من كل شخص يؤثر على حياتك بالسلب،وتخليصك من كل شخص يمتص طاقتك... وتحريرك من كل وسط يزعجك، حتى تتنظف حياتك وتستطيع أن تخالط بها الجميع.

عزيزي القارئ... كل ما تحتاجه في الحياة هو مواجهة المسألة لا الهروب، لذلك إياك أن تغلق أبوابك لمجرد أن خبرة سيئة مع نفوس تميل للنزاع البشري آلمتك، بل افتح أبوابك لتنعم بالرائعين، وتستمتع معهم،وتضع يدك في ايديهم لتصل إلى القمة.

أما البقية فلا تنس أنك صنعت (هنا) مبيدات بشرية، فكرية وشعورية، تستخدمها سلوكياً عند الحاجة ومن دون أن تضر أحداً.

‏Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي