تعطل كمبيوتر غسالتي. وتداخلت البرامج وأصبح من الصعب تشغيلها كالسابق.
اضطررت للاتصال بالوكيل الذي أرسل مهندساً لمتابعتها ثم أخذها معه لإصلاحها وإعادة برمجة شريحة الكمبيوتر.
لم تتحرك الغسالة من مكانها لسنوات طويلة.
لكن حتى البرامج الإلكترونية لها عمر افتراضي.
أول يوم من دونها كان غريباً. مكانها فارغ.
وكل ما كان مرتباً حولها، بدأ يتزعزع كأنه بغير نظامه المعتاد.
في الأيام التالية ومع تراكم الغسيل وتقديم بعض تنازلات بسيطة.
بدأت أمور الترتيب و«التوضيب»، وحتى الكتابة والرسم وإنهاء المهام تتداخل ولم يعد شيئاً منظماً ومنطقياً.
ليست المسألة اختفاء الغسالة لبضعة أيام.
بل نظام حياتنا النفسي المرتب والمنظم ضمن سياق، منه تشغيل الغسالة وترتيب الغسيل النظيف في مكانه واستمرار دورة الحياة.
حين انتزعت الغسالة من هذا النظام.
تداعى كل ما كان ينتظم حولها. كالمكعبات التي تتناسب لترسم لوحة جميلة، الآن بات ينقصها جزء.
أو بيت الشعر الذي سقط منه كلمة أو صورة أو تعبير.
كل ما نعتمد عليه من أجهزة في حياتنا.
ليس مجرد أمور تشغيلية ديناميكية أو ترف.
بل أساسيات تتناغم مع بعضها لتمدنا بالراحة المطلوبة لإنجاز عملنا ووظائفنا وإبداعنا.
حتى انسجام نفوسنا ووضوح فكرنا واتزان الحالة النفسية والصحة العقلية... كلها تنتظم مع كفاءة ثلاجة وغسالة وبوتاغاز وفرن ومكيف... لسنا مضطرين إلى الترفع عن أي منها أو التقليل من شأنها.
لأننا من دونها سنعيش حالة من الفوضى والقلق.
*** يقال عندما فشل الرجل في وصف المرأة. اخترع الموسيقى.
وحين فقدت المرأة حريتها.
اكتشفت الشعر حين قصوا لسان ناطق الحق.
اخترع الرسم وحين حاول الأعمى وصف رائحة الزهور وطعم الثمر، ابتكر العطر...
لحظة الفرح سريعة قصيرة عابرة أما الإبداع فيأتي من قهر وألم وجرح وحرمان.