دراسة مقارنة بين القانونين الجديد والقديم

ملاحظات على «قانون الإفلاس»

قانون الإفلاس الجديد 71 / 2020 ألغى القانون القديم 2/ 2009
تصغير
تكبير

- كيف ستتم معاقبة المرتكب إذا اكتشف أن طلبات مقدمة وفقاً للمرسوم الملغى بُنيت على معلومات غير حقيقية أو غش وتدليس؟
- المشرع أخطأ بإلغاء المرسوم وكان الأجدر أن يستدرك أن الإلغاء لا يسري على الجرائم المرتكبة
- كيانات ومناصب تطبيق القانون:
- تضخم الأجهزة لا يوافق تسهيل الإجراءات وبما له تكلفة مالية على الدولة وعلى المدين
- تضارب مصالح بين عمل الأمين والمراقب والمفتش ولجنة الإفلاس فرغم اختلاف مهامهم هم من سجل واحد
- التنظيم السابق في قانون التجارة أكثر مرونة وأكثر اتساقاً وأقل تكلفةً ولا يؤدي إلى تضارب المصالح
- الاتجاه في القانون الجديد:
- تشدّد وتضييق النطاق في إثبات الجريمة لصالح المفلس والتخفيف في إجراءات رد الاعتبار له
- اعتماد قيم المال على قيم النزاهة وهو اتجاه خطير ومناف لخلق البيئة التجارية الصالحة
- رد الاعتبار للمفلس:
- النص جاء لمصلحة المفلس بالتدليس وفيه تضييق على سلطة التحقيق لإثبات القصد الجنائي وهو توجه غير محمود
- إضافة للنص شرط «إذا كان أي من ذلك من أسباب توقفه عن الدفع» لصالح المفلس ويضع عبء الإثبات على جهة التحقيق
- النص لا يجرم الأمين في حال إعطائه بيانات غير صحيحة تتعلّق بالتفليسة وهو اتجاه غير سديد في تضييق نطاق العقوبة
- غير موفق إزالة حق المحكمة برد الأموال من تلقاء نفسها ولو صدر حكم بالبراءة والنص القديم أكثر دقة وتحوطاً وعدالة وبُعد نظر

حذرت دراسة مقارنة أجراها الدكتور أحمد المليفي، من أن قانون الإفلاس الجديد يتجه إلى خلق بيئة انحراف عن الفهم الحقيقي لمفهوم البيئة الصالحة للأعمال.

واعتبر المليفي في مقارنته بين قانوني تنظيم الإفلاس الملغى 2 / 2009، والجديد الذي أقره مجلس الأمة 71 /2020، أن الاتجاه في القانون الجديد، يتجلى في التشدد وتضييق النطاق في اثبات الجريمة لصالح المفلس، والتخفيف في إجراءات رد الاعتبار له، وهو اتجاه خطير ومناف لخلق البيئة التجارية الصالحة، كما أن النص الجديد جاء لمصلحة المفلس بالتدليس وفيه تضييق على سلطة التحقيق لإثبات القصد الجنائي وهو توجه غير محمود.

وفي ما يلي نص الدراسة:

على نحو ما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون 71 /2020، فإن سبب إصداره يرجع إلى الآتي: «اعتباراً للتطورات القانونية والفقهية الحديثة، التي طرأت خلال التسع والثلاثين سنة، منذ سريان قانون التجارة 68/ 1980، فيما تضمنه من الأحكام المنظمة للإفلاس وما انتهجته الدولة من ضرورة تطوير وتحسين بيئة الأعمال القائمة، للإسهام في تحويل الكويت إلى مركز مالي في المنطقة. وتأكيداً لتعزيز الاستقرار المالي للمؤسسات المالية في الدولة، لمعالجة أوجه القصور التي تكشف عنها التطبيق العملي للقانون 2 / 2009 في شأن تعزيز الاستقرار المالي للدولة».

وهنا نسأل... هل القانون 71 / 2020 يحقق الأهداف في مذكرته الايضاحية وسعى الى تحقيقها؟

• من خلال الملاحظات على القانون المذكور، يمكن الإجابة على السؤال أعلاه بالإيجاب أو النفي، إذ ستناقش هذه الدراسة باختصار غير مخل، ما جاء بالقانون، وذلك على شكل مقارنة بين بعض النصوص المنظمة للإفلاس في قانون التجارة التي تم الغاؤه، وبين النصوص التي جاءت بديلاً عنها في القانون الجديد، وسنضع عليها ملاحظاتنا التي تبيّن الفرق بينهما، وفقا للتفصيل بالبنود الآتية: -

• أولاً: المادة الخامسة من القانون الجديد

-«يلغى المرسوم بقانون 2/ 2009 المشار إليه، وتلغى المواد من (555 إلى 800) من المرسوم بقانون 68/ 1980 المشار إليه، وتلغى المواد 292، الفقرة الأولى والثانية والرابعة من المادة 293، 294، 295، 296 من المرسوم بقانون 38/ 1980 المشار إليه. كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق».

ما يهمنا الإشارة إليه في هذا المقام، ما تضمنته المادة من إلغاء للمرسوم بقانون 2 /2009 في شأن تعزيز الاستقرار المالي للدولة، حيث إن المرسوم بقانون هدف إلى تعزيز الاستقرار المالي للدولة، من خلال ضمان الدولة، ولمدة لا تتجاوز 15 سنة، من تاريخ إصدار الضمان العجز في المخصصات المحددة، التي يتعين تكوينها مقابل محفظة التسهيلات الائتمانية والتمويل القائم لدى البنوك في 31 /12 /2008، كما تضمن الدولة 50 في المئة من التمويل الجديد الذي تقدمه البنوك المحلية الى عملائها من كافة قطاعات النشاط الاقتصادي المحلي المنتجة، والذي يتم استخدامه محلياً وبحد أقصى أربعة آلاف مليون دينار، لإجمالي التمويل الجديد، المقدم خلال العامين 2009 و2010.

ونظراً لأهمية وخطورة هذه الأهداف، ولما سيتحمله المال العام لتحقيقها من تكلفة، قدرها وزير المالية السابق مصطفى الشمالي في تصريح بتاريخ 15 /3 /2009 (كونا)، بقيمة تصل الى 1.5 مليار دينار، فقد أورد المرسوم 2 /2009، في الباب الرابع منه في المواد من 22-27 عقوبات جزائية لمن يحصل لنفسه أو لغيره على فائدة، وفقاً لهذا القانون بطرق غير مشروعة، كأن يخفي واقعة موجودة أو اصطناع دينا أو مستندا، أو تصرف يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 5 سنوات، وبغرامة لا تزيد على 5 آلاف دينار (المادة 22)، وكذلك يعاقب بذات المدة السابقة، كل من تقدم أو أدلى الى احدى الجهات القضائية أو الجهات الرسمية ببيانات أو معلومات غير صحيحة، أو ارتكب غشا أو تدليسا في البيانات أو المعلومات المقدمة، بغرض الاستفادة من احكام هذا المرسوم بقانون (المادة 23).

كما نصت المادة 24 من المرسوم بقانون المذكور على أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص أفشى أو استغل لنفسه أو لغيره أي معلومات أو بيانات وصلت إليه في شأن تطبيق أحكام هذا المرسوم بالقانون، كما نصت (المادة 27) منه على كل من يخالف من البنوك والشركات أحكام هذا المرسوم بالقانون أو لائحته التنفيذية أو ما يصدره بنك الكويت المركزي من قرارات أو تعليمات تنفيذا له يطبق بنك الكويت المركزي عليه الجزاءات المنصوص عليها في القانون رقم 22 لسنة 1968 المشار إليه.

• ومن ثم فإنه بإلغاء المرسوم، يكون ما ارتكب من جرائم ومخالفات للحصول على استفادة لنفسه أو لغيره بصورة غير مشروعة، سواء تم اكتشافها ومعروضة على المحاكم، او تحت يد سلطات التحقيق، أو ما سيتم اكتشافها لاحقاً، لن تعد جرائم يعاقب عليها القانون، حتى وان استفاد منها الشخص لنفسه أو لغيره لانتفاء الجريمة عن الفعل بعد الغاء المرسوم بالقانون، كما لا ينطبق عليها القانون القائم، تطبيقاً لقاعدة (عدم رجعية القوانين الجزائية على ما وقع من أفعال قبل إقرارها ما لم تكن في صالح المتهم)، لاسيما وإن آثار المرسوم الملغى في شأن تعزيز الاستقرار المالي، لازالت مستمرة وفقاً لما جاء في قانون الإفلاس إذ نص في مادته الثانية على استمرار الطلبات المقدمة وفقا لقانون 2 /2009 المقدمة للدائرة المنشأة، وفقا للمادة 15 منه، والزم هذه الدائرة بإحالتها من تلقاء نفسها الى دائرة الإفلاس، بالحالة التي تكون عليها بدون رسوم، كما نصت المادة على استمرار الأحكام الصادرة بتصديق خطة الهيكلة الصادرة وفق أحكام المرسوم بقانون 23 /2009 قائمة ومنتجة لأثرها.

- السؤال الذي يثار هنا: لو تم اكتشاف أن الطلبات المقدمة والأحكام الصادرة بتصديق خطة الهيكلة، وفقاً للمرسوم الملغى، قد بنيت على معلومات غير حقيقية أو غش وتدليس، فكيف سيتم معاقبة مرتكبها بعد الغاء المرسوم بقانون بما يتضمنه من عقوبات جزائية؟ بلا أدنى شك، إن المشرع أخطأ بإلغاء المرسوم بقانون 2/ 2009، دون أن يحتاط لهذا الوضع أو يضع في عين الاعتبار تلك المسألة ذات الأهمية البالغة، إذ كان من الأجدر عليه أن يستدرك هذا الإلغاء في (مادة سادسة) بحيث يورد فيها على أن هذا الالغاء المنصوص عليه في المادة الخامسة المتعلق في مرسوم القانون رقم 2 لسنة 2009 في شأن تعزيز الاستقرار المالي للدولة لا يسري على الباب الرابع منه المتعلق بالعقوبات، ليطبق على الجرائم التي ارتكبت قبل تاريخ العمل بهذا القانون، ليغلق الباب أمام افلات الجاني من جرائمه، باستغلال هذه الثغرة الخطيرة.

• ثانيا: أوجد قانون (الإفلاس الجديد) كيانات ومناصب عدة لتطبيق القانون، بجانب محكمة الإفلاس المنصوص عليها في المادة (4) منه.

• مثالب التقسيم في قانون الإفلاس الجديد:

1- تضخم في الأجهزة لا يتوافق مع الرغبة في تسهيل الإجراءات.

2- بناء على البند الأول، فإن التضخم والتعدد في الأجهزة له تكلفته المالية على الدولة وعلى المدين.

3- التضارب بالمصالح بين عمل الأمين والمراقب والمفتش ولجنة الإفلاس، فكل هؤلاء الأعضاء، رغم اختلاف مهامهم، فهم من سجل واحد وهو مرخص من هيئة أسواق المال، أو مسجل لديها في سجل مراقبي الحسابات، فيمكن أن يكون الشخص في تفليسة أمين وفي تفليسة أخرى مراقب، وفي أخرى مفتش، وقد يكون كذلك عضوا في لجنة الإفلاس، الأمر الذي يؤدي الى تضارب المصالح فيما بينهم، عند ممارسة صلاحياتهم ومهامهم المختلفة.

وعلى ذلك، فلو رجعنا الى التنظيم السابق في قانون التجارة لوجدناه أكثر مرونة وأكثر اتساقاً وأقل تكلفةً، ولا يؤدي إلى تضارب المصالح.

لذلك نرى: إنه كان من الأجدر بالمشرع، الاكتفاء بإدارة الإفلاس والأمين، مع تزويدها بالصلاحيات المطلوبة، وأن يكون المفتش والمراقب من ضمن أجهزة إدارة الإفلاس، مع إلغاء لجنة الإفلاس لعدم جدواها وتكلفتها على ميزانية الدولة.

• ثالثا: الجرائم والعقوبات:

حيث إنه وبالاطلاع على الفصل الأول (الجرائم والعقوبات في الباب الثامن – الجرائم والعقوبات ورد الاعتبار)، نجد أن الاتجاه في القانون الجديد نحو التشدد وتضييق النطاق في اثبات الجريمة لصالح المفلس، والتخفيف في الإجراءات برد الاعتبار للمفلس المدلس، واعتماد قيم المال على قيم النزاهة، وهو اتجاه خطير ومناف لخلق البيئة التجارية الصالحة، وهو ما سوف نراه، وفقاً للتفصيل الآتي:

أ‌- بالنسبة للقانون الجديد: نصت المادة 277 منه، على أنه: يعتبر مفلساً بالتدليس، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على 100 ألف دينار، أو بإحدى العقوبتين، كل مدين صدر حكم نهائي بشهر افلاسه، وثبت ارتكابه بعد توقفه عن الدفع أحد الأفعال الآتية:

1- إخفاء دفاتره كلها أو بعضها أو إتلافها أو تغييرها بقصد الإضرار بدائنيه.

2- التصرف في أمواله بعد توقفه عن الدفع أو بعد أن أصبح في حالة عجز في المركز المالي، متى كان ذلك بقصد أقصاء هذه الأموال عن دائنيه.

3- اختلاس جزء من ماله أو اخفائه بقصد الإضرار بدائنيه.

- ويقابل المادة المذكورة بالنسبة للقانون الملغى: نص المادة 788: يعتبر مفلساً بالتدليس ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات، كل تاجر شهر افلاسه بحكم نهائي، وثبت أنه ارتكب بعد توقفه عن الدفع أحد الأعمال الآتية:

1- أخفى دفاتر أو أتلفها أو غيرها.

2- اختلس جزء من ماله أو اخفاه.

ونلاحظ بوضوح، أن المشرع في النص الجديد أضاف إليه اشتراط ووجوب توافر قصد الاضرار بالدائنين، وهذا الشرط لم يكن موجوداً في النص السابق الملغى، باعتبار أن مجرد إخفاء الدفاتر أو اتلافها أو اختلاس المال أو اخفاءه، دليل على نية الاضرار بالدائنين دون حاجة الى اثبات، وبلا شك بأن هذا التزيد والإضافة في النص الجديد جاءت لمصلحة المفلس بالتدليس، وفيها تشديد وتضييق على سلطة التحقيق في نطاق اثبات القصد الجنائي، وهو توجه غير محمود.

ب‌- بالنسبة للقانون الجديد: تنص المادة (279) منه على أن «يعتبر مفلساً بالتقصير، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبالغرامة التي لا تزيد على 20 ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مدير أشهر إفلاسه بحكم نهائي، وثبت ارتكابه أحد الأعمال الآتية:

- إنفاق مبالغ باهظة على مصروفات الشخصية أو مصروفات منزله، إذا كان أي من ذلك من أسباب توقفه عن الدفع.

- الامتناع عن تقديم البيانات التي يطلبها منه قاضي الإفلاس أو الأمين أو محكمة الإفلاس أو محكمة الاستئناف.

- ويقابل المادة بالنسبة للقانون الملغى: نص المادة (790) والتي تنص على أن: يعد مفلساً بالتقصير، ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 3 سنوات كل تاجر شهر افلاسه بحكم نهائي، وثبت أنه ارتكب أحد الأعمال الآتية:

1- أنفق مبالغ باهظة على مصروفاته الشخصية أو مصروفات منزله.

2- امتنع عن تقديم البيانات التي يطلبها منه قاضي التفليسة أو مديرها، أو تعمد تقديم بيانات غير صحيحة.

• ويلاحظ أنه في البند الأول، اضيف للنص شرط، وهو "إذا كان أي من ذلك من أسباب توقفه عن الدفع»، وهو شرط غير متوافر في النص القديم الملغى، ولا شك بأن هذا الشرط يكون لصالح المفلس ويضع عبء الاثبات على جهة التحقيق.

كما إنه وفي البند 3 تم الغاء شطر المادة الأخير من النص القديم وهي «أو تعمد تقديم بيانات غير صحيحة» وبالتالي فإنه بذلك يكون القانون الجديد يعاقب على الامتناع دون أن يعاقب على تقديم بيانات غير صحيحة كما كان الوضع في النص الملغي في المادة 790 من قانون التجارة.

ج ـ بالنسبة للقانون الجديد: تنص المادة (282) منه على أن: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات، وبالغرامة التي لا تجاوز 100 ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل أمين اختلس مالاً للمدين أثناء قيامه على ادارتها».

يقابل هذه المادة في (التنظيم الملغى المادة 793) إنه:

1- يعاقب مدير التفليسة بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات إذا اختلس مالا للتفليسة، اثناء قيامه على ادارتها.

2- ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 3 سنوات إذا تعمد إعطاء بيانات غير صحيحة تتعلق بالتفليسة.

وهنا يقصد مدير التفليسة، وهو ما يعادل الأمين في القانون الجديد، وذلك يكون القانون الجديد قد اخرج الأمين من المسؤولية الجزائية، في حالة تعمد إعطاء بيانات غير صحيحة.

• ونجد أن النص الجديد أخذ بالبند الأول فقط من النص القديم الملغى (وألغى البند الثاني) وأصبح بذلك لا يجرم الأمين في حال اعطائه بيانات غير صحيحة تتعلق بالتفليسة التي يديرها، وهو اتجاه في تضييق نطاق العقوبة غير سديد، ويفتح المجال للسلوك الخاطئ دون تجريم، وكان النص القديم أكثر شمولاً واحكاماً مما جاء به النص الجديد.

د- بالنسبة للقانون الجديد: نصت المادة (283) منه على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات، كل من سرق أو اختلس أو اخفى مالاً للمدين، مع علمه بصدور قرار افتتاح إجراءات شهر إفلاسه، ولو كان زوجا له أو من اصوله أو فروعه أو أصول أو فروع زوجته. وتقضي المحكمة من تلقاء ذاتها برد الأموال، وللمحكمة أن تقضي بناء على طلب ذوي الشأن بالتعويض عند الاقتضاء.

- يقابل هذا النص في القانون الملغى: نص المادة 794 والتي تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات، كل شخص سرق أو أخفى مالا للتفليسة، ولو كان الشخص زوجا للمفلس أو من أصوله أو فروعه. وتقضي المحكمة من تلقاء ذاتها برد الأموال، ولو صدر الحكم في الجريمة بالبراءة. وللمحكمة أن تقضي بناء على طلب ذوي الشأن بالتعويض عند الاقتضاء.

• ويلاحظ أن النص الجديد قد عدّل على النص القديم في المادة 794، بحيث أزال حق المحكمة برد الأموال من تلقاء نفسها ولو صدر حكم في الجريمة بالبراءة، وهي إزالة غير موفقة فقد يصدر حكم بالبراءة نتيجة لخطأ في الإجراءات أو بسبب لا ينفي ارتكاب الجريمة، وبذلك فيُلزم القاضي بالبراءة، دون أن يمنحه الحق في منع المجرم الذي فلت من العقوبة الجزائية من الاستفادة من عمله الاجرامي بالحصول على الأموال. فقد كان النص القديم أكثر دقة وتحوطاً وعدالة وفيه من بُعد النظر في كل نص.

علماً أن الإضافة واردة في نص المادة 795 من القانون القديم،وتبناها المشرع في القانون الجديد في المادة 284.

• رد الاعتبار: المفلس بالتدليس: يعد تاجراً منحرفاً ومسيئاً للعمل التجاري ومعرقلاً للنظام الاقتصادي، لذلك حرص المشرع على تشديد العقوبات عليه، إرهاباً له عن التدليس والتهرب عن سداد ديونه، ومعاقبة له إذا مارس هذا السلوك المنحرف، لأن العمل التجاري يقوم على الثقة المتبادلة، ولا يمكن لبيئة تجارية أن تكون جاذبة، مالم يسيطر عليها الثقة في التعامل ويحاسب كل من يحاول المساس بها.

لذلك جاء قانون التجارة الكويتي مطبقاً هذه الفلسفة في تنظيم الإفلاس، ونص في المادة (733) على، أنه: «لا يجوز رد الاعتبار الى المفلس الذي صدر عليه حكم في إحدى جرائم الإفلاس بالتدليس، إلا بعد انقضاء 10 سنوات من تاريخ تنفيذ العقوبة أو العفو عنها، أو سقوطها بمضي المدة». وهذا النص جاء حاسما بما يعكس نظرة المشرع آنذاك لقيمة الثقة والنزاهة التي يجب أن يمارس فيها العمل التجاري، وبكونها رأس المال للإنسان وعمود الاستقرار للنظام.

إلا أنه للأسف جاء (القانون الجديد) لينقض هذه المبادئ ويخالف تلك القيم ويربط شراء النزاهة بالمال، حيث نص في المادة (296) الواردة في (الفصل الثاني من الباب الثامن – رد اعتبار المفلس) على أنه: «لا يجوز رد الاعتبار للمفلس الذي صدر حكم عليه بالإدانة في إحدى جرائم الإفلاس بالتدليس، إلا بعد انقضاء 3 سنوات على تنفيذ العقوبة، أو العفو عنها، أو سقوطها بمضي المدة، أو انقضاء مدتها، إذا حكم بوقف تنفيذها، بشرط أن يكون قد أوفى بجميع ديونه من أصل وفوائد ومصروفات، أو اتفق على صلح في شأنها مع الدائنين ونفذ شروط الصلح. فإذا لم يكن قد اوفى بديونه فلا يجوز رد اعتباره، إلا بعد انقضاء عشر سنوات على تنفيذ العقوبة أو انقضاء مدتها إذا حكم بوقف تنفيذها، أو على العفو عنها، أو سقوطها بمضي المدة».

وزاد في التسهيل واليسر على المفلس المدلس باستثناء آخر، حينما أورد بنص في المادة (297 من القانون الجديد) على أنه: يجوز الحكم برد الاعتبار للمفلس بالتدليس وله لم ينقض الميعاد المنصوص عليه في المادة السابقة في الحالتين الآتيتين:

1- إذا انتهت التفليسة بتنفيذ شروط الصلح، ويسري هذا الحكم على الشريك المتضامن في شركة حكم بإشهار افلاسها، إذا تم التصالح مع الشريك، وفق شروط صلح خاصة بالشريك، وقام الشريك بتنفيذ شروطها وانتهت التفليسة بالنسبة له.

2- إذا أثبت أن الدائنين قد ابرأوه من جميع الديون التي بقيت في ذمته بعد انتهاء التفليسة.

• بلا أدنى شك... بأن هذا التوجه خطير في التعامل مع المفلس الذي صدر عليه حكم بالإدانة بتخفيف الإجراءات عنه، وتقديم مصلحة المال على السمعة وهو تقديم مخالف للعمل التجاري وخلق بيئة صالحة لتاجر صالح.

• من جماع ما تقدم، وعلى هدي من هذه الملاحظات سالفة البيان، نجد أن قانون الإفلاس الجديد قد جاء تحت غطاء وشعار ((خلق بيئة صالحة بتخفيف العقوبات على المخطئ وتجاوز القيم الإنسانية الحقيقية بقيم الدينار والنقود))، وهو توجه ينم عن انحراف في الفهم الحقيقي لمفهوم البيئة الصالحة للأعمال.



أسباب وأهداف القانون

حددت الدراسة أسباب إصدار القانون الجديد لتنظيم الإفلاس، كالآتي:

1- مراعاة للتطورات القانونية والفقهية التي طرأت، منذ سريان قانون التجارة 68/ 1980، فيما تضمنه من الأحكام المنظمة للإفلاس.

2- تطوير وتحسين بيئة الأعمال القائمة، للإسهام في تحويل الكويت الى مركز مالي في المنطقة.

3- معالجة أوجه القصور التي تكشف عنها التطبيق العملي لقانون 2 / 2009 في شأن تعزيز الاستقرار المالي للدولة.



كيانات ومناصب تطبيق القانون

1- الأمين: شخص مرخص له من الهيئة أو مسجل لديها في سجل مراقبي الحسابات، بتولي المهام المبينة بهذا القانون.

2- المراقب: شخص مرخص له القيام بأعمال الأمين، ويتولى متابعة تنفيذ إجراءات التسوية الوقائية وإعادة الهيكلة وشهر الإفلاس من خلال ما يتلقاه من المدين أو الأمين والدائنين من معلومات.

3- المفتش: شخص مرخص له القيام بأعمال الأمين ويقوم بالتفتيش في جميع أعمال المدين وسجلاته أو التفتيش في عمليات أو وقائع محددة وتقديم تقرير عنها.

4- إدارة الإفلاس: برئاسة قاض لا تقل درجته عن مستشار وعضوية عدد كاف من وكلاء المحكمة وقضاتها ويسمون «قضاة الإفلاس» تختارهم الجمعية العامة للمحكمة في بداية كل عام قضائي وقد أوضحت المواد (7 إلى 10) كيفية تشكيل الإدارة واختصاصاتها.

5- لجنة الإفلاس (المادة 11): وهي لجنة أو أكثر تشكل بقرار من الوزير من ثلاثة أشخاص على الأقل من الأشخاص الذين يجوز لهم القيام بمهام الأمناء، وفقاً لهذا القانون ويجوز أن تضم اللجنة أعضاء آخرين من ذوي الخبرة في الشؤون المالية أو القانونية أو الاقتصادية. ويحدد القرار الصادر من الوزير بتشكيل اللجنة رئيسها ونائبة ومدة ونظام عملها والقواعد التنفيذية والاجرائية التي تمكنها من ممارسة اختصاصاتها والمكافآت المقررة لأعضائها. ويكون للجنة فرق عمل اداري لمعاونتها في انجاز مهامها يعين أو ينتدب بقرار من الوزير...».

- حدد قانون التجارة الملغى، الكيانات على الوجه الآتي:

1- قاضي التفليسة: هو نفسه رئيس الدائرة التي تنظر دعوى الإفلاس «المادة 566» من قانون التجارة، وهو يقابل إدارة الإفلاس في القانون الجديد.

2- التحري: من يجوز للمحكمة أن تندبه من أعضاء النيابة العامة «المادة 565» وهو من يقابل المراقب والمفتش في القانون الجديد.

3- (مدير التفليسة المادة 566 من قانون التجارة): يقابل الأمين العام في القانون الجديد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي