بالقلم والمسطرة

السلطان عبدالحميد والمسرحية الفرنسية !

تصغير
تكبير

استكمالاً لمقالتي السابقة وكانت بعنوان (مكر مكارون!)، والمتعلقة بالكاريكاتيرات الفرنسية المسيئة لمقام النبي الكريم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، تذكرت حادثة في التاريخ الإسلامي، وذكرت في أكثر من مصدر ومن ضمنها الموقع الالكتروني (ترك برس)، في مقالة بعنوان (السلطان عبدالحميد يمنع عرض مسرحية مسيئة في أورويا)، للباحث المتخصص في التاريخ العثماني الدكتور مصطفى الستيتي، ومما ذكر في مقالته أنه في عام 1890م ألّف ماركي دو بونييه من أعضاء الأكاديمية الفرنسية «دراما» بعنوان «محمد»، وسلمها إلى الكوميديا الفرنسية، ثم نقلت الصحف خبراً عن الشروع في إجراء التدريبات اللازمة لتقديم المسرحية، وأن ممثلاً سيؤدي دور نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وتحتوي المسرحية على إساءة ونيل من الشخصية المعنوية لمقام النبي عليه الصلاة والسلام.

لم يتأخر موقف السلطان عبدالحميد، وعقد العزم على وضع حد لهذا التصرف بالطرق التي يراها مناسبة. أرسل على الفور خطاباً إلى رئيس الجمهورية الفرنسية سادي كارنوت عن طريق السفير العثماني في باريس صالح منير باشا. وذكر أحمد أوجار في مقال له في مجلة «التاريخ والحضارة» بعنوان «تدخل عبدالحميد الثاني في الساحة الأوروبية»، أن مطلع الخطاب الذي أرسل إلى الرئيس الفرنسي بهذا الخصوص كان على النحو التالي: «حول التحضيرات المسرحية باسم حضرة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام». وهذا المطلع يفيد بأن المسرحية تتجاوز بعدها الفني إلى لعبة صراع حقيقية.

كما قام عبدالحميد الثاني بتوجيه تحذير شديد اللهجة عن طريق السفير الفرنسي في إسطنبول كونت مونبيللا، بل ووصل الأمر إلى التهديد بقطع العلاقات الفرنسية العثمانية في حالة ما إذا سمح بعرض المسرحية في فرنسا. وبالفعل كانت نتيجة هذه التحذيرات الجدية والصارمة أن تم التراجع عن عرض المسرحية. غير أن الكاتب كان مصرّاً على عرضها فتوجه إلى خارج فرنسا وتحديداً إلى إنكلترا التي كانت في مقام الولايات المتحدة الأميركية اليوم، والتمس عرضها هناك معتقداً أن ضغوط عبدالحميد لن تجدي نفعها هناك.

بيد أن جهود عبدالحميد أفلحت في إلغاء عرض المسرحية. وتمكن عبدالحميد بفضل العلاقة الجيدة التي كانت تجمعه مع وزير الخارجية الإنكليزي اللورد ساليسبوري من استصدار قرار يمنع عرض المسرحية في جميع الأراضي الإنكليزية. (انتهى)، إن ذلك جزء من المقالة التي تؤكد على موقف السلطان وتعامله الصارم مع المسرحية الفرنسية، لذا يجب ألّا نقف مكتوفي الأيدي أمام المسيئين للإسلام ورمزه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وانظروا إلى تراجع ماكرون عن تصريحاته المسيئة ما يدل على أن الضغط الإسلامي، خصوصاً الاقتصادي الشعبي بالذات يساعد في ردع من يسيء ورسالة للآخرين بأن الحرية في التعبير لا تكون بالتطاول على الأديان والأمم، والله عز وجل المعين في كل الأحوال.

ahmed_alsadhan@hotmail.com Twitter @Alsadhankw

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي