No Script

الرئيس اللبناني وجّه رسائل للأقربين والأبعدين «قلتُ كلمتي ولن أمشي»

عون «تَجَرَّع» تكليف الحريري وتوعّده في... «حَلَبة تأليف» الحكومة

عون يتحدث للإعلاميين بعد توجيهه كلمة إلى اللبنانيين	 (أ ف ب)
عون يتحدث للإعلاميين بعد توجيهه كلمة إلى اللبنانيين (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- لودريان: كلما تأخر تشكيل الحكومة «غرق المركب أكثر»

... إلى معركةِ التأليف دُر! أعلنها الرئيسُ اللبناني ميشال عون عشية استشاراتٍ نيابيةٍ لتكليفِ زعيمِ «تيار المستقبل» سعد الحريري اليوم، تشكيلَ حكومةٍ لإدارة أعتى أزمةٍ ماليةٍ - اقتصاديةٍ «أَطْبَقَتْ» على «بلاد الأرز» المحاصَرة بزنّار النار الإقليمي وصراعاته اللاهبة.وجاءت الكلمةُ التي وجّهها عون إلى اللبنانيين و«نواب الأمة» ظهر أمس، مدجَّجةً بالرمزيات والخلاصات والرسائل في كل اتجاه، وإن كانت اختصرتْها معادلةٌ تعكس واقعياً «الزاويةَ الضيّقة» التي بات العهدُ يتحرّك فيها ومفادها بأن رئيس الجمهورية «سلّم بتسمية الحريري ولن يستسلم في التأليف» الذي صارَ عملياً حلبةَ مكاسَرةٍ وجهاً لوجه بين عون وفريقه بقياده صهره جبران باسيل وبين زعيم «المستقبل» الذي يعود إلى رئاسة الحكومة من خارج منطوق التسوية التي حملتْه مجدداً إلى السرايا على متن «المغامرة الكبرى» بفتْح أبواب القصر الجمهوري أمام «الجنرال» (في 2016) وعلى أنقاضِ خطٍّ أحمر كان عنوانه «الحريري وباسيل معاً في الحكومة أو خارجها».

ووفق أوساطٍ مطلعة، لم يكن سهلاً على عون أن يعلن بين سطور رسالته «لا للحريري لرئاسة الحكومة» وأن يكون مضطراً في الوقت نفسه لتَجَرُّع الكأس المُرّة بحصول الاستشارات النيابية المُلزْمة (اليوم) التي لا يَحتملُ أثمانَ تأجيلها للمرة الثانية على التوالي، لا داخلياً ولا خارجياً، وأن تبدو عودة زعيم «المستقبل» وكأنها انكسارٌ لرئيس الجمهورية الذي كان جلياً أنه تَوجَّه في خطابه إلى حلفائه أكثر من خصومه، بعدما «قَفَزوا» فوق رغبته بتلازُم التكليف والتأليف وتَفادي تسليف الحريري ورقة تَفَوُّقٍ تُضْعِف الموقع التفاوضي لباسيل، وصولاً إلى ما اعتُبر محاولةً أخيرة (من عون) لاستدراج طلبٍ من الأحزاب الحليفة بإرجاء الاستشارات والتوجّه إلى النواب ضمْناً بعدم تسمية زعيم «المستقبل» فـ «حكِّموا ضميركم وفكّروا بآثار التكليف على التأليف».

وفي موازاة هذه القراءة واعتبار خصوم للعهد أن إطلالة عون ومخاطبته «الأقربين والأبعدين» تعبّر عن «عَجْزٍ وعزلة»، فإن أوساطاً سياسية رأت أن رئيس الجمهورية بدا أقرب إلى «تلقيم السلاح» لمرحلة ما بعد التكليف الذي سيحترم نتيجته «إذ لا فيتو لديّ على أحد»، وإلى «تَوَعُّد» الحريري بأنه سيُلاقيه في «حلبة التأليف» فـ «أنا قلتُ كلمتي ولن أمشي وسأبقى أتحمل مسؤولياتي في التكليف والتأليف، وفي كل موقف وموقع دستوري، وبوجه كل مَن يمنع عن شعبنا الإصلاح».

وإذ اعتبرتْ هذه الأوساط أن مسار التأليف ستشدّه قوتا دفْع متقابلتيْن، خارجية تقودها فرنسا بغطاء أميركي لإمرار حكومةٍ وفق برنامج العمل الذي حددتْه مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون وبنودها الإصلاحية على قاعدة «الأولوية لحكومةٍ قبل انهيار الهيكل على رؤوس الجميع»، وداخلية تتقدّمها حسابات عون وفريقه بمحو آثار ما ظُهِّر على أنه «هزيمة التكليف» ومنْع تَمدُّد الخسائر بتداعياتها المتدحْرجة على وضعيّة باسيل في الانتخابات الرئاسية المقبلة وحتى رفْع بطاقة صفراء بوجه ما بدا «محْدلةً» محلية أدارت الظهر لـ «التيار الوطني الحر»، فإنها دعتْ إلى رصْد ما إذا كان «حزب الله» في وارد بدء إعطاء إشارة «التعويضُ آتٍ» لعون انطلاقاً من استشارات اليوم وذلك عبر عدم تسمية الحريري، ما سيعني اضطرار الحزب إلى الضغط على حلفاء له كانوا أعلنوا عدم التصويت لزعيم «المستقبل» (مثل اللقاء التشاوري) وضمان أن يصوّت الآخَرون له (مثل القومي). علماً أن كتلاً مثل الطاشناق (هو جزء من تكتل باسيل) بات محَرجاً بتسمية الحريري بعد السقف العالي لكلمة رئيس الجمهورية.

ويشي هذا الأمر بأن تكليف اليوم سيكون تحت معاينة لصيقة لأي مفاجآتٍ يمكن أن تسبب إشكالياتٍ مثل تعمُّد تكليف الحريري بغالبيةٍ غير مريحة (وخصوصاً تحت النصف زائد واحد رغم أنها ليست شَرْطية دستورياً) وإمكان استخدام هذا الأمر لإحراج زعيم «المستقبل»، أو تجيير كتلة باسيل الأصوات لرئيس الجمهورية ليتصرّف بها، رغم الاقتناع بأن الحريري الذي لفت اتصاله أمس برئيس كتلة «القومي» أسعد حردان وامتنع عن أي ردّ على عون قبل وضْع ورقة التكليف في جيْبه، ما زال ماضياً في خيار «إدارة الظهر لأيّ استفزاز».

وكان عون انطلق في كلمته من «الصورة الكبرى» التي يتم فيها رسم خرائط وتوقيع اتفاقات وتنفيذ سياسات توسعية أو تقسيمية قد تغيّر وجه المنطقة، قبل أن يوجّه «مضبطة اتهام» للحريري ومن قبله سياسات والده الرئيس رفيق الحريري «والوعود التخديريّة بالإصلاح (...) وحين حملتُ مشروع التغيير والإصلاح رفع المتضررون المتاريس بوجهي».

وسأل: «هل يمكن إصلاح ما تم إفساده باعتماد السياسات ذاتها؟ (...) أين نحن من التدقيق الجنائي في مصرف لبنان؟ إنّ صمت أيّ مسؤول وعدم تعاونه بمعرض التدقيق الجنائي يدلان على أنّه شريك بالهدر والفساد». وأضاف: «اليوم مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك بالتأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم مَن يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح؟ هذه مسؤوليتكم أيها النواب».

وفي حوار مع الصحافيين أكد عون رداً على سؤال حول مطالبته بحكومة تكنوسياسية «لم أطالب بأي نوع من الحكومات، والاستشارات هي التي تحدد شكل الحكومة»، معلناً في سياق آخر «خسرتُ سنة و14 يوماً حتى الآن من عهدي بسبب تأليف الحكومات السابقة التي كانت برئاسة الحريري. و(قامت قيامة) الجميع عليّ لأنني أخّرت الاستشارات أسبوعاً، وقلتُ له إن هناك مشاكل أحاول أن أحلها، وقد عددتُها اليوم».

وفميا تحدث عن محاولاتٍ «ما زبطت» من أصدقاء مشتركين بين الحريري وباسيل لجمْعهما أخيراً، توقف عند أن «الدول الأساسية في الجامعة العربية تغيّرت مواقفها في المواضيع الأساسية والدول الأخرى تلحق بها، وسنصبح شيئاً فشيئاً في عزلة، ونحن الدولة العربية الأصغر، لذلك أسأل اللبنانيين عما يجب فعله».وفي باريس (أ ف ب)، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان، أمس، لبنان إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة.

وحذّر امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ من أنه «كلما تأخرنا، غرق المركب أكثر. إذا لم يقم لبنان بالإصلاحات التي يجب القيام بها، فإنّ البلد نفسه معرّض للانهيار».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي