أعرب عن الثقة بحسن اختيار الشعب والتطلع إلى مجلس جديد على قدر التحديات
الغانم: التناكف السياسي أضاع من وقتنا الكثير
- لم يحدث منذ أكثر من عشرين عاماً أن أتمّ مجلس الأمة عمره الدستوري كاملاً
- شهدنا تصعيداً سياسياً ومحاولات يائسة كانت تسعى على الدوام إلى حل المجلس
- نتطلع إلى مجلس يحمل هموم الشعب ويغلّب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية
- نحتاج مجلساً يحافظ على استقرار الوطن وأمنه من كيد الكائدين وعبث العابثين
- نريد مجلس أمة يضع يده على الجروح المفتوحة ليداويها لا لينثر الملح عليها
- أمام المجلس القادم تحديات وملفات لا تحتمل التأجيل في طليعتها قضايا العجز في الميزانية
- القضية الإسكانية لم تحظَ بالرعاية الكافية فضلاً عن التهميش المجحف لقضايا التعليم
- ملف الهوية الوطنية ومعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية استمر متروكاً للمزايدات السياسية والتكسبات الانتخابية
شدد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم على أن مقياس الإنجاز البرلماني والنجاح الحكومي مرتبط بالمواجهة الشجاعة للقضايا المصيرية والتصدي الجاد للتحديات الكبرى، لافتاً إلى أن أمام المجلس المقبل تحديات وملفات لا تحتمل التأجيل.
وقال الغانم في كلمته بالجلسة الافتتاحية إن في طليعة تلك التحديات والملفات قضايا العجز في الميزانية وانخفاض أسعار النفط والإصلاحات الاقتصادية الضرورية وتنويع مصادر الدخل والقضية الإسكانية وتطوير مناهج التعليم.
وأشار إلى أن «التناكف السياسي أهدر جهودنا وأضاع من وقتنا الكثير، وشهدنا تصعيداً سياسياً ومحاولات يائسة كانت تسعى على الدوام إلى حل المجلس»، مبيناً أنه لم يحدث منذ أكثر من عشرين عاماً أن أتمّ مجلس الأمة عمره الدستوري كاملاً.
وبيّن أن «الواجب علينا ككويتيين أن نوجه خطابنا السياسي في هذه المرحلة الحرجة باتجاه القضايا التي لا تحتمل التأجيل والتسويف والتجاهل.. القضايا التي تشكل قنابل موقوتة.. القضايا التي تمثل تهديداً حقيقياً لرخاء بلادنا ومستقبل أولادنا، لنتداعى إلى تبنيها ونتحد في توليها وأن نوحد جهودنا في حلها ومعالجتها، وأن يكون ذلك بطرح واقعي وفق برنامج زمني عملي بعيداً عن الخطابات العاطفية والأساليب الفوضوية القائمة على المزايدات الانتخابية والمهاترات السياسية».
وفي ما يلي نص كلمة رئيس مجلس الأمة:
حضرة صاحب السمو أمير البلاد ها نحن على مشارف انتهاء الفصل التشريعي الخامس عشر ليتم المجلس بذلك عمره الدستوري كاملاً وهذا الأمر لم يحدث منذ أكثر من عشرين عاماً.
لقد دار المجلس دورته وأتم مدته بفضل الله سبحانه ثم بدعم القيادة السياسية الحكيمة والتعاون النيابي على الرغم من الظروف الاستثنائية التي شهدناها والمتمثلة في الجائحة الصحية التي اجتاحت العالم، وبالتصعيد السياسي الذي تمخض عن عدد غير مسبوق من الاستجوابات وبهيمنة قضايا شديدة الحساسية على المشهد السياسي، فضلاً عن المحاولات اليائسة التي كانت تسعى على الدوام إلى حل المجلس، إلا أن المجلس أكمل مدته الدستورية كاملة وفقاً لرغبة فقيدنا الكبير طيب الله ثراه ورغبة سموكم حفظكم الله ورعاكم.
مضت أربع سنوات من العمل البرلماني الدؤوب وتوشك صفحتها أن تنطوي بإنجازاتها وإخفاقاتها وإيجابياتها وسلبياتها، ليرجع بعد ذلك ممثلو الشعب إلى الشعب مرة أخرى ليقول كلمته الفصل بتجديد الثقة لمن يراه أهلاً لها وبحجبها عن من يراه دون مستوى المسؤولية والتحدي والطموح، واثقين بحسن اختيار الشعب متطلعين إلى مجلس جديد يكون - بإذن الله - على قدر التحديات الوطنية الداخلية والخارجية.
مجلس يعرف كيف يحدد الأولويات وكيف يضع الإستراتيجيات وكيف يضبط الأجندات وكيف يضطلع بالمسؤوليات.
مجلس يضع يده على الجروح المفتوحة ليداويها لا لينثر الملح عليها.
مجلس يتبنى ما هو مستحق على المستوى الوطني لا الهامشي من القضايا ولا إلى التناكف السياسي الذي أهدر جهودنا وأضاع من وقتنا الكثير. مجلس يحمل هموم الشعب على عاتقه ويجتهد في تلبية احتياجاته وتحقيق طموحاته. مجلس يغلب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية.
مجلس يحافظ على استقرار الوطن وأمنه من كيد الكائدين وعبث العابثين.
مجلس يتعاون مع حكومة قوية متجانسة لتنفيذ خارطة طريق واضحة لمواصلة مسيرة بناء البلاد ومحاربة الفساد.
إن أمام المجلس القادم تحديات وملفات لا تحتمل التأجيل، ملفات بعضها مزمن وبعضها الآخر مستجد، وهنا يؤسفني أن أقول بأنها لم تحظَ بما تستحق من الاهتمام والتركيز، بل تم التعاطي معها باعتبارها قضايا هامشية لا يعبأ بها ولا يلتفت إليها يأتي في طليعتها: قضايا العجز في الميزانية وانخفاض أسعار النفط والحاجة الملحة إلى إصلاحات اقتصادية ضرورية وتنويع مصادر الدخل لضمان استمرار العيش الكريم للمواطن والأجيال القادمة. كما لم تحظَ القضية الإسكانية بالرعاية الكافية وهي قضية تشغل بال كل أسرة كويتية تنتظر بيتاً يجمعها ومسكناً يلم شملها، فضلاً عن التهميش المجحف لقضايا التعليم وتطوير المناهج وطرق التدريس وتشجيع البحث العلمي التي شهدت في السنوات الأخيرة تراجعاً مخيفاً، ناهيك عن تجاهل الملف الشائك الذي يخشى كثير من السياسيين الاقتراب منه وهو ملف الهوية الوطنية ومعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية هذا الملف الذي بقي عقوداً بلا حلول عملية ولا معالجات واقعية واستمر متروكاً للمزايدات السياسية والتكسبات الانتخابية، فلم يتم إنصاف المستحقين ولا كشف زيف المدعين والمزورين.
هذا وإن مقياس النجاح الحكومي والإنجاز البرلماني سيظل دائماً مرتبطاً بالمواجهة الشجاعة للقضايا المصيرية والتصدي الجاد للتحديات الكبرى.
لذا فإن الواجب علينا ككويتيين أن نوجه خطابنا السياسي في هذه المرحلة الحرجة باتجاه القضايا التي لا تحتمل التأجيل والتسويف والتجاهل.. القضايا التي تشكل قنابل موقوتة.. القضايا التي تمثل تهديداً حقيقياً لرخاء بلادنا ومستقبل أولادنا.
لنتداعى إلى تبنيها ونتحد في توليها وأن نوحد جهودنا في حلها ومعالجتها، وأن يكون ذلك بطرح واقعي وفق برنامج زمني عملي بعيداً عن الخطابات العاطفية والأساليب الفوضوية القائمة على المزايدات الانتخابية والمهاترات السياسية.
ذكرى صباح الأحمد عالقة في المكان ... والعزاء أن حامل الراية نواف الأحمد
استهل الغانم كلمته باستذكار الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه، وتجديد التعزية لسمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وتهنئته بتسلم مقاليد الحكم، وتزكية ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد.
وقال الغانم: اسمحوا لي أن أستهل كلمتي بذكرى غالية في نفسي عزيزة على قلبي، ماثلة في وجداني يهتز لها كياني، لا يغيب عني خيالها ولا يخطر لي نسيانها، إنها ذكرى جبلنا الأشم وبدرنا الأتم سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه الذي اعتدنا على مدى سبع سنوات وعند افتتاح كل دور انعقاد على الأنس بمخاطبته والغبطة بمجاورته.
كنت أشعر كلما التفت إليه -وأنا أخاطبه- أني في حضرة وطن باذخ وشعب شامخ في حضرة تاريخ سياسي عريق وإرث حضاري سامق في حضرة تجربة قيادية فريدة وحكمة ملهمة رشيدة.
فهذا المقام - بحق - يذكرني بالأمير الإنسان الذي ما زالت ذكراه عالقة في أركان المكان وستبقى -بإذن الله- حاضرة في كل زمان يخفق لها الجنان ويهتز لها الوجدان.
على أن ما يعزينا عن فقده من تسلم الراية من بعده وهو صنوه في الكفاح وشريكه في النجاح حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد - حفظه الله ورعاه- الذي تولى مسؤولية البناء وواصل مسيرة العطاء بروح وثابة وهمة عالية وعزيمة قوية ولسان حاله يقول: نبني كما كانت أوائلنا تبني ونصنع مثل ما صنعوا.
ولا غرو في ذلك فأنت - يا سمو الأمير- ابن تلك المدرسة العريقة التي أنجبت قادة حكماء وسادة نجباء نشروا على بلادهم جناح الفضل والبذل وحكموها بالمساواة والعدل.
فباسم الأمة أعزيك مجدداً - يا سمو الأمير- برحيل من كنت له سنداً في الملمات وعضداً في المعضلات.
وباسم الأمة أهنيك - مرة أخرى - على تولي مقاليد الحكم في البلاد أميراً حكيماً ووالداً رحيماً وأباً للسلطات وحارساً للدستور وأميناً على مصالح الوطن والمواطنين.
سمو ولي العهد ... العدالة والحزم
قال الغانم في كلمته: كما أهنيكم يا صاحب السمو حفظكم الله ورعاكم على مبادرتكم المباركة بسرعة تزكيتكم لولي عهدكم الأمين الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، وعلى مبايعة ممثلي الأمة له بالإجماع في جو مفعم بالسعادة والسرور والغبطة والحبور جددت فيه الكويت طرح مثالها الاستثنائي الرائد ونموذجها التاريخي الراشد في الانتقال السلس والهادئ لمقاليد الحكم في البلاد في فترة زمنية قياسية.
لقد كانت تزكيتكم لسمو ولي العهد مبعث أمان ومحل اطمئنان، فبايعته الأمة ولياً للعهد وهو رجل عرفه الكويتيون بالاستقامة والعدالة والحزم، فتبوأ في نفوسهم المكان اللائق به من المحبة والتقدير بدوره الفاعل وعطائه الحافل على مدى خمسين عاماً أرسى فيها- في جميع المناصب التي تقلدها- مبدأ العدل والمساواة وعدم المداهنة والمحاباة.
وفقك الله لما يحب ويرضى يا صاحب السمو وسدد على درب الحق والخير خطاك ومتعكم وولي عهدكم الأمين بموفور الصحة والعافية والعمر المديد إنه سميع مجيب.
الشكر الجزيل لصباح الخالد
أشاد الغانم برئيس الوزراء قائلاً: أجد لزاماً عليّ أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الذي تولى زمام أمور الحكومة وهي مثقلة بملفات كبيرة وقضايا خطيرة في ظل ظرف استثنائي ووباء عالمي، أشكره على تعاونه الكبير مع مجلس الأمة وسعيه الحثيث على التنسيق معه في ملف كورونا والملفات الأخرى المهمة والحساسة.
كلمات الأمير دافع لمزيد من العطاء
قال الغانم في ختام كلمته: «قبل أن أنهي كلمتي أجد من الواجب عليّ يا سمو الأمير أن أتقدم لك بجزيل الشكر والامتنان والعرفان على ما تفضلت به قبل قليل في نطقك السامي من كلمات بحقي، وإنها بالتأكيد ستكون دافعاً لبذل مزيد من العطاء. أقولها شكراً نيابة عن أختي وإخواني النواب».