نجاح الابتكارات التكنولوجية والالتزام الأخلاقي للشركات

روبرت نعوس
تصغير
تكبير

مدفوعة بالتطورات المستمرة في مجال المعرفة العلمية، وطموحات البشر التي لا تعرف حدوداً، برزت التكنولوجيا باعتبارها أعظم إنجاز قدمه العقل البشري حتى الآن، من خلال تأثيرها في جميع مجالات الحياة في عصرنا الحالي.

ولم يكن ظهور التقنيات الحديثة التي أعادت رسم ملامح حياتنا ومستقبلنا، مثل الذكاء الاصطناعي والأجهزة التكنولوجية المبتكرة، وخدمات الإنترنت، وحلول وتقنيات الاتصال، سوى نتاج قوة وإمكانيات التكنولوجيا، التي قدمت فوائد متعددة وواسعة النطاق ساهمت في تحسين المجتمعات حول العالم.

وإلى جانب تأثيرها في الطريقة التي نتفاعل بها ونتعلم ونفكر كأفراد، فقد ساهمت التكنولوجيا في تدشين عصر جديد من التقدم والازدهار، عبر العديد من المجالات مثل السيارات والحوسبة والاتصالات والتعليم والرعاية الصحية والنقل والهندسة والبيع بالتجزئة، خلال عصر تبدو فيه جميع الاحتمالات مفتوحة ولا نهاية لها.

ووفّرت المركزية الإلكترونية لسجلات المرضى مستويات أعلى من الكفاءة لمؤسسات الرعاية الصحية، كما قدّمت المدفوعات غير التلامسية للمستهلكين مزيداً من الراحة والرضا، كما يواصل نشر تكنولوجيا الجيل الخامس إحداث تحولات جذرية على الطرق التي يمارس بها الناس حياتهم أو أعمالهم أو ألعابهم المفضلة.

ولا تزال الثورة التقنية الجماعية غير المسبوقة التي شهدها العالم خلال العقدين الماضيين، تشهد المزيد من التطورات التي ستأخذنا إلى مزيد من الابتكارات.

وفي الوقع، يساهم كل قطاع وصناعة بشكل ملحوظ، في طيف التحول التكنولوجي الذي نشهده الآن، كما هو الحال مع كل شركة من الشركات العاملة عبر القطاعات.

وهناك علامات تجارية رائدة تقنياً وتدفع حدود الابتكار في مجالات تخصصها، وتعمل من خلال تسخير قدراتها الإبداعية وخبراتها الواسعة ومواردها الموثوقة، على تلبية تطلعات وتوقعات عملائها وتقديم قيمة جديدة لهم.

ويعتبر العيش في مثل هذا العصر، الذي تساهم فيه الإمكانيات والقدرات التكنولوجية بشكل كبير في تعزيز التنمية المجتمعية وسعادة الأفراد، أمراً يستحق التقدير والإشادة.

ومع ذلك، فإن المسؤولية تقع أيضاً على عاتق هذه العلامات التجارية، لضمان الاستخدام المسؤول والأخلاقي للتكنولوجيا المتاحة.

ولا يقتصر الهدف من وراء ذلك على إدارة التصورات العامة، أو بناء مصداقية للعلامة التجارية، أو ضمان مستقبل مستدام، وإنما أيضاً لضمان القيام بما هو مطلوب لتعزيز الازدهار الفردي والمجتمعي، والعمل في الوقت ذاته على خدمة الأهداف الشاملة التي تدعم مهمة الشركة وتعزز تقاربها مع عملائها.

وعلى الرغم من أن التكنولوجيا تعتبر ركيزة أساسية وبوابة للعبور نحو حياة أفضل أكثر راحة وكفاءة، إلّا أن الجدل المستمر حول المخاطر الكامنة والتداعيات السلبية، يمكن دائماً أن يبقى ملازماً للميزات والإيجابيات التي تقدمها التقنيات الحديثة.

ويمكن ملاحظة ذلك من خلال العديد من العلامات التجارية التقنية، التي تتمتع بالنجاح في أعمالها ومنتجاتها، وتحظى بقبول واسع النطاق لقيمها الأخلاقية من جانب الشركات الأخرى والعملاء على حد سواء.

وتعتبر شركة «تسلا» مثالاً بارزاً للشركات، التي تسعى جاهدة لتقديم ابتكارات تكنولوجية رائدة مع الالتزام بممارسات ومسؤوليات العمل الأخلاقي.

ومنذ العام 2019، أصبح بإمكان جميع سيارات «تسلا» الجديدة، القيام بالتوجيه وزيادة السرعة واستخدام الفرامل داخل المسارات تلقائياً.

ولكن مع ذلك، مازالت هذه الميزة تتطلب وعياً وانتباهاً من جانب السائق، إذ تؤكد «تسلا» وجوب بقائه بشكل دائم على عجلة القيادة وتيقظه وقدرته على التحكم اليدوي في أي لحظة، وبالتالي تحافظ الشركة على التزاماتها تجاه مسؤولية العملاء، باعتبارها علامة تجارية رائدة في مجال التقنيات الحديثة.

وكمثال آخر، العلامة التجارية العالمية «ريلاكس تيكنولوجي»، والتي يسخّر «برنامج غارديان»(Guardian Program)، التابع لها، التكنولوجيا لتعزيز مبدأ الاستخدام المسؤول، تعمل الشركة عن كثب مع شركائها لمعالجة المخاطر المرتبطة باحتمال استخدام مَنْ هم دون السن القانونية هكذا منتجات.

وتستفيد الشركة من أحدث التقنيات بما في ذلك بيانات«GPS» والتكنولوجيا السحابية لتعزيز الإجراءات الخاصة بها.

واستكمالاً لجهودها وابتكاراتها المتقدمة، تعمل الشركة حالياً على تطوير نظام تتبع يربط العملاء وأكواد شريط المنتج ومواقع المتاجر، لتتمكن من تتبع المنتج إلى نقطة البيع الخاصة به لتعزيز كفاءة برنامجها.

وبالنظر إلى الطبيعة الإدمانية التي فرضتها الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، اتخذت شركة«آبل»أيضاً إجراءات مماثلة في السنوات الأخيرة، لاستخدام التكنولوجيا كقوة من أجل الخير، وكشفت عن أدوات رقمية لتعزيز جودة حياة مستخدمي أجهزتها، من خلال مساعدتهم على تقليل مقدار الوقت الذي يقضونه في التفاعل المستمر مع شاشاتهم.

ويعمل تطبيق «Screen Time» كلوحة تحكم لتوضيح مقدار الوقت الذي يقضيه المستخدمون في استخدام التطبيقات.

ويمكن تعيين الحدود الزمنية اليومية للتطبيقات الفردية للحد من الاستخدام الكثيف، بينما يمكن للوالدين الوصول إلى تقارير نشاط أطفالهم للتحكم بعادات التصفح.

وفي النهاية لابدَّ من القول إن الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا بشكل فعّال في حياتنا اليومية، أدى إلى نقاشات والكثير من الجدل حول كيفية إدارة التقنيات الجديدة والتحكم بها، سواء كانت الذكاء الاصطناعي، أو الجيل الخامس، أو المركبات ذاتية القيادة، أو إنترنت الأشياء، أو الروبوتات أو أي شيء آخر.

وعلى الرغم من استمرار هذه الناقشات، إلّا أنها لا ينبغي أن تمنع العلامات التجارية التقنية من أخذ زمام المبادرة وتحمل مسؤولياتها خلال عملية تطوير ابتكاراتها التكنولوجية.

ويقع على عاتق جميع العلامات التجارية، مسؤولية كبيرة تجاه المستهلكين من خلال استخدام التكنولوجيا بشكل أخلاقي، ويجب عليها مواصلة الالتزام بهذه المسؤولية والتعبير عنها على هذا النحو.

* مدير الشؤون الخارجية لشركة «ريلاكس تكنولوجي» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي