No Script

بعد مرور 5 أشهر على إطلاق برنامج المحافظ الهاشل

قروض متضرري كورونا... هل فات الأوان؟

تصغير
تكبير

- الشركات الكبرى تفاهمت منذ البداية على إعادة هيكلة مديونياتها بفائدة تقارب الميسّرة
- الشركات المتوسطة والصغرى نوعان أحدهما عدّل أوضاعه والثاني خرج من السوق
- الوضع المالي للشركات لا يشابه وضعها عند إغلاق الاقتصاد جزئياً وكلياً
- 300 عميل متوقع استفادتهم من القانون بتمويلات تقارب 100 مليون دينار

بينما ينقسم نواب مجلس الأمة في الوقت الحالي بين مؤيد ومعارض لمشروع قانون دعم وضمان تمويل البنوك المحلية للعملاء المتضررين من تداعيات «كورونا»، حتى لجهة الصياغة، هناك نقاش اقتصادي آخر مفتوح في مجتمع الأعمال، يتعلق بمدى جدوى تطبيق القانون في الوقت الحالي، ليكون السؤال الأكثر دقة: هل فات الأوان؟ وللإجابة عن هذا السؤال، يتعين الرجوع بآلة الزمن إلى الخلف 5 أشهر، وتحديداً إلى 17 مايو الماضي، حيث أفاد رئيس اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل حينها بأن اللجنة اقترحت على الحكومة مشروع قانون لضمان 80 في المئة من قيمة التمويل الميسر الذي تقدمه البنوك لمتضرري «كورونا» من الشركات التي تأثرت بالأزمة وكانت تعمل بكفاءة قبلها، على أن يكون التمويل كاملاً من أموال البنوك.

الأثر المالي

وبعيداً عن التفاصيل التي تغيرت بين المشروعين، لا سيما لجهة الضمانات وفترات السداد، هناك نقطة ارتكاز رئيسية، تقوم عليها فلسفة المشروع، وهي سرعة إنقاذ المتضررين من تداعيات الفيروس اقتصادياً، ومن ثم تقليل الأثر المالي السلبي المترتب عليهم.

وقتها، نوّه الهاشل إلى أن التمويل الميسر وضمانه من التدابير المتبعة على نطاق واسع عالمياً، إذ بلغت النسبة المئوية لمكونات حزم التحفيز عالمياً 11 تريليون دولار، تشكل 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فيما يشكل التمويل الميسر وضمانه 40 في المئة من تدابير التحفيز حول العالم، لافتاً إلى أنه تمت دراسة الحزم التحفيزية لـ35 دولة قبل اعتماد اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي لهذين البرنامجين.

وقد بدا واضحاً من العرض المرئي الذي قدمه المحافظ في تاريخ الإعلان عن المقترح، أنه يؤمن جيداً بأهمية عامل الوقت في تطبيق أي تدبير علاجي بالأزمات، على أساس أن تقطيع الوقت يعد محرقة كبرى لأي مشروع إنقاذي، لكن يبدو أن رسالة الهاشل لم تصل أحداً، ومرت 5 أشهر، حتى عُرض مشروع القانون وتمت الموافقة عليه بالمدولة الأولى، إلا أن شريحة كبيرة من الشركات باختلاف أنواعها ومن ضمنها البنوك ترى أن الوقت تأخر كثيراً، وربما فات أصلاً على تمنية النفس بانتظار النتائج المرجوة من القانون.

توقف التدفقات

معلوم أن ضمان قروض متضرري كورونا، جاء في فترة كان يشهد فيها الاقتصاد إغلاقاً جزئياً وكلياً، ومن ثم تعرضت غالبية الشركات إلى توقف تدفقاتها النقدية، ما فرض عليها ضغوطاً مالية واسعة متأتية من دفع الرواتب والأجور، وغيرها من الالتزامات التعاقدية، الأمر الذي زاد المخاوف من التعرض لأزمة مواجهة نقص السيولة، ومن ثم زيادة معدلات التعثر بالسداد، وتنامي مخاطر النقص في إمدادات السلع والخدمات الأساسية وفقدان الوظائف في القطاع الخاص، وانخفاض مستوى الإنفاق والاستثمار، وانكماش الناتج المحلي غير النفطي، فضلاً عن آثار غير مباشرة نتيجة لانتقال الضررين الاقتصادي والاجتماعي بين القطاعات.

ومن هنا وُلدت فكرة منح تمويلات ميسرة، حيث الغرض منها دعم أصحاب الأعمال في مواجهة كورونا، وبالطبع كانت التوصية أن يعتمد هذا التدبير وغيره بأسرع وقت ممكن، لكن عملياً، يمكن القول إن أكثر من متغير طرأ خلال الأشهر الخمسة الماضية، أبرزها الانفتاح الاقتصادي، الذي بدأ منذ نحو 3 أشهر تقريباً، ويشمل ذلك غالبية القطاعات الاقتصادية.

المخاوف هدأت

ومنذ إقرار خطة فتح الاقتصاد المكونة من 5 مراحل، والتي تم تجاوز 4 مراحل منها حتى الآن، تبدّل المشهد وهدأت المخاوف السابقة كثيراً، لتظل محصورة في شريحة أصغر، فبالنسبة للشركات الكبرى التي تضررت من كورونا، كان هناك تعاون مبني على المصلحة المشتركة بين الدائن والمدين أدى إلى التعامل معها بمرونة كبيرة، للدرجة التي حصلت معها على أسعار فائدة مميزة، ربما لا تختلف عن معدل القروض الميسرة المعلن عنها، خصوصاً الشركات المدرجة بقائمة عملاء البنوك من الأسماء الكبرى، والتي تتمتع بتاريخ ائتماني جيد.

وبالطبع، كانت هذه المرونة من أجل المصلحة العامة، ونتيجة لتوجيهات من «المركزي» لمراعاة تداعيات كورونا، ورغبة من المصارف نفسها في عدم التعرض لأزمة انكشافات قد تكبر إذا ضيّقت على عملائها، وأخيراً الشركات الكبرى التي سعت إلى تيسير أعمالها، بالتفاهم مع دائنيها.

بداية التعطل

كما يخصّ هذا التمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة المتضررة من «كورونا»، ولا يستفيد منه العميل غير المنتظم، وغالباً لا يمكن الوثوق بأن بإمكان شريحة واسعة من هذا القطاع الاستفادة من القانون، فبعد مرور 7 أشهر على بداية تعطل الأعمال، خرج جزء كبير من هذه الشركات من السوق، تحت ضغط بند الإيجارات والرواتب، أما الجزء المتبقي، فينقسم إلى نوعين، الأول يرجح أنه عدّل أوضاعه، منذ عودة بدء الأعمال، والثاني، لا يزال يواجه بعض التحديات، وهذه الشركات لا تشكل نسبة مؤثرة.

ووفقاً للمقدمات السابقة، قدرت مصادر مصرفية، أعداد العملاء الذين قد يستفيدون من القانون بنحو 300 عميل، وبقيمة تمويلات تقارب 100 مليون دينار، وليس 3 مليارات كما كان متوقعاً، معتمدة في تقديرها لذلك على أعداد العملاء الذين تقدموا بالفعل إلى البنوك خلال الأشهر الماضية، ويستوفون الشروط المطلوبة.

وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن قانون ضمان قروض المتضررين من كورونا تأخر كثيراً، لأن غالبية الشركات المستهدفة تجاوزت تقريباً أزمتها، سواءً بإيجاد حلول بديلة، أو الخروج من السوق، وفي الحالتين لم تعد الحاجة ملحة، لأنه وبكل بساطة بعد 7 أشهر من بدء تداعيات كورونا لم تعد المعطيات الاقتصادية التي تصدرت المشهد وقتها هي نفسها الحالية، والشاهد في السؤال التالي، هل الوضع المالي لجميع الشركات حالياً يشبه الوضع عند بداية كورونا أو حتى في 15 مايو الماضي؟

المسؤولية والمخاطرة مشتركة بين البنوك والحكومة

أوضح المحافظ الهاشل عند إعلانه مقترح ضمان القروض أن برنامج ضمان الدولة للتمويل الميسر يحقق فوائد عديدة للاقتصاد الوطني والبنوك والعملاء المتضررين على حد سواء، و يوجد له أثر مباشر على أموال الدولة ولا يتضمن ضخ سيولة، ما يحرر رؤوس الأموال الحكومية ويمكّن من استثمارها في فرص أخرى.

ولفت إلى أن تمويلات هذا القانون تأتي اشتراكاً في المسؤولية والمخاطرة بين البنوك والحكومة، بما يسمح لكل منهما بالتركيز على دوره الأساسي والحد من المخاطر كما سيساهم في تقليص الضغوط التضخمية، التي قد تنتج من ضخ سيولة مباشرة، وهو برنامج محدد بآجال محددة ومدى نهائي واضح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي