كيف يجب أن تكون مصفاة المستقبل؟ (4)
غطّينا في مقالات سابقة خصائص مصفاة المستقبل، والأسس التي يُعتدّ فيها عند التخطيط لبنائها، بعد أن تطرّقنا أولاً للدراسة التسويقية المتكاملة، وثانياً للتكامل الأمثل بين المصفاة والبتروكيماويات، وثالثاً للمرونة التصميمية والتشغيلية، ونختم في هذا المقال بأهمية استقطاب التكنولوجيا الحديثة.
تمرّ صناعة النفط العالمية في فترة تحوّل لتكون نظيفة ومنخفضة الكربون وذكية، ويلعب تطوير صناعة التكرير دوراً رئيسياً في التنمية المستدامة لصناعة النفط والغاز، فيما نحن بحاجة إلى زيادة الاستثمار لتعزيز التكنولوجيا لتحقيق التنمية المستدامة. وستركز الابتكارات التكنولوجية على معالجة النفط الثقيل وإنتاج الوقود النظيف والتكرير ودمج البتروكيماويات، وستكون مواصفات الوقود النظيف أكثر صرامة، كما ستكون التكلفة المنخفضة للتشغيل النقطة الساخنة في التصميم. إن التغيير المستمر في مواصفات وأنواع النفوط عالمياً، إلى جانب التغيير في أنماط الطلب على الوقود ومواصفاته يحتّم التطور التكنولوجي في صناعة التكرير.
للتكنولوجيا الحديثة دور حيوي في رفع جودة المنتجات البترولية المكررة؛ لزيادة الجدوى الاقتصادية وتلبية احتياجات السوق، وكذلك لدورها المحوري في تحقيق متطلبات واشتراطات الأمن والسلامة وحماية البيئة المحيطة بالمشروعات البترولية، بمجال التكنولوجيا الخضراء، والتي تقدم حلولاً صديقة للبيئة، وتخفض الآثار السلبية لصناعة تكرير النفط مع الحفاظ على الطاقة الإنتاجية لمصافي البترول. وتساعد التكنولوجيا الحديثة في تقليل كلفة التشغيل من خلال الإدارة المناسبة للمواد الحافزة، وزيادة الإنتاجية، وخفض الاحتياجات من الطاقة، وتطوير تكنولوجيات محسّنة إضافة إلى تطوير المواد الحفازة التي يتم تخصيصها لتلبية الاحتياجات المحددة من المواد الأولية الكويتية.
على مصفاة المستقبل أن تكون صديقة للبيئة وقليلة الانبعاثات، من حيث الاستهلاك الأمثل للطاقة وتقليل كمية الانبعاثات ومعالجتها، واستخدام الطاقة المتجددة لترشيد استهلاك الطاقة وتقليص التكاليف التشغيلية، إذ إن الاستهلاك الشره للطاقة يكون على حساب ربحية المصفاة وأدائها البيئي. ويجب استقطاب التكنولوجيا الحديثة لتعزيز اعتمادية وكفاءة المعدات ونظم السلامة والممارسات، لتعظيم السلامة الصناعية للأفراد والمعدات، علاوة على الاستخدام الأمثل لتكنولوجيا التحكم الآلي والذكاء الصناعي «Artificial Inelegance» والميكنة «Automation» والروبوتات «Robotics» لضمان تحقيق أقصى درجات كفاءه التشغيل والصيانة، ما يخفض المصاريف التشغيلية. إن التكنولوجيا الحديثة تمكّن من التحكم في تحديد أماكن التسرب، وتحديد ماهية التركيزات الموجودة والاحتياطات التي يمكن أخذها في عين الاعتبار لتقليل نسبة الأضرار الناتجة عن التسرب.
ومن المهم الاستعانة بأفضل تطبيقات نظم المعلومات والمحاكاة لضمان أقصى انسيابية لعمليات التشغيل الأمثل، بحيث تكون متصلة رقمياً لإدارة عمليات التكرير والبتروكيماويات المتكاملة المعقدة بكفاءة، إضافة إلى تحليل بيانات الأداء الرئيسية لتحديد مشاكل الأداء الكامنة والناشئة بسرعة لتصحيح المسارات. وأخيراً، ضرورة وجود مركز أبحاث وتطوير متلازم للمصفاة لضمان استمرارية تطويرها وتعظيم إيراداتها، من خلال تطوير منتجاتها ومعداتها وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل الفنية بالمصفاة.
*نائب الرئيس التنفيذي السابق لشركة البترول الكويتية العالمية (KPI)