No Script

ربيع الكلمات

صباح العرب... أمير الإنسانية

تصغير
تكبير
يرحل الكبار وتبقى أعمالهم شاهدة على عظمتهم وقدرهم ومكانتهم الرفيعة، وقد رحل عنا أمير الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وقد ارتبط اسمه بمجموعة مصطلحات عربياً وعالمياً، عربياً منذ بداياته في العمل السياسي عندما كان وسيطاً مقبولاً من كل الأطراف لحل النزاعات، وعالمياً عندما ساهم في جعل العالم أكثر أمناً وأماناً وتقديم المساعدات للمنكوبين في العالم وقد قامت منظمة الأمم المتحدة بتسمية الكويت «مركزاً للعمل الإنساني» وأطلقت لقب «قائد العمل الإنساني» على صاحب السمو يرحمه الله، هذا التكريم المستحق وضع الكويت في مصاف دول العالم، وفي عهده يرحمه الله تحققت الكثير من الإنجازات الإنسانية، من دون أي تفاخر أو تفريق بين جنس أو دين، وذلك يبين بوضوح الإنسانية التي تسبق القيادة لدى سموه.

رجل السلام الذي يجمع ولا يفرق، ولعل دوره في الأزمة الخليجية ومحاولة إصلاح البيت الخليجي وسعيه لجمع شتاته خير مثال وشاهد، وقال سموه عن الوساطة التي قام بها لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء: «نحن لسنا طرفاً ثالثاً بل نحن طرف واحد مع الشقيقين الطرفين هدفنا الأوحد إصلاح ذات البين، وترميم البيت الخليجي الذي هو بيتنا ونتحرك لحمايته من التصدع والانهيار، أجيال العرب جميعاً لن تنسى ولن تغفر لمَنْ يسهم ولو بكلمة واحدة في تصعيد وتأجيج هذا الخلاف ويكون سبباً في انهيار هذ الصرح الجميل».

الجهود والإنجازات الإنسانية لسموه جداً كبيرة، والتي ساهمت في زيادة رصيد الكويت عالمياً وإنسانياً من خلال استضافة مؤتمرات عدة لمانحي سورية، وقال في أحد المؤتمرات عن الأزمة السورية إن «المجتمع الدولي يقف أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية وقانونية، تتطلب منا جميعاً تضافر الجهود والعمل الدؤوب للوصول إلى حل ينهي هذه الكارثة، ويحقن دماء شعب بأكمله ويحفظ كيان بلد ونصون فيه الأمن والسلام الدوليين».


استحق لقب الأستاذية في السياسة وذلك نتيجة الخبرة الكبيرة والواسعة كوزير للخارجية امتدت لأربعة عقود، وحقق سموه إنجازات كبيرة لدولة الكويت وأصبح لها مكانة مرموقة بين دول العالم، وكان لسموه دور في تأسيس المجلس الوزاري المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول المجموعة الأوروبية، والذي يهدف إلى توثيق الروابط الاقتصادية المشتركة بين الطرفين.

وكانت الكويت في عهده تقف بجانب القضايا العربية والإسلامية، ولعل دور سمو الأمير في القضية الفلسطينية خير مثال عندما ناشد الفرقاء الفلسطينيين ودعاهم للوحدة وترك الانقسامات بينهم، إضافة إلى إرسال المساعدات والتبرعات لإعمار غزة… وأن تصل هذه الأموال لمستحقيها من الفقراء والمحتاجين، إضافة إلى مناصرة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.

هو أب الجميع ولم يغلق بابه في وجه أحد داخلياً أو خارجياً، واجه جميع التحديات بالصبر والحكمة وطولة بال وسعة صدر، ودائماً ما تكون العواقب حميدة بفضل هذه الحكمة. نعزي أنفسنا وأهل الكويت والعالمين العربي والإسلامي بوفاة أمير دولة الكويت وقائد العمل الإنساني المغفور له بإذن الله الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يرحمه الله، والله نسأل سبحانه وتعالى أن يجعل ما قدم لدينه ووطنه وللإنسانية في ميزان عمله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي