No Script

جائحة «كورونا» خلقت سوقاً جديدةً للوظائف في البيوت

«الجليسة المُعلّمة» في الكويت بـ... 500 دينار

تصغير
تكبير
عبدالوهاب محمد: تزايد إقبال الأسر الميسورة على توظيف الجليسات حرصاً على تنمية مهارات أبنائهم زيد فارس: ظروف عملي وزوجتي فرضت علينا توظيف جليسة تتابع الأطفال وتعطيهم أساسيات التعليم عبدالله المطيري: ضرورة توافر مواصفات تربوية في الجليسة تؤهلها للتعامل مع الأطفال في غياب الوالدين محمد القرفان: بوجود الجليسة نكون مطمئنين في عملنا بأن الطفل سيلتزم بالحصة الدراسية «أونلاين» أبرار السميط: كوني موظفة لجأت لجليسة لأولادي الثلاثة في المرحلة الابتدائية لمتابعة الحصص أمل الزعبي: ليس أمامي إلّا التواصل مع إحدى السيدات لتكون جليسة لأطفالي أو أستقيل من عملي نورة الخليل: التعليم عن بُعد أرهقنا بشراء الكمبيوترات أولاً ثم الاستعانة بجليسة لمتابعة الأولاد
يبدو أن جائحة «كورونا» عملت على تغيير مفاهيم وأوضاع كثيرة، لم تتوقف على الجوانب الاقتصادية والسياسية، وحتى التعليمية، فقد أثرت وبشكل كبير في تغيير الواقع الاجتماعي، واقتحمت البيوت، وساهمت في تغيير وضع كان مستقراً منذ سنين، لا سيما مع التوجه الحالي في الكويت لاعتماد التعليم عن بعد لجميع المراحلة التعليمية، بدءاً برياض الأطفال، وصولاً إلى الجامعة.

وأمام ما فعلت الجائحة في الجانب الاقتصادي الذي كان أكثر القطاعات تأثراً، وشهد تقليص وظائف كثيرة والاستغناء عن العمالة، فقد سنحت لوظيفة جديدة لم تكن معروفة أو لها وجود من قبل، هي مهنة «الجليسة المُعلّمة» التي ترتبط بمجالسة الأطفال في المنزل ومتابعة تحصيلهم العلمي، لاسيما من هم في المراحل التعليمية الأولى.

فمع ارتباط الوالدين بالوظائف وبقاء الأولاد في البيت، كان لا بد من التفكير في طريقة لمتابعة هؤلاء الأولاد في البيت، ومن هنا برزت فكرة «الجليسة» التي لقيت إقبالاً كبيراً لدى قطاعات واسعة، بعد التحول إلى التعليم الالكتروني، حيث ستكون مسؤولة عن مجالسة الأولاد ومتابعة دروسهم عبر شاشات الكمبيوتر، وهو ما جعل راتبها الشهري يصل إلى 500 دينار. وتحل هذه الوظيفة محل الدروس الخصوصية التي شهدت تراجعاً كبيراً مع آلية التعليم عن بُعد.


وبدأ الإقبال لاستقطاب جليسات للأطفال بالتزايد في الآونة الأخيرة، حيث يصل راتب جليسة الأطفال خلال 12 ساعة إلى 25 ديناراً، تهتم خلالها برعاية الطفل في المنزل، وتقديم المساعدة له وتنظيم الأنشطة والدروس الالكترونية، وإعداد وجبات الأطفال وإطعامهم ورعايتهم، وتنظيم أنشطة إبداعية وتعليمية، بناءً على أعمارهم، في حين يتراوح راتب جليسة الاطفال لدوام كامل بين 450 و500 دينار شهرياً.

«الراي» رصدت أصداء الاقبال لاستقطاب وظيفة جليسة الأطفال في الكويت، مع بعض المواطنين والمختصين، فأكد عبدالوهاب محمد، الذي يعمل مسؤولاً لأحد مراكز الاطفاء في محافظة الجهراء، أن «الواقع الجديد الذي فرضه فيروس كورونا وتعطل التعليم التقليدي، فرض علينا الاستعانة بجليسة الاطفال أو ما يسمى في أوروبا (بيبي سيتر) لمتابعة تعليم الأطفال وإعطائهم الأساسيات، لاسيما بعد إقرار التعليم الالكتروني».

وقال عبدالوهاب «استعنت بجليستين في المنزل لأبنائي، وحرصت على أن يكون لديهما خبرة في التعليم واللغات والرياضيات، وقد تزايد إقبال بعض الأسر ميسورة الحال على توظيف الجليسات، حرصاً على تنمية مهارات الأبناء».

أما فارس زيد الذي يعمل عسكرياً في أحد قطاعات وزارة الداخلية، فقال «عملي شاق وطويل ويستمر أحياناً لأوقات متقدمة، لاسيما بعد أزمة فيروس كورونا، وزوجتي تعمل أيضاً، لذلك نحتاج بشكل كبير لجليسة أطفال تتابع الأطفال، وتعطيهم أساسيات التعليم، والتي منها التعليم الالكتروني الذي سيبدأ قريباً، وسيتضاعف الطلب على جليسة الأطفال التي أضحت عملة نادرة بسبب وقف التأشيرات، لهذا تضاعف راتبها وبصعوبة حصلت على جليسة بـ 450 دينارا، ويبلغ راتب الجليسة في الغالب إلى 500 دينار».

من جانبه، قال المواطن عبدالله المطيري إن «زمن كورونا شهد تباينا في الطلب على الوظائف التي اختفى بعضها مثل وظيفة المدرس الخصوصي، وحل مكانها جليسة الاطفال، وهذا الامر منتشر في أوروبا، وبدأ يشهد رواجاً كبيراً من العوائل التي تعمل لأوقات طويلة خارج المنزل ويجب أن تتوافر بها مواصفات تربوية تؤهلها أن تتعامل مع الاطفال في غياب الوالدين».

من جانبه، رأى المدرب محمد عفيف القرفان أن «التعليم عن بُعد فرض نفسه جراء أزمة وباء كوفيد-19، حيث يعد حلاً مثالياً لتحقيق شروط السلامة الصحية لأبنائنا الطلبة، على الأقل حتى ينحسر الوباء وتعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت. وقد اكتنفت هذا التحول إلى العالم الرقمي العديد من التحديات التي ينبغي أن نواجهها بحكمة لنحقق الفائدة القصوى من هذا النمط الجديد من الحياة».

وزاد القرفان «يواجه أولياء أمور الطلبة العديد من التحديات في عملية التحول إلى التعليم عن بُعد، فهذا التغيير أوجد أساليب وآليات جديدة تحتاج إلى متابعة حثيثة ولصيقة للطلبة حتى يعبروا إلى عالم التعلم الرقمي، وقد ظهرت في الآونة الأخيرة حاجة أولياء الأمور إلى جليسات الأطفال، لكي يضمنوا التزام الأبناء بجلسات التعلم وذلك لغياب المعلم ووجوده من خلال شاشة الكمبيوتر صوتاً وصورة فقط».

وأضاف «انقسم الناس إلى فئتين في التعامل مع هذه الظاهرة (وجود جليسة الأطفال)، فمنهم من يرى ضرورة وجود جليسة الأطفال لكي تقوم على تلبية متطلباتهم وضمان التزامهم بالحصة الدراسية أونلاين، والفئة الثانية يرون أنه لا داعي لوجود جليسة الأطفال لكي يعتاد الأبناء على التعلم عن بعد بشكل ذاتي لأن هذا يعزز الإحساس بالمسؤولية. ولكن يبقى السؤال المطروح: كيف سيكون الحال في ظل غياب أو انشغال ولي الأمر؟ لا شك أن الأمر سيبدو صعباً في بداية الأمر، خصوصاً للفئة التي تشجع على التعلم عن بعد من دون وجود جليسة أطفال، لأن الطفل بطبعه يحب الحركة ويميل إلى اللعب، وربما يشغله ذلك عن تحصيل القيمة التعليمية التي يتوجب عليه أن يتلقاها من المعلم. وفي ظل وجود جليسة الأطفال سنكون، مطمئنين أن الطفل سيلتزم بالحصة الدراسية أونلاين، وبذلك سنقوم بعملنا خارج المنزل ونحن مرتاحو البال».

وأفاد القرفان أن تقدير أمر الجليسة متروك لولي الأمر، إذ لا شك أن هناك أطفالاً يحتاجون إلى رعاية مستمرة ورقابة لصيقة لضمان التحصيل الدراسي المناسب، وهنا سيحتاج ولي الأمر جليسة الأطفال لتحقيق ذلك، مشيراً إلى أن هناك فئة أخرى من أولياء الأمور سيكتفون برقابة بعيدة وغير مباشرة للأبناء من دون جليسة أطفال، بعد أن قاموا بدورهم بزرع قيمة التعلم من الصغر. وأضاف: بالتأكيد ستكون لدينا فئة ثالثة، حيث يقوم ولي الأمر بنفسه بالمكوث مع الطفل حتى ينتهي من حصة التعلم أونلاين وذلك حسب إتاحته سواء كان الأب أو الأم أو أحد إخوة الطفل الذي يمكن الاعتماد عليه.

آراء نسائية

وبعد رفع الحظر، والانتقال إلى مراحل عودة الحياة الطبيعية وصولاً إلى المرحلة الرابعة، عادت الأمهات إلى وظائفهن، الأمر الذي يجبرهن على ترك أولادهن في المنزل بمفردهم لساعات طويلة، ما يجعل الأمهات أمام خيارين، إما الاستقالة، وإما الاستعانة بجليسات للأطفال للإشراف عليهم أثناء غيابها.

ولجأت إليها مجموعة من الأمهات الموظفات لمساعدة أبنائهن الطلبة على التأقلم مع نظام التعليم عن بُعد المستجد، حيث قالت أبرار السميط إن «نظام التعليم عن بُعد أربك الطلبة، وأولياء أمورهم الذين يعتبرون الحلقة الأكثر تضرراً من تلك العملية، حيث فُرض علينا هذا النظام الذي تسبب في أضرار اقتصادية، واجتماعية، ونفسية، للعائلة ككل... وكوني موظفة، وأم لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، لم يسعني إلا اللجوء إلى مدرسة خصوصية لتعمل كجليسة للإشراف على أطفالي لمدة 8 ساعات، حتى يتمكنوا من الدخول إلى المواقع الإلكترونية لحضور الحصص الدراسية أثناء غيابي عن المنزل».

وطالبت أمل الزعبي الجهات المعنية بالتعاون مع الأمهات في ظل هذه الأوضاع، من خلال منحهن إجازات مدفوعة الأجر، أو تقليل ساعات العمل حتى تجاوز هذه الأزمة، وليتمكن من مواكبة مرحلة التعليم عن بعد. وأضافت أنها في حال عدم تحرك الحكومة لإصدار قرارات مماثلة، لن يبقى أمامها حل سوى اللجوء إلى التواصل مع إحدى السيدات لتكون جليسة لأطفالها، أو تستقيل من عملها للإشراف على أبنائها، وتربيتهم، والاهتمام بشؤونهم، وتعليمهم، لتصبح أماً، ومربية، ومدرسة في آن واحد.

من جهتها، لفتت نورة الخليل إلى أن التعليم عن بعد كلّف أولياء الأمور الكثير، مردفة «بعد أن أجبر التعليم عن طريق الأونلاين الأهالي على شراء أجهزة إلكترونية باهظة الثمن، أجبر الأمهات الموظفات كذلك على الاستعانة بجليسات للأطفال لرعاية الأبناء، ومتابعة دروسهم مقابل راتب شهري يتراوح بين 300 و450 ديناراً حسب عدد الأطفال، وأعمارهم، وبالمقابل يقمن بحضور كل الدروس معهم، والتأكد من أنهم يقومون من إتمام واجباتهم، وحلها بالشكل الصحيح، ويقمن بتدريبهم على كيفية مسك القلم بالشكل الصحيح، وكتابة مواضيع إنشائية بسيطة لتعلم الإملاء، لأن جميع تلك الأمور لن يستطيع التعليم الالكتروني أن يقدمها للطلبة».

اعتبارات تقرر

اللجوء إلى الجليسة


قال المدرب محمد القرفان إن الحاجة إلى جليسة الأطفال أثناء حصص التعلم عن بُعد، تخضع لاعتبارات عدة، حيث يمكن لولي الأمر أن يقدر حاجته إلى جليسة أطفال ليكون قد قام بواجبه تجاه هذا التوجه الجديد من التعلم، وأهم الاعتبارات:

- عمر الطفل

- قدرات الطفل

- وضع الطفل الصحي الذهني أو البدني

- قدرة ولي الأمر على توفير جليسة أطفال

- البيئة الأسرية للطفل

ما وظيفتها؟

الجليسة مسؤولة عن تنظيم الأنشطة الإبداعية والألعاب التعليمية، مثل ألعاب الرسم والحرف اليدوية وألعاب الدمية تعليم الأطفال السلوكيات الاجتماعية المناسبة مثل احترام بعضهم البعض والمساعدة في الأعمال المنزلية، وتجهيز التعليم الالكتروني ومساعدتهم في الواجبات المنزلية.

المهارات اللازمة

- فهم ممتاز لنمو الطفل في المراحل العمرية المختلفة.

- القدرة على اقتراح أفكار إبداعية لتعليم ومشاركة الأطفال.

- امتلاك مهارات تعدد المهام وتقسيم الوقت.

- الصبر والتحلي بالشخصية اللطيفة.

- القدرة على العمل في أوقات مختلفة وكذلك في الاجازات والعطلات الرسمية.

متطلبات العمل

- الحصول على شهادة الدراسة الثانوية أو درجة البكالوريوس في تربية الأطفال.

- يفضل الحصول على تدريبات في مجال تنمية مهارات الاطفال.

- يفضل وجود شهادة الإسعافات الأولية.

- الخبرة السابقة في وظيفة مربية أو جليسة أطفال.

الجليسة تختلف

عن العاملة المنزلية


أشار المواطن عبد الوهاب محمد إلى أن الدور الذي تقوم به جليسة الأطفال مختلف تماماً عن دور العاملة المنزلية، لأن جليسة الأطفال لا تقوم بالطهو ولا تنظيف المنزل ولا أي مهام أخرى، كما لا يطلب منها تلك الأمور، لأن وظيفتها الأساسية متابعة الأبناء سلوكياً وعلمياً.

موظفات يتناوبن

الإشراف على أبنائهن


أشارت فاطمة العلي إلى أنها شكت حالها مع أولادها كونها موظفة، لإحدى الصديقات، فاقترحت عليها بالتواصل مع جميع صديقاتهن اللواتي لديهن أطفال في الفئة العمرية نفسها، ليقمن بجمعهم في منزل إحداهن في كل يوم، وتشرف واحدة منهن فقط على جميع الأطفال، وتقوم أخرى بالإشراف عليهم في اليوم التالي، ما يسهل عليهن العملية، ويساعد الطفل على بناء صداقات، واكتساب مهارات من أصدقائه كما كان يفعل في المدرسة.

تعويض فاقدات الوظائف

بفرص عمل


كشفت راغدة عبدالله أن العديد من النساء فقدن وظائفهن إثر جائحة «كورونا»، ما دفعهن للبحث عن وظائف بديلة للحصول على دخل مادي جيد، فخلق التعليم عن بعد فرص عمل للعديد منهن، ليقمن بالبقاء مع أطفال الأمهات الموظفات، طوال فترة دراستهم، مشيرة إلى أنها قامت بالاتفاق مع إحداهن لتباشر عملها فور انطلاق العام الدراسي الجديد في الأيام القليلة المقبلة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي