حوار / المسؤول السياسي لـ «حماس» في بيروت أكد أن الورقة المصرية «ليست قرآناً»

مُرّة لـ «الراي»: الذهاب إلى الانتخابات قبل المصالحة انتحار وسنحمّل محمود عباس وسلطته مسؤولية هذه الجريمة

u0631u0623u0641u062a u0645u064fu0631u0651u0629 (u062au0635u0648u064au0631 u062cu0648u0632u0641 u0646u062eu0644u0629)
رأفت مُرّة (تصوير جوزف نخلة)
تصغير
تكبير
| بيروت - من أحمد الموسوي |

حذر المسؤول السياسي لحركة «حماس» في بيروت رأفت مرّة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من الذهاب الى الانتخابات الرئاسية والتشريعية منفرداً قبل اتمام المصالحة، «لان ذلك سيؤدي الى الفوضى والانتحار وسيكون هو المسؤول عن تلك الجريمة».

واكد مُرّة موقف الحركة المتمسك بإجراء نقاش للورقة المصرية وما تضمنته من افكار جديدة لم تناقش مع «حماس» واصفاً اياها بانها ليست «قرآناً منزلاً لا يمكن بحث بنودها». كما اكد التزام «حماس» الحوار وعدم التراجع عنه لانه الطريق الوحيد لحل الازمة والخلافات الفلسطينية الداخلية.

«الراي» التقت مُرّة وأجرت معه الحوار الآتي حول آخر تطورات المصالحة الفلسطينية المتعثرة:



• التطورات تتسارع في شكل غير واضح حول المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية والمساعي المصرية بشأنها، فأين هذه المسألة اليوم؟

- تسلمنا نحن وحركة «فتح» تحديداً ورقة جديدة من الاخوة المصريين، ولم يتم تسليم هذه الورقة لبقية القوى الفلسطينية التي حضرت حوارات القاهرة وشاركت في جزء كبير منها، وقد تبين ان الورقة الجديدة تتضمن قضايا ونقاطاً جديدة لم تطرح سابقاً، علما ان بعض القضايا والنقاط الاخرى كانت واردة في الورقة القديمة ولم تذكر في الورقة الجديدة، وهذا امر يستدعي اعادة النظر من جديد في الورقة المصرية ودرسها لتحديد الموقف منها، وهذا ما ستقرره حركة «حماس» في الايام المقبلة، اذ سيتم درس هذه الورقة ونقل موقف الحركة الى الاخوة المصريين.

• لكن المصريين يقولون ان كل ما تضمنته هذه الورقة تم بحثه ومناقشته؟

- نعتقد ان هذا الكلام غير دقيق لان هناك ورقة قديمة سلمت للقوى الفلسطينية في بداية شهر سبتمبر الماضي، تتألف من نحو 18 صفحة، اما الورقة الجديدة فتتألف من نحو 28 صفحة، والورقة القديمة تتحدث عن عناوين وقضايا سياسية، اما الجديدة فتتحدث عن تفاصيل كثيرة ومتعددة، وبين الورقتين اختلاف في المضمون وفي العناوين، لذا ليس صحيحاً الكلام على ان الورقة القديمة هي نفسها الورقة الجديدة، بل هناك فرق واختلافات بينهما.

• هذه الاختلافات، سواء بالاضافة او بالحذف، هل هي اجتهادات مصرية ام استجابة لمطالب من حركة «فتح»؟

- تسلمنا الورقة من المصريين ولا نريد ان ندخل في الاتهامات والتشكيك، وقد أبلغنا القيادة المصرية موقفاً واضحاً يقول ان حركة «حماس» متمسكة بالحوار لانه الطريق الوحيد لمعالجة الخلل داخل الساحة الفلسطينية، ولمعالجة الازمات الداخلية. كما ان «حماس» متمسكة بالمصالحة، وقد خطونا خطوات كبيرة في اتجاهها وساهمنا في تشكيل لجانها، ونعتقد ونؤمن بضرورة توافر مناخ ايجابي سليم لانجاز هذه المصالحة، اذ من دون توفير هذا المناخ يصعب تحقيق تقدم فعلي، خصوصا ان الاجواء اليوم قد تلبدت وتسممت اثر الموقف الذي اتخذه رئيس السلطة المنتهية ولايته، محمود عباس طالبا سحب النقاش حول تقرير «غولدستون» هذا الامر سمم الاجواء الفلسطينية ووجه صفعة وطعنة قويتين للحوار.

• لكنهم «اعترفوا» بالخطأ وتراجعوا؟

- لكن الاجواء تسممت، ونتجت من ذلك اجواء سلبية تستهدف حركة «حماس» لاحراجها والاساءة اليها من خلال بعض المواقف الرسمية ومن خلال الايحاء ان تقرير «غولدستون» يتهم «حماس» بارتكاب جرائم حرب، بينما الحقيقة ان هذا التقرير يتجه نحو محاكمة مجرمي الحرب الصهاينة...

• ... حسناً حصل التراجع عن الخطأ وتم تبني التقرير، فما علاقة ذلك باستمرار وقف المصالحة، او بمعنى آخر هناك من يرى ان التقرير كان حجة فلو لم يطلب رئيس السلطة تأجيل بحث «غولدستون» هل كنتم وقعتم الورقة؟

- من يدقق في تصرفات محمود عباس وفريقه في المرحلة الماضية، يلاحظ انه يريد دفع حركة «حماس» الى التوقيع العاجل والسريع للورقة المصرية من دون ان تتم حتى قراءتها، او مناقشتها، ومناقشة المصلحة الوطنية التي تتضمنها، فالحوار الفلسطيني، وهذا ما نعتقد به ونريده، يجب ان يخدم المصلحة الوطنية العليا، ويجب ان يعالج عناصر الخلاف داخل المجتمع الفلسطيني، وبالتالي لا بد من التدقيق في كل العبارات والطروحات والمصطلحات والاسس التي يقوم عليها اي حل، ولذلك لا يمكن ان تكون حركة «حماس» اسيرة التوقيت الزمني الذي يحاول عباس وفريقه فرضه عليها، فالمعيار الوحيد للتوقيع او عدم التوقيع يكون في معرفة الى اي حد تخدم هذه الوثيقة الشعب الفلسطيني، وكيف تؤمن المناخ السليم الجيد لانجاح الحوار، لكننا نرى اليوم في ضوء القرار الذي اتخذه محمود عباس ان المناخ غير مناسب لاجراء مصالحة، ولا بد من معاودة مناقشة بعض البنود الواردة في الورقة المصرية، وابلاغ الاخوة المصريين بالملاحظات. ومن ثم حين تتوافر المناخات السليمة يكون الحوار قد تأمنت له فرصة نجاح حقيقية.

• تريدون توفير مناخات ملائمة وانتم متهمون بانكم تعرقلون المصالحة لانكم مرتبطون بمناخات خارجية وأجندات اقليمية؟

- موضوع ارتباط «حماس» بأجندات خارجية كذبة اطلقتها السلطة الفلسطينية ويا للاسف، وبالتحديد فريق محمود عباس وسلام فياض وقد صدقوها...

• ... لكن المصريين يقولون ذلك ايضاً؟

- في اعتقادنا ان المصريين يدركون جيداً ان «حماس» ابعد ما تكون من «الاجندات» الخارجية، فذاك الفريق الفلسطيني اعتاد على ان يكون دمية في يد الآخرين، وان ينفذ البرامج والمطالب الاميركية والاسرائيلية، ولانه اعتاد على هذه المهنة وهذا الدور فقد اصبح يطلق هذا الاتهام يميناً ويساراً. الكل يدرك ان «حماس» لديها مؤسسات هي التي تناقش وتبحث مثل هذه الاوراق، وقيادة الحركة تتشاور مع جميع الاطر التمثيلية الداخلية المعنية وتأخذ ملاحظاتها وحين ينضج القرار يقوم وفد من الحركة بزيارة مصر والاجتماع بقيادتها لابلاغها موقف الحركة في شكل رسمي وواضح.

• سمعنا اكثر من رأي في «حماس» حول نقاط الخلاف الجديدة التي تتضمنها الورقة المصرية، فما هي تحديدا هذه النقاط محور الاعتراض؟

- لا نحبذ الكلام عن ذلك عبر الاعلام ووسائله، نحن نجلس مع الجهات المعنية ونبلغها مباشرة موقفنا.

• لكن بعض المسؤولين في «حماس» تناولوا هذه النقاط، ومنهم من اشار الى بنود تتعلق بحق العودة، اضافة الى بنود تتعلق بموضوع المقاومة وضمان استمرارها وموضوع الانتخابات الرئاسية والتشريعية؟

- نحن كحركة لم نبد ملاحظاتنا على الورقة المصرية لجهة التفاصيل، بل قلنا هناك مجموعة قضايا تحتاج الى نقاش وقد وردت في الورقة الاخيرة ولم تكن واردة سابقاً، فضلاً عن قضايا كانت مذكورة ولم ترد في الورقة الجديدة. لا نريد الدخول عبر وسائل الاعلام في هذا الامر لانه يبحث في وقته مع المصريين. وما نشر حول الموضوع معلومات صحافية غير دقيقة نقلتها وسائل اعلامية عن مصادر في الحركة لم تسمها، ونحن ندعو الى اخذ هذه الملاحظات مباشرة من مصادر واضحة ومعروفة ومعلومة داخل «حماس».

• بعضهم يستنتج من ذلك ان ثمة خلافات داخل الحركة؟

- مثل هذا الكلام ليس جديداً فهناك اطراف يريدون دائماً نقل الازمة من ساحتهم الى ساحة «حماس»، وهناك جهات تدّعي الطهارة والنظافة في مسائل سياسية في حين انها غارقة حتى اذنيها في الانصياع للقرارات والبرامج الاميركية والاسرائيلية. «حماس» حركة شعبية كبيرة ومؤسساتية، وهناك تعدد طبيعي داخلها في وجهات النظر، فالحركة لا تجمع مئة في المئة على هذا الموقف او ذاك، ولكن القرار الذي يصدر من الاطر القيادية هو الذي يتم اعتماده، ومن يتهم «حماس» بالانقسام نقول له ان من لديه عيوب لا يصح ان يتهم غيره بها.

• تتحدثون عن ملاحظات تريدون ابداءها للمصريين. لكن المصريين اعلنوا في شكل واضح ان ما ورد في الورقة غير قابل للنقاش او البحث، فاما ان تقولوا «نعم» لما جاء فيها كلها واما «لا» فماذا ستفعلون؟

- الورقة المصرية ليست قرآناً منزلاً حتى نأخذ بها بكل جملها وعباراتها وحروفها، هذه الورقة نص سياسي، واي نص سياسي يحتاج الى القراءة والتمعن والنقاش وابداء الرأي، وبالتالي اذا كنا حرصاء كمصريين وفلسطينيين وعرب على انجاح الحوار، فيجب ان نتمعن في العناوين والبنود والتفصيلات، وان نأخذ التجربة الماضية في الاعتبار لكي يحمل اي اتفاق يوقع بذور نجاحه ومقومات استمراره. لا نريد العجلة والتسرع حتى لا نكرر تجارب سابقة خاضت في العموميات من دون البحث عن اسس فعلية، وبكل مسؤولية نقول ان «حماس» تبذل جهداً كبيراً من اجل الحوار ومسؤولة عن انجاحه امام شعبها وامام الله عز وجل. ونحن ملتزمون الحوار ولن نتراجع عنه وقدمنا تنازلات في سبيل ذلك.

• هل تحدد موعد جديد للقاء المصريين؟

- قد يتم هذا في الايام المقبلة، وعلينا ان نحذر من ان يتحول عامل الوقت اداة ضاغطة على اي جهة. نحن حرصاء على ازالة اكبر عدد من الاشكالات والفجوات العالقة في اي ورقة.

• في سياق الحديث عن عامل الوقت، حدد رئيس السلطة يوم 25 اكتوبر الجاري لاصدار مرسوم رئاسي يدعو فيه الى الانتخابات التشريعية والرئاسية، فماذا لو لم تنجح خلال الايام الاربعة المتبقية مساعي المصالحة؟

- محمود عباس يدرك انه لا يستطيع ان يذهب الى الانتخابات الرئاسية والتشريعية في شكل منفرد، واذا فعل ذلك فسيذهب الى الفوضى والى الانتحار السياسي.

• لماذا؟

- الانتخابات الرئاسية والتشريعية لا يمكن ان تجرى الا من خلال الحوار والتوافق الفلسطيني الكامل وبعد انجاز المصالحة الفلسطينية والاتفاق على القانون الانتخابي وآليات الرقابة على الانتخابات وبعد توافر مناخ من الحرية يسمح باجراء هذه الانتخابات. اي انتخابات تجرى من دون توافر تلك الشروط لن تصب في المصلحة الفلسطينية، وسيتحمل مسؤولية هذه الجريمة محمود عباس وسلطته، ونحن نحذره من الاقدام على مثل هذه الخطوة التي ستزيد من الازمة داخل الساحة الفلسطينية.

• هل اشراك بقية الفصائل الفلسطينية في بحث الورقة المصرية من الملاحظات التي تطلبون الاخذ بها؟

- هذه الفصائل موجودة في المجتمع الفلسطيني وحاضرة ولها دور سياسي وشعبي واعلامي مهم، والازمة اساساً ليست بين «فتح» و«حماس» وحدهما، فهناك فصائل اخرى لديها تحفظات على الخط السياسي لمحمود عباس، وعلى نهجه في الحكم والادارة ومفاوضات التسوية. لهذه الفصائل رأي واعتراضات وملاحظات حتى على الورقة المصرية، ولا بد لانجاز المصالحة الحقيقية من ان يؤخذ برأي هذه القوى باحترام وتقدير.

• «تقرير غولدستون» دان اسرائيل لكنه دانكم ايضاً ودعا الى اجراء تحقيق ومحاكمات في ما قال انه جرائم حرب، فهل ستتجاوبون مع هذا الطلب؟

- اولاً، ليس صحيحاً ان هذا التقرير يدين حركة «حماس» فبنوده لا تتحدث عن ذلك. هذه تهمة اطلقتها جماعة «عباس - فياض» من دون ان تدرك محتواها. ثانياً، حركة «حماس» حركة مقاومة للاحتلال، ومقاومة الاحتلال مسألة تشرّعها القوانين الدولية والمعاهدات ومواثيق حقوق الانسان، ونحن لم نقم الا بالدفاع المشروع عن شعبنا عبر التصدي للاحتلال الاسرائيلي، فالاسرائيلي هو المعتدي وهو المحتل، فكيف نتهم وندان؟ نحن لسنا مدانين، وهذا التقرير مهم واهميته انه يأتي من جهة مفوضة دولياً اجراء هذا التحقيق بمشاركة ما لا يقل عن مئة مؤسسة انسانية، وسنواصل كحركة «حماس» جهودنا من اجل محاكمة مجرمي الحرب الصهاينة، وسندعم اي جهد سياسي او قانوني او مؤسساتي كي يأخذ هذا التقرير مداه ضد الاحتلال الاسرائيلي ومجازره. اما في ما يتعلق بالدعوة الى اجراء تحقيقات فنؤكد ان كل ما يخدم المصلحة الفلسطينية سنقوم به، ونحن لا نتلقى اوامر من احد ولا ننفذ برامج اطراف آخرين. واذا كان ثمة وسيلة لكشف حقيقة الجرائم الصهيونية وتقديم مزيد من الادلة تمهيدا لمحاكمة مجرمي الحرب فسنسعى الى تأمينها، ولكن على قاعدة عدم جواز معاملة المجرم كالضحية، فنحن شعب تحت الاحتلال وهناك 1500 شهيد وعشرة آلاف جريح بينهم اربعة آلاف بترت اطرافهم، جميع هؤلاء ضحايا العدوان على غزة، فهل يمكن المساواة بين الضحية الفلسطيني والقاتل المجرم الصهيوني؟ لا يمكن.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي