يوسف السريع : عشقي لا يهدأ لحفظ التراث الغنائي منذ ما قبل البث الإذاعي بالكويت

تصغير
تكبير
| كتبت ليلـى أحمـد |






اكثر ما لفت نظري الى مراقب المكتب الفني بإذاعة الكويت يوسف السريع هو اهتمامه بحفظ التراث الفني الغنائي تحديدا بالكويت، ومع ان هذا الاهتمام هو من مسؤولية الدولة بمجالسها الثقافية الفنية أو بوزارة إعلامها أو بجمعية الفنانين إلا ان السريع وجد نفسه مع قلة قليلة إن هذه مسؤوليتهم الوطنية تجاه الأجيال الكويتية الشابة هي مسؤليتهم الشخصية طالما ان مؤسسات الدولة نائمة في خدرها، أراد مع جمع طيب من الموثقين ان يكون لهذا البلد هويته الخاصة في فن المغنى، فالسريع من المؤمنين بأن بلدا بلا ماض، يكون بلدا لا حاضر ولا مستقبل له ويرى ان من مسؤولياتة الشخصية حفظ المرجعيات الموثقة عن التراث، وعلى الرغم من صغر سنه إلا إنه أدهشني للأرشيف الفني الكويتي والخليجي والعربي الفني الذي يحفظه في اسطوانات قديمة جدا او إصدارات كاسيت او سي ديهات... «الراي» التقت السريع في مكتبه بالإذاعة وكانت في أجوبته معلومات مهمة هي حصيلة هذا اللقاء :

• لا أدري شابا يافعا بعمرك لماذا يفكر بتجميع التراث الغنائي الكويتي بدلا من «القز» في المولات الكبيرة مثل من هم بعمرك..؟

- الوالد عبدالوهاب السريع له تأثير كبير علي ، فهو عاشق للتراث إذ كان بيتنا أو في مجال عمله بالإذاعة في قسم التنسيق، أستمع معه الى نوادر الأغاني التراثية، كما إن بيتنا وعائلتنا كلها مهتمة جدا بالثقافة والفنون الراقية فخالي هو الكاتب المسرحي الكبير عبدالعزيز السريع... وهذه من اساسيات حياتي وهو ما جعل اذني «نظيفة» أهتم بالأغاني القديمة التى لها علاقة بهويتنا الغنائية الخاصة بنا .

• يحتاج عملك في التوثيق الى الكثير من الجهد وهو عمل ليس بقليل

- هذا صحيح... واعتبر ما اقوم به مهمة وطنية تجاه بلدي وتجاه أجيالها الجديدة التي تستمع الى أغاني هذه الأيام التي لا علاقة لها بمقاماتنا وغنائنا القديم

• مالذي بين يديك الآن تعده في مجال حفظ التراث الغنائي ؟

- تحت الطبع كتاب مهم اسمه «هنا الكويت» وهي أول جملة قيلت حين افتتاح إذاعة الكويت ، وفي الكتاب تاريخ وأرقام عن الإذاعة الكويتية منذ تأسيسها، وسيصدر بمناسبة العيد الوطني في فبراير المقبل.

• ما هي ملامح الكتاب... وكم احتاج هذا من وقت ؟

- أمضيت في البحث وجمع المصادر لهذا الكتاب أربع سنوات، لأني أبحث عن وثائق قديمة، أي من سنة 1951 حين كان الاستاذ مبارك الميال مديرا للإذاعة ثم جاء بعده الشاعر يعقوب الرشيد أول نائب لمدير إذاعة الكويت وكان المدير الشيخ عبدالله النوري سنة 1952 .

• ما هدفك من إصدار هذا الكتاب ؟

- هدفي هو أن تحفظ الناس قيمة ما قدموه الأوائل من جهد وتعب في أقسام المنوعات والتنسيق بالإذاعة والتي كانت المصدر الإعلامي الوحيد في البلاد في تلك الفترة وما كانوا يقدمونه في تلك الفترة، هو رصد لتكوين الإذاعة من بداياتها وحتى تاريخ الاستقلال وموقف الإذاعة وقوتها أبان حكم عبدالكريم قاسم الذي هدد بغزو الكويت في الخمسينيات من القرن الماضي، أردت تبيان أعمال لرجال قدموا الكثير لهذا البلد إيمانا منهم ان هذا واجب وطني بالدرجة الأولى. 

ويهمني ان أذكر إن بالإذاعة كانت هناك فرقة إذاعة الكويت الموسيقية سنة 1951، وكنت اقوى فرقة موسيقية بالعالم العربي، غنى بها أبو بكر سالم ومحمد عبده وعبدالحليم حافظ في تسجيله لأغنية «يا هلي»... كان البث «لايف» غنى عبدالله الفضالة وعبدالعزيز البصري وأحمد الزنجبار وعواد سالم ومحمود الكويتي... إن مقارنة الماضي بالحاضر امر يجب احتسابه.

• حين نضجت ألم تتأثر بالموجات الغنائية الكويتية الحديثة التي فقدت هويتها؟

- لا... الصحيح إني استمع لها من باب المعرفة والعلم بالشيء، لكني لم أتأثر بها، ذلك لأني حين دخلت كلية الآداب، وغرست الدكتورة حصة الرفاعي بي في مادة التراث الشعبي أثرا لا أنساه من حيث اكتمال خبراتي في الأزياء والألغاز «الغطاية» وكذلك اهتمام الأستاذ الدكتور محمد رجب النجار بقضايا التراث العربي والخليجي وهذان الدكتوران أبديا اهتماما بي لما لمسوه من اهتمام حقيقي لدي بالمعرفة الجادة بمجال التراث الشعبي.

• وهل أنت على تماس في مجال الغناء أو العزف على الآلآت الإيقاعية ؟

- يهمني البحث اكثر من ان اكون مغنيا وعازفا... لدي الإلمام بالإيقاعات والعزف على العود، أستمع للعدنيات وأميزها، كما اجلس كثيرا كمحاور مع الفرقة البحرية مع الأستاذ خليفة العميري وفرقته... أسال عن فنونه وطريقته وفن الصوت والسامري والجالغي العراقي.

• متى كان لك أول تماس مع هذه الذخيرة الحية بالثراث الغنائي الشعبي

- كان ذلك اثناء تعييني بالاذاعة سنة 1992... لاحظت إننا ينقصنا المهتمون بالثراث الاجتماعي والفني، هم نوادر وقلة...  برنامج بدر جويهل في الأدب الشعبي مهم جداً، الى جانب قسم الموسيقى بقيادة صالح نوح المسباح، قمت بضبط الأرشيف وتصنيفه بأمر من والدي عبدالوهاب قبل خروجه للتقاعد، هذا أيضا كان مرجعا ثقافيا مهما لي، اليوم يتم طلبي من طلبة الجامعة لإلقاء محاضرات عن الأغنية الشعبية، كما قدمت في رابطة الأدباء محاضرة عن «التسجيلات بالاسطوانات القديمة في الأغنية التراثية».

• عما تحدثت في هذه المحاضرة ؟

- كانت عن تطوير الأغنية الكويتية فأغنية «على خدي» هي للمطرب الراحل عبدالله الفضالة ، تحدثت عن تاريخه الفني وبعد 30 سنة قام الفنان محمد المسباح بغناء الأغنية بعد تطويرها محافظا على أركانها الرئيسية وأغنية المسباح «كسرت الدنيا» بسبب نجاحها... . وهو من المطربين النادرين الذين لديهم اهتمام حقيقي بهوية الأغنية الكويتية وتأصيلها فيما يقدم من أغنيات.

• ماذا عن مشاركة المطربين والمطربات العرب في الأغنية التراثية الكويتية؟

- اذكر المطربة الراحلة علية التونسية عرضت لها أغنيات كويتية في إحدى مشاركاتنا في مهرجان الإذاعة هناك قدمت في الإذاعة التونسية أغنيات «يا دمعتي» و«شكوى العتاب» و«يا بنيات المدينة» و «يا نديم»... وكانت دهشة غير عادية للجمهور التونسي الذي لم يستمع الى أغنيات عليّة وهي تغني أغنيات كويتية غير معروفة لهم .

• ماذا لديك من مقتنيات نادرة ؟

- حين اخترع توماس هيدسون الكباية من مادة الفخار تم الاستفادة من هذا الاختراع في صنع اسطوانات من الفخار لتسجيل الأغنيات عليها وهو ما أملكه الآن واحتفظ به «وشاهدناها وهو يحملها بعناية شديدة»... وهو سريع الكسر ومن النوادر وعليها أغنيات من سنة 1904 لكبار مطربينا، كما ان شركة «بوزيد فون» هي صاحبة أكبر تسجيلات من الأربعينيات لطه البصري وجميع المطربين الكبار لعبدالله الفضالة كما ان لديها تسجيلات عبداللطيف الكويتي التي سجلها بالهند وهو ملك التسجيلات المتقنة.

• ما مدة الأسطوانة الحجر... زمنيا ؟

- 6 دقائق فقط... حتى إنه من الطرائف إن الكثير من المطربين كانوا يختصرون القصائد بسبب عدم تحمل الاسطوانة الحجر لأكثر من 6 دقائق .








السريع يحمل اسطوانة أثرية من الحجر



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي