د.مبارك الذروة / من يثأر لزايد... والكويت

تصغير
تكبير
التدافع الإعلامي والاستنكار الكبير والعاطفي جراء ما تعرض له الزميل زايد الزيد ظاهرة تستحق الدراسة. هذا التنديد والشجب السريع غير المدروس، وإسقاط اللوم على العدو المجهول الغائب الحاضر في أذهان الشعب هو ما تمليه ظروف الكبت النفسي الذي يعانيه طلاب الحرية والباحثون عن مناخ صحي لا فساد فيه ولا حرام.

جمع غير قليل من الكتاب ونواب ووزراء وكبار مسؤولين نددوا بالحادث وكأنهم كانوا ينتظرون من يسقطون عليه همومهم وآلامهم... بل كأنهم يفتشون عمن يلقون بالتهمة عليه تنفيسا عن تردي أوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

حالة زايد كانت ألماً زائداً على فهمنا لطبيعة ما نعانيه من أزمات، حالة زايد كشفت ما كان يعتصر الجميع، كانت شماعة لذنوبنا جميعاً عن التقصير في رد الحقوق إلى الكويت، حادث زايد جسد صورة الخلاص كما في المسيحية، خلاص المجتمع من ذنوب الساكتين عن الحق أو لجرم البغاة على المال العام، أو بمثابة كفارة المجتمع بشخص الناهين عن المنكر.

في داخلنا نحن الكويتيين شعور بالإحباط والقلق وعدم الثقة بسبب انحطاط مفاهيم الوحدة الوطنية، وتردي الذوق العام، وسلق الكويت على نار ليست هادئة.

أثبت زايد ورفاقه غياب الرقيب وسلطة القانون التي لا تعرف سوى الضعفاء والسواد الأعظم فحسب، برهن أن ثمة شيئاً في داخلنا نبحث من خلاله عمن نسقط اللوم عليه، وهو نوع من جلد الذات متنكر وخفي.

قصة زايد هي المخرج المؤلم واللذيذ... لذة الألم، وقبل سقوط أنوف اللصوص لابد من سقوط أنوف الأحرار وتمحيص صفوفهم.

لذة قرب الانتصار يراها من كان مثل زايد، والانتصار تكشفه صور التكاتف والاستنكار، والظروف التي جمعت الكل والجميع أمام هذا الاعتداء.

إنها فرصة أن تقدم لنا الظروف حالات مواجهة بصورة درامية، وفرصة أجمل أن نسقط أسباب تردينا وانهزامنا على الآخر والمجهول... الذي لا نعرفه ولن نعرفه.

سيعود زايد إلى عمله وستنتهي المشكلة، لكن سنحتاج دائماً إلى قربان لنعلق عليه جراحنا، ولنفسر قسراً ما بنا من تخلف بسبب مجهول لا نعرفه. مسكين أيها التاريخ كثيرة هي قضاياك التي تشبه زايد ولكنها بعد كل تحقيق تقيد ضد مجهول... وكان الله في عون زايد.





د.مبارك الذروة

أكاديمي وكاتب كويتي

maltherwa@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي