سورية قررت وقف «التعاون» مع فرنسا لحل الأزمة اللبنانية وباريس جددت مطالبتها دمشق بـ «إظهار حسن نيتها»
دمشق، باريس - ا ف ب - قررت سورية أمس، «وقف التعاون» مع فرنسا في شأن الازمة اللبنانية، وذلك ردا على قرار سابق بوقف الاتصالات الديبلوماسية مع سورية في هذا الصدد اتخذته باريس التي حملت دمشق مسؤولية «استمرار ازمة الفراغ الرئاسي في لبنان».
من ناحيتها، ربطت فرنسا مجددا استئناف الحوار مع سورية بابداء «حسن نيتها» في الازمة السياسية اللبنانية.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي عقده في دمشق «قررت دمشق وقف التعاون السوري- الفرنسي بصدد حل الازمة اللبنانية».
وندد الوزير السوري بمحاولة فرنسا القاء مسؤولية فشل جهود حل الازمة اللبنانية على سورية وعلى المعارضة اللبنانية وقال: «استمعنا باستغراب الى الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحافي في القاهرة يحمل سورية والمعارضة (اللبنانية) المسؤولية عن الفشل رغم ما بذلته سورية من جهود تعرفها فرنسا قبل غيرها وما ابدته المعارضة من مرونة لتسهيل التوصل الى حل توافقي».
وكان الرئيس الفرنسي ساركوزي اعلن الاحد خلال زيارة لمصر ان بلاده لن تجري المزيد من الاتصالات مع السوريين الى ان يتم انتخاب «رئيس لبناني توافقي».
ويشهد لبنان فراغا رئاسيا منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود في 24 نوفمبر بسبب عدم توصل فريقي الاكثرية النيابية المناهضة لسورية، والمعارضة الى توافق.
واوضح المعلم في تصريحاته ان «مشروع الحل الشامل للازمة في لبنان هو في الاساس مشروع تقدمت به فرنسا ودعمته سورية وسعت للحصول على موافقة المعارضة عليه».
واوضح ان «الاطار الذى جرى الاتفاق عليه، ان يكون الحل فى لبنان حلا توافقيا يشمل انتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية ووضع قانون جديد للانتخابات وتحييد الدور الاميركي المعطل للوفاق الوطني فى لبنان».
وقال المعلم: «يبدو ان الجهود الفرنسية مع سعد الحريري (احد اقطاب الغالبية البرلمانية في لبنان) للقبول (بهذا الحل) قد باءت بالفشل حيث تلقت بعد ثلاثة ايام (من طرح الحل) رسالة خطية تؤكد عدم قدرتهم (الفرنسيين) على تسويق ما اتفقنا عليه لدى الجانب الاخر» اي الاكثرية اللبنانية.
واكد ان «الفرنسيين ليسوا وحدهم من يريد تحميلنا مسؤولية عدم التوصل الى حل في لبنان فالولايات المتحدة واخرون يقولون ان على سورية بما تملك من صداقات وتأثير فى لبنان ان تمارس دور الضاغط على اصدقائها ليقبلوا ما تريده الاكثرية (اللبنانية) ومن وراءها ... اي احتكار القرار في بلد يقوم قراره واستقراره على التوافق».
وشدد على انه «اذا كانت المسألة مجرد ما تملكه دولة ما من نفوذ وتأثير فان غيرنا من الاشقاء العرب يملك تأثيرا على بعض قوى واسعة من جماعة 14 فبراير (الاكثرية) اكبر مما تملك سورية على اصدقائها فى المعارضة» في اشارة الى السعودية التي حرص المعلم على عدم تسميتها.
اوضح الوزير انه «تم الاتفاق (مع فرنسا) على الوقوف على مسافة واحدة من جميع الاطراف اللبنانية وليس ممارسة الضغط على طرف بحيث يصبح الحل قائما على اساس الغالب والمغلوب» وتساءل: «لماذا لايستخدمون هذا النفوذ والتأثير للدفع باتجاه قبول مايتفق والصيغة اللبنانية في الشراكة والعيش المشترك فى صيغة لا غالب ولا مغلوب»؟
وردا على سؤال عما جاء في تصريحات الرئيس الفرنسي الاخيرة التي قال فيها ان فرنسا تنتظر من سورية افعالا وليس اقوالا قال المعلم: «هو يريد اقوالا يعني يريد ان تقوم سورية بالضغط على المعارضة ... ماذا عن الاطراف الاخرى التي لديها صلات وثيقة ونفوذ واسع في لبنان ومعروف للجميع ولماذا لا تقوم بدورها»؟
واوضح ايضا ردا على سؤال، ان سورية لم تفاوض الفرنسيين نيابة عن طرف لبناني وأكد ان «من يفاوض نيابة عن المعارضة هو (العماد ميشال) عون» مشددا على ان «من يرد حلا في لبنان عليه ان يتصل بعون».
وأكد ان «سورية ستبقى جاهزة للتعاون مع الاصدقاء والاشقاء الراغبين في المساهمة وتسهيل ايجاد حل توافقي للازمة في لبنان يقوم على الشراكة والعيش المشترك بين اللبنانيين».
وناشد المعلم اللبنانيين «ان يعودوا الى الحوار في ما بينهم للتوصل الى حل توافقي بمعزل عن اي تدخل خارجي».
من جهة ثانية، اعلن المعلم ان دمشق ستشارك في مؤتمر وزراء الخارجية العرب حول لبنان الذي سيعقد في القاهرة في السادس من يناير، معربا عن امله في ان يكون هدف الاجتماع «مساهمة الجامعة الدول العربية، مساهمة وليس تدخلا، في تسهيل الحل بين اللبنانيين».
ورداً على اعلان سورية وقف تعاونها مع فرنسا في الملف اللبناني، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني «ان ما قلناه للسوريين هو ان اتصالاتنا السياسية انتهت حتى تظهر سورية حسن نيتها وانتخاب رئيس عبر اجماع واسع في لبنان». اضافت «ان موقفنا وتطلعاتنا معروفة. وهي ذاتها (مواقف وتطلعات) المجتمع الدولي».
وسئلت اندرياني عما اذا كانت الوساطة الفرنسية ساهمت في اعطاء دمشق «دورا محوريا» في لبنان، فنفت ذلك، وقالت: «يعود للبنانيين اولا ان يحلوا هذه الازمة».
وتابعت «ان فرنسا التي لا تزال جاهزة للتدخل، مستعدة من جهتها للمساهمة في البحث عن حل».
من جهة ثانية، قالت ان بلادها تواصل دعم انشاء المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري. وقالت: «لا نزال ملتزمين في شكل كامل في انشاء هذه المحكمة التي يفترض ان تبدأ عملها سريعا».
المطارنة الموارنة: التاريخ لن يرحم مَن يتسبّبون بمنع الحلول
| بيروت - «الراي» |
في رسالة «حازمة» تعكس استياء الكنيسة من استمرار تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، اعلن مجلس المطارنة الموارنة «ان التاريخ لن يرحم»، لافتاً لى «ان كل الذين يتسبّبون بمنع الحلول المرتجاة من بلوغ أهدافها، دولاً كانوا ام افراداً، مسؤولين في لبنان وخارجه، سيبقى اسمهم مقترنا بالمآسي التي يقاسي منها الشعب اللبناني».
وتوقف المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري امس برئاسة البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير عند «الجدل الدستوري القائم حول انتخاب رئيس الجمهورية، بعدما صار الاتفاق على اسم المرشح لهذا المنصب الكبير، فيما تعذر الاتفاق على انتخابه، وقد مضى على ذلك ما فوق الشهر، وهذا ما يحدث لاول مرة منذ نشأة الجمهورية في لبنان»، وقال: «كل هذا يُظهر مدى الخلاف القائم بين اهل السياسة الذين يسعى بعضهم الى مصالحهم الخاصة قبل سعيهم الى مصلحة بلدهم».
واعتبروا «ان الجو السياسي البغيض الذي يسود لبنان منذ عدة أشهر، وما يتخلله من تراشق حاد بين أهل السياسة، لا يساعد على حلحلة العقد التي يشكو منها اللبنانيون والتي حملت عددا منهم ليس بالقليل على مغادرة لبنان الى حيث تمكنهم مواهبهم من العمل والعيش بكرامة وفي جو طمأنينة، وهذا مفقر لبلدهم».
اضافوا: «ان الشلل الذي أصاب مختلف المرافق الاقتصادية وما يرافقه من غلاء معيشة وخصوصا بالنسبة الى الطبقات الفقيرة، يبدي للعيان ما وصلت اليه الحالة من تردّ في لبنان، وقد توافد اليه العديد من المسؤولين في الدول الصديقة للمساعدة على إيجاد حلول للاوضاع السائدة في البلد الصغير، ولكن من دون فائدة، على ما هو ظاهر حتى اليوم».
وختموا: «إن العام الفائت الذي ودعناه كان مليئاً بالفواجع والاغتيالات التي وصلت الى النيل من الجيش اللبناني، لذلك ندعو اللبنانيين في السنة الجديدة ان يسألوا الله ان يجعلها سنة خير وبركة وسلام يتيح للوطن الصغير المجال لانطلاقة جديدة تعيد ثقة ابنائه وثقة العالم، وتعيده الى سابق عهده بالطمأنينة والازدهار».