مذيع الـ «BBC» يعيش مع أسرته في بريطانيا منذ 21 عاما

كارم محمود: سمّوني مذيع الكوارث بعد وفاة الملك حسين وياسر عرفات وغزو الكويت!

تصغير
تكبير
|كتبت ليلى أحمد|
كارم محمود... ليس اسم مطرب عربي راحل شهير، هو من المذيعين المخضرمين في «بي بي سي». تسمع صوته الجدي الواثق عبر الاثير فتحتار في تحديد هوية صاحب الصوت: مذيع إخباري.. منفتح الفكر... هو مذيع الكوارث كما يلقبه البعض؟
حط في هيئة الاذاعة البريطانية منذ 21 عاما في العاصمة البريطانية لندن لينقل اخبار «BBC» الى العالم العربي، يحب مهنته كثيرا لانه لم يعرف غيرها ومرتاح في لندن لانها تتيح فكرة التزاوج بين ثقافات الشرق والغرب ويعتبر نفسه ابا ناجحا جدا لمحافظته على علاقة صداقة قوية مع اولاده في بلد تكاد تضيع فيه هوية العائلة العربية واواصر القيم التقليدية.

في بداية حديثه مع جريدة «الراي» حدثنا كارم عن عمله في «BBC» قائلا:
- انتسبت لـهيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي مع نهاية عام 1987 ضمن مشروع التعاون مع الاذاعات العربية. حينها كنت اعمل في اتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري وتم ترشيح 5 موظفين كنت من ضمنهم ووقع الاختيار علي في النهاية.
•لانك الأجدر؟
- لا.. ربما لاني كنت محظوظا إذ إن عمري كان مناسبا وكذلك خبرتي فقد كنت استند على خبرة سبع سنوات في اعداد وتقديم البرامج الاخبارية.
• هل كان من السهل بالنسبة اليك التخلي عن مهنتك في مصر وتحمُّل تجربة الغربة في لندن؟
- طوال مكوثي في بلدي مصر لم افكر ابداً في الاغتراب عنها او حتى مغادرتها. حتى انني تلقيت عروضاً من دول عربية اعتذرت لهم، غير متخيل هجرة بلدي مصر. لكن «بي بي سي» قبلة الاعلاميين، ولم أقدر على مقاومة هذا العرض الذي سيثري تجربتي حتماً.. فقررت الرحيل.
• ربما بريق اسم لندن كان وراء القرار؟
- الأمر ليس كذلك. قبولي كان لمجرد انها الـ «بي بي سي» بغض النظر عن موقعها، اي إنها لو كانت في طوكيو كنت سأذهب اليها. كما ان لندن جميلة تتيح التزاوج بين الثقافتين العربية والغربية فأنست لها.
• هل تناسبت كفاءاتك العربية مع الكفاءات المطلوبة في لندن؟
- الاعلام هو اعلام واحد أينما كنّا، لكن مفاهيم الصحافة بين بلادنا وتلك التي في الغرب مختلفة. ففي لندن هناك مستوى من الحرية والديموقراطية وحرفية عالية في كيفية التعاطي مع الخبر. ومن الصعب جدا على موظف الـ «بي بي سي» ان يمارس مهنته بنفس الحرفية في بلد عربي. ارجو الا يُفهَم كلامي خطأ. الادوات موجودة وهي نفسها في بلادنا كما في العالم الغربي لكن علينا ان نميِّز بين اجواء العمل العربي وسقف حرياته وحريات بريطانيا الرشيدة، والعمل في «BBC» يناسب اتجاهاتي الليبرالية في العمل والحياة.
• هل تعتقد ان مهنتك وحرفيتك تطورت بعد 21 سنة في «بي بي سي»؟
- اعتبر نفسي صحافيا اعلاميا واذاعيا محترف. اعمل في مهنة احبها كثيراً لانني لم اتعرف على غيرها. كرَّست لها كل طاقاتي، ووضعت فيها مجمل تجربتي، وتكوَّنت لدي خلفية تستطيع من خلالها الحكم على ما نذيعه ونقدمه للمستمعين العرب طبعاً من خلال دمج الثقافتين العربية والغربية.
• وهل تفيدك هذه الخلفية في التعامل مع اولادك في مجتمع الغرب المختلف عن ثقافة الشرق ومع ما تربَّى عليه الآباء؟
- انا اعيش من اجل اولادي فأنا أب عربي شرقي مودرن في تربيتي لاولادي. في بيتنا نعيش كما في عالمنا العربي وفي ذلك ساعدتني زوجتي التي اتفقت معي منذ البداية على أن تربية الأطفال وتعليمهم مهمتنا المشتركة الأولى.. وبالفعل رفضت زوجتي البحث عن عمل في بريطانيا وفرَّغت نفسها لرعاية الأبناء الذين كانوا صغاراً في بداية حياتنا في لندن. والحمد لله أثمر هذا الالتزام.. لدينا هيثم الذي أكمل قبل عامين دراساته الجامعية في مجال الإعلام والسينما.. وداليا التي تستعد لامتحانات السنة النهائية في الجامعة التي تدرس فيها سياسة وعلاقات دولية.. والأخير عمر في الرابعة عشرة من عمره وهو في المرحلة الأولى من دراسة المرحلة الثانوية.
• وكيف تتصرف عندما تواجهك مشاكل احتياجات الابناء مقابل تربية الآباء الشرقية في مدينة مثل لندن؟
- المشاكل تنشأ اصلاً عندما يحاول الاب ان يعزل اولاده عن المجتمع الذي يعيشون فيه من شدة خوفه عليهم. معظم الآباء ان -لم يكن كلهم - يقعون في هذا المطب. لكن عندما تتاح لاولادنا فرصة التعايش والاندماج مع الآخرين بشخصيتهم الشرقية التي لا نفرضها عليهم بالقوة، فانهم يرحبون بالوضع ويتعاملون مع قضاياهم براحة وحرية تنعكس على علاقاتهم بآبائهم. في المدارس البريطانية نجد ان الادارات ترحب كثيرا بهذا الاندماج، لان بريطانيا معروفة بتعداد ثقافات المقيمين فيها. علينا كآباء ان نسلح ابناءنا بقيمنا الشرقية ونشركهم في القرارات العائلية لكي لا يشعروا انهم في واد والاهل في واد آخر.
• هل تعتبر نفسك ابا مميزا؟
- احب ان اعتقد بذلك. لقد نجحت في علاقتي باولادي. انا صديقهم وليس والدهم. نتعرف على مشاكل بعضنا البعض ونقدم الحلول المشتركة ونتخذ القرارات بايجابية واضحة.
• ما الذي استخدمته من تجربتك في الادوات العربية في «بي بي سي» لندن؟
- قواعد العمل الاساسية كنت قد خبرتها في مصر لسنوات عدة بالاضافة الى إلمامي بشؤون المنطقة. نحن نتحدث عن دول شمال افريقيا. كنت على دراية تامة بالسياسة والتركيبة الديموغرافية، المحظورات والمسموحات والـ «بي بي سي» تشجع المعرفة والدقة والحيادية والحرفية.
• امضيت 21 سنة من حياتك المهنية في راديو «بي بي سي» الا يشعرك ذلك بالملل وبضرورة التغيير؟
- ابداً فانا مرتبط بالراديو الى حد كبير وصدقِّيني ان قلت ان حبي للراديو مازال كما كان منذ 21 سنة.
• هل ما زالت موهبة الصوت مهمة جدا بالنسبة للمذيع كما في السابق؟
- لقد تغير الوضع في السنوات الاخيرة. في الماضي كان الصوت الجميل هو المطلوب لكن في الوقت الحالي باتت الحرفية هي التي تحدد موهبة الصوت اكثر، وهي كفيلة باخفاء العيوب والنواقص، لكن الخامة ضرورية جدا، وهناك فرق بين الخامة والصوت. فما المفيد في صوت جميل لكن صاحبه لا يعرف كيف يوظفه ويوصله الى قلب المستمع؟
• هناك من يقول اننا بتنا نفتقد الأصوات الدافئة الحنونة التي كنا نستيقظ عليها كل صباح؟
- علينا ان نقرّ ان طبيعة البرامج تغيرت بين الامس واليوم، وحلاوة الصوت هي في الصوت المقبول عامة من المستمعين. في الماضي كان الصوت من ملامح قوة المذيع ورصيده لدى المستمع العربي لكن ذلك لم يعد شرطا اليوم.
• ما المعترف به اذاً؟
- ليس هناك من صوت قبيح. هناك ادوات تمكن صاحبها من الوصول الى اذن المستمع مثل الالمام باللغة وببواطن الحروف ومخارجها والتركيز عليها والخبرة تلعب دورا مهما جدا في المجال.
• المعروف في «بي بي سي» ان الرعيل القديم يدرب الوافد الجديد فمن كان مدربك وانت من دربت؟
- ماجد سرحان (رحمه الله) اما من دربتهم فكلنا في «بي بي سي» نقدم العون لبعضنا بعضا كل حسب قدرته وعطائه. القديم يعمل كظل خاص للجديد وهكذا..
• اي الاذاعات العربية تقلقكم منافستها؟
- ليس هناك اذاعات ربما تلفزيونات. فالاذاعات العربية المعروفة ليست كثيرة ولم تصل بعد الى حد منافسة الـ «بي بي سي».
• هل يطول كلامك برامج المنوعات؟
- نحن في «بي بي سي» لا نعتمد على برامج المنوعات. انا اتحدث عن البرامج الاخبارية والسياسية.
• لماذا يلقبونك بـ«مذيع الكوارث»؟
- اطلقها علي بعض الزملاء وقد حصل ذلك بالصدفة البحتة. اذ صودف وجودي في العمل يوم وفاة كل من الراحلين الملك حسين وياسر عرفات، وابان دخول القوات العراقية الى الكويت. بقيت على الهواء لساعات طويلة ما جذب انتباه الآخرين وكانت التسمية على سبيل الدعابة.
• صدفة ثم دعابة زادت من رصيدك المهني؟
- كل ما في الامر ان الناس تستمع الينا اكثر اثناء الازمات وقد وصلتني مكالمات عدة عن هذا الامر من مستمعين ومحترفين في المجال ايضا. ربما كنت من المحظوظين لكني تأكدت من قدرات الزملاء في الراديو وقدرتي على التصرف في اوقات مماثلة.
• اخيرا بعد سنوات من الغربة هل تفكر بالعودة الى بلدك بعد التقاعد؟
- لست محاسبا لانتهي بعد الستين. الاعلامي لا يحدده عمر ومحطات التلفزة والاذاعات بالمئات وان كنت استطيع ان انقل خبرتي للآخرين فلم لا؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي