عبدالعزيز عبدالله القناعي / حين نتحدث / ثقافة الممنوع

تصغير
تكبير
نعيش أجواء المنع في كل شيء في دولة الكويت وتعاظم دور قوى الرجعية وأعداء الحرية والديموقراطية الذين ازدادوا كرهاً للجمال والرأي الآخر، وأصبحنا نحن نرى هذا التراجع وهذا التخاذل يأخذ أشكالاً متنوعة وآخرها ما سعت اليه الحكومة لتعطيل وتوقيف برامج إعلامية، وبغض النظر عن تجاوزها للأعراف المصونة من وجهة نظر الحكومة فإن الهدف من ذلك لمن يرى المشهد الديموقراطي بشكل جلي وبعيد عن المصالح والتدخلات هو لتكميم الحريات، وفتح باب التراجع الديموقراطي كهدف تسعى اليه بعض أقطاب الحكومة فوجدت هذه
الفرصة سانحة للاقتناص خصوصا اذا عرفنا ان ادعاء الحكومة ممثلة بوزارة الإعلام هو لتفعيل القوانين وتطبيقها وكأن القوانين وضعت الآن
وباللحظة، ولكن هناك دائماً شيئاً ما وراء الأكمة فحري بنا أن نعرفه حتى نتجنب ما هو الأسوأ والمقبل خلال الأيام.
ان التجربة الديموقراطية لدولة الكويت ليست وليدة اللحظة بل ضاربة بجذورها منذ القدم وجُبل عليها أبناء الكويت، ودافعوا عنها بالغالي والرخيص جنبا إلى جنب مع القيادة السياسية إيمانا منها بدور الديموقراطية بتأصيل العلاقة ما بين الحاكم والمحكوم، وتاريخنا يشهد مدى تسلسل الديموقراطية حتى تم للشعب الكويتي الفرحة واقامة الأعراس الديموقراطية.
وفي وقتنا الحالي ومع انتشار الفضائيات وقانون المطبوعات أصبحت الديموقراطية تأخذ أشكالاً أخرى وتفتحت معها الأبواب على مصراعيها يساندها في ذلك مجلس الأمة بتأليب الجماهير وإثارة القضايا المصيرية مع انعدام الرؤية الحكومية لمعالجة الأخطاء والسلبيات التي تشوب أعمال الوزراء والمسؤولين ما جعل معها المواطن الكويتي يتذمر كثيراً من سوء الخدمات المقدمة اليه، ومع استغلال مساحة الديموقراطية وحرية التعبير والرأي بالضرب بجميع الاتجاهات لجميع التيارات والأحزاب الموجودة أصبحنا نرى مثل هذه التداعيات واشكاليات المحاكم والقضايا الإعلامية، وهذا ما أفرز لدينا صراع الفضائيات والصحف وعلى جميع نوعيات الانتاج فهي عاكسة لما يراه ويحس فيه المجتمع وايضا من نبض الشارع الكويتي، ولكن تختلف معه المعالجات من وجهات نظر مختلفة، وهذا بالإضافة إلى تزايد الرشاوى والصفقات المشبوهة وكثرة سرقات المال العام وحتى أصبحنا نسمع عنها ونراها مع قراءتنا لجرائد الصباح وارتشاف القهوة وكأنه قدر محتم علينا بأن يقوموا بسرقتنا كل صباح، فإذاً
أصبح الهدف الأقرب هو لتضييق باب الحريات وجعله متاحا في أقصر الوسائل، وتفعيل أو تشهير قانون المرئي والمسموع بصورة
تنفيذية حتى لا تلام الحكومة وأقطابها في هذا الصراع فجل ما يحدث هو من باب تطبيق القانون وليس العزف عليه.
لقد أخذ الإعلام دورا مهما على الساحة المحلية، وتنافست القنوات الفضائية في تنفيذ برامجها وخططها طبقا لما تراه من مصلحة عامة، أو لمجرد بث ما تريد توصيله إلى المشاهدين بناء على توجهات ورؤى ملاك المحطات والقنوات الفضائية وهذا ما يضاعف معه المسؤولية حول التحكم بمعايير حرية التعبير، ومن له الصلاحية في تقييم ما ينشر وما ليس صالحا للنشر، وهل وزارة الإعلام هي الجهة الرسمية المخولة لذلك، وعلى أي أساس تقيم هذه المحطات وكيف، فهل توجد دراسات ميدانية قامت عليها أسباب المنع، أم انها مجرد ضغوطات تُمارس على أصحاب القرار بناء على مصالح مسبقة أو لتنفيذ أجندات خاصة؟
ان ما ننادي به هو فتح باب المزيد من الحريات دعما وتأصيلا لمبادئ الديموقراطية والدستور والحفاظ على مكتسباتنا التي نفخر بها منذ القدم ونتطلع إلى المزيد منها في ظل الحفاظ على مبادئنا وقيمنا الثابتة في ترسيخ مبدأ الاحترام وعدم التشهير بالآخرين بصورة مقززة أو مخالفة لتعاليم ديننا السمح وهذا ما نبرأ منه جميعا.
فلتكن ثقافة الممنوع والتي ابتلينا بها منذ أعوام طويلة حافزا لنا لتغيير هذه الثقافة، وفتح المجال أمام المزيد من فرص الحرية والديموقراطية فبها حتما سنقرر مصيرنا ولندع أنفسنا هي من تتحمل المسؤولية، وليس كل مدع وكل مسؤول هو من يقرر ذلك، فما أصعب الحرية على سجانها وما أتعس أمة حين لا تتعلم من أخطائها.
عبدالعزيز عبدالله القناعي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي