العمل ومكانته في الإسلام / 7

u0627u0644u0632u0631u0627u0639u0629 u0633u0628u0628 u0641u064a u062du064au0627u0629 u0627u0644u0646u0627u0633r
الزراعة سبب في حياة الناس
تصغير
تكبير
قبل الحديث عن موقف العمل المهني في الإسلام لا بد لنا من إلقاء نظرة على العمل المهني أولا في الجاهلية فقد كانت المهن عند العرب تختلف من حيث قبولهم لها او رفضهم اياها.
فالرعي كان منتشرا عندهم يعمل به الغني والفقير لا يأنف احد منه وكان من بين الذين اشتغلوا بمهنة الرعي سيد الخلق النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام فقد عمل راعيا قبل البعثة النبوية الشريفة ورعي غنما للسيدة خديجة رضي الله عنها.
واما التجارة فحدث ولا حرج فقد عرفها العرب من قديم الزمن، وكانت من أهم موارد الدخل عندهم فكانوا يسيرون القوافل التجارية محملة بالبضائع والسلع بين شرق الجزيرة العربية وغربها وشمالها وجنوبها، ولعل خير شاهد على ذلك القرآن الكريم الذي بيّن انهم كانوا يسيرون رحلتين في العام احداهما في الشتاء والاخرى في الصيف قال تعالى (لإيلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).
اما الصناعة فتختلف، فمنها ما هو مقبول عندهم ويمتهنها الكثير منهم كالغزل والنسيج الذي كان ينتشر عند الحاضرة والبادية دون ادنى احتقار لمن يعمل ذلك عندهم.
كما انهم على عكس ذلك يحتقرون من يمتهن النجارة، ولكن بدرجة معقولة، ويحتقرون بالدرجة الاولى من يمتهن الحدادة ويسمونه بالقين، فكانت كلمة القين وتعني (العبد الرقيق) مرتبطة بالحداد دائما، ما يدل على مدى احتقارهم للحدادين حتى انزلوهم منزلة العبيد الارقاء فكانوا يشكلون طبقة وضيعة في المجتمعات الجاهلية في الحجاز فلا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم، بل يأنفون من مخالطتهم والتحدث اليهم.
كما ان هناك بعض الحرف الاخرى استهجنها العرب لأنه في اعتقادهم لا يليق بالعربي الحر الشريف ان يكون صانعا لأن الصنعة من حرف العبيد والخدم والاعاجم والمستضعفين من الناس، بالاضافة إلى ان العربي كان يرى فيها تقييدا لحريته وحدا من حركته، وقيل انهم كانوا اذا ارادوا تحقير انسان وسبه بكلمة تكون مجمع السباب قالوا له: يا ابن الصانع بل ان العدنانيين يعايرون اليمنيين بأنهم كانوا من دابغ جلد وناسج برد.
وما يؤيد ذلك ان احد الشعراء يهجو غريمه بأن احد جدوده كان حدادا، فكأنما وضع بهذا وصمة عار في جبين القبيلة إلى الابد، هذا وربما يفضل احدهم سؤال الناس على ان يعمل عملا يعده ممتــــــهنا وغـــــير لائــــق بمـــــثله.
وعودة الى هدفنا المقصود وهو البحث في السنة النبوية الشريفة عن الاحاديث الكريمة الحاثة على العمل بالمهن والحرف المختلفة التي يتعلمها المسلم وتعود على الفرد والمجتمع بالنفع والخير والصلاح والفلاح: فمن هذه المهن والحرف ما يلي:
الزراعة
حرصت السنة النبوية الشريفة على ترسيخ مبادئ عدة بشأن الزراعة من أهمها ما يلي:
الدعوة إلى الزراعة واستصلاح الاراضي
فالاسلام الحنيف يحث الناس على زراعة الارض واستغلالها بما يعود عليهم بالنفع والخير لأن من الزراعة يخرج الغذاء الذي يكون سببا في حياة الناس ومن الاحاديث التي تحث على استغلال الارض قوله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له ارض فليزرعها او ليمنحها اخاه فإن ابى فليمسك ارضه».
وقوله عليه الصلاة والسلام (ما من مسلم يغرس غرسا او يزرع زرعا فيأكل منه طير او انسان او بهيمة إلا كانت له به صدقة» وفي رواية اخرى: «ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما اكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة وما اكل السبع منه فهو له صدقة وما اكلت الطير فهو له صدقة ولا يرزؤه احد إلا كان له صدقة».
وقال صلى الله عليه وسلم «من احيا ارضا ميتة فله فيها اجر وما اكلت العانية منها فله منها صدقة».
ازواجه مئة وسق، ثمانون وسق تمر وعشرون وسق شعير، وقسم عمر خيبر فخير ازواج النبي صلى الله عليه وسلم ان يقطع لهن من الماء والارض او يمضي لهن فمنهن من اختار الارض ومنهن من اختار الوسق وكانت عائشة اختارت الارض».
كما انه ما بالمدينة اهل بيت هجرة كما ورد عن قيس بن مسلم إلا يزرعون على الثلث والربع، وزارع على وسعد بن مالك وعبدالله بن مسعود وعمر بن عبدالعزيز والقاسم وعروة بن الزبير وآل ابي بكر وآل عمر وآل علي وابن سيرين، وقال عبدالرحمن بن الاسود كنت اشارك عبدالرحمن بن يزيد في الزرع، وعامل عمر الناس على ان جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر وان جاء بالبذر فلهم كذا، وقال الحسن: لا بأس ان تكون الارض لأحدهما فينتفعان جميعا فما خرج فهو بينهما، ورأى ذلك الزهري وقال الحسن: لا بأس ان يجتنى القطن على النصف، وقال ابراهيم وابن سيرين وعطاء والحكم والزهري وقتادة لا بأس ان يعطي الثوب بالثلث او الربع ونحوه، وقال معمر: لا بأس ان تكرى الماشية على الثلث او الربع إلى اجل مسمى.
ولما اتفق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع يهود خيبر، طلب اهل فدك من الرسول صلى الله عليه وسلم ان يعاملهم كما عامل اهل خيبر، فاتفق معهم الرسول صلى الله عليه وسلم على النصف مما تخرج الارض وكانت فدك خالصة للرسول لأنها لم يجلب عليها بخيل ولا ركاب.
وقال: «من احيا ارضا مواتا فهي له» قال «من اعمر ارضا ليست لأحد فهو احق» وقال عليه الصلاة والسلام «لو قامت الساعة وبيد احدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل».
وغير ذلك من الاحاديث الكثيرة التي ترغب المسلمين في استصلاح الاراضي وزرعها وتحثهم على ذلك وتبين فضيلة الغرس والزرع كما تبين ان اجر فاعلي ذلك مستمر ما دام الغراس والزرع وما تولد منه إلى يوم القيامة، حتى ان البخاري رحمه الله جعل بابا في كتاب المزارعة سماه (باب فضل الزرع والغرس اذا اكل منه) وكذلك مسلم رحمه الله جعل بابا في ذلك سماه (باب فضل الغرس والزرع).
تنظيم الزراعة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم:
نظم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الزراعة وقعد لها قواعد واسسا معينة تسير عليها اباح بها بعض المعاملات وحرم البعض الآخر فمما اباحه صلى الله عليه وسلم نظام (المزارعة) المتمثل في التعاون بين صاحب الارض والعامل الذي يزرعها فيعطي للعامل الذي يقوم بالزراعة نصيبا مما يخرج من الارض حسبما يتفقان عليه كالنصف او الثلث او الربع او الاكثر او الاقل من ذلك وقد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بها فقد ورد الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر او زرع.
ومما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك النوع من الكراء الذي كان منتشرا عند اهل المدينة والذي كان يتمثل في انهم كانوا يكرون الارض ويكون انتاج رقعة معينة منها لصاحب الارض الاصلي، وقد نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فعن حنظلة بن قيس الانصاري انه سمع رافع بن خديج قال: كنا اكثر اهل المدينة مزدرعا كنا نكري الارض بالناحية منها يسمى لسيد الارض قال فمما يصاب ذلك وتسلم الارض ومما يصاب الارض ويسلم ذلك فنهينا واما الذهب والورق فلم يكن يومئذ والسبب في هذا النهي ان الزراعة تتعرض للإصابة فقد تكون هذه الاصابة فيما يخص صاحب الارض وقد تكون الاصابة فيما يخص المستأجر فتلحق بأحدهما الضرر دون الآخر، وقد كان البعض ايضا يؤجر الارض لمن يستغلها ويكون لصاحب الارض ما على السواقي من الزرع فقط وهو شبيه بالنوع الاول ايضا وقد نهاهم الرسول عن ذلك لما قد يقع من النزاع بين الطرفين نتيجة للضرر الذي يقع على محصول احدهما اما بسبب الاهمال او الآفات الزراعية، روى عن سعد بن ابي وقاص قال: «كنا نكري الارض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على السواقي من الزرع وبما سعد من الماء منها فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ورخص لنا في ان نكريها بالذهب والورق» وهكذا نرى ان هناك نوعا من الكراء يكون بالذهب والفضة عرف في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة واقر الناس عليه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي