عندما تستعين وزارة الصحة بأطباء أجانب للعمل في مستشفياتها الحكومية أو الخاصة فإنما يدل ذلك على تأخرها في المجال الطبي مقارنة بالآخرين، أو نقص في كوادرها الطبية الوطنية، أو قلة خبرة تلك الكوادر، أو تلك الأسباب مجتمعة معاً. ومع ذلك ليس عيباً أن تستعين أي جهة حكومية سواء صحية، أو اقتصادية، أو رياضية، أو قانونية بخبرات خارجية تفوق خبراتها للاستفادة منها حتى تنهض بنفسها إلى الأمام، وتواكب التطور. ولكن العيب أن تكون لدينا الخبرات اللازمة التي تفوق الآخرين ونستعين بغيرنا. بل إن هذا يثير تساؤلاً محيراً: لماذا نستعين بغيرنا إذا كانت لدينا إمكانات علمية تفوق ممن نستعين بهم، أو نتباهى بهم.
أصدرت الجمعية الصيدلية الطبية كتيباً بعنوان «دواؤك في رمضان» وفي عنوان ثانوي: «فتاوى شرعية في مسائل طبية معاصرة» وهذا الكتيب تم توزيعه بالمجان أمام صيدليات المستشفيات الحكومية بكثرة، وهو في الحقيقة اجتهاد من الجمعية الصيدلية الكويتية لتنمية الثقافة الدينية الطبية لدى الناس باعتبارها ثقافة مشروعة وهادفة ومفيدة.
ولدينا مأخذ على هذا الكتيب وأرجو أن يتسع صدر الجمعية لما سنبديه في هذه الأسطر المختصرة، ذلك أنه في الكويت وزارة أوقاف وإدارة افتاء متطورة للغاية، حتى أن القاصي والداني يتمنى أن تصله فتاوى تلك الإدارة وكتبها ومجلداتها وموسوعتها القانونية، حيث أنني وفي أكثر من بلد عربي أجد بعض رجال الدين يطلبون مني الموسوعة الفقهية لوزارة الأوقاف وكتب الفتاوى الصادرة منها... ونحن لا نفتخر فقط في إدارة الافتاء بل حتى في كلية الشريعة التي يديرها ويشارك في تدريسها أساتذة كويتيون لهم مكانتهم العلمية والعملية في العالم الإسلامي. وبعد كل هذا التقدم والتطور الكبير في المسائل الدينية والشرعية نجد الجمعية الصيدلية الكويتية تستعين بفتاوى رجال دين من خارج الكويت في هذا الكتيب، وكأنها تقدم لنا شهادة لمن يهمه الأمر بأننا مازلنا متأخرين حتى في إصدار فتاوى طبية عن الصيام يتم تدريسها في المرحلة الابتدائية.
كلية الحقوق والشريعة في الكويت هي أقدم كلية خليجية في المجال القانوني والشرعي، وفي السبعينات والثمانينات كان طلبة الخليج يلتحقون بها بحثاً عن العلم، ليعودوا إلى بلادهم بعد تخرجهم لتطبيق ما درسوه في هذه الكلية، وبعد فصل كلية الشريعة عن كلية الحقوق وأصبحت كل منهما كلية منفصلة أخذت كل منهما تخرج في كل عام كما كبيرا من الطلبة الذين أصبحوا الآن من كبار العلماء في المسائل الشرعية، بالإضافة إلى ما ذكرناه من تقدم علمي كبير في إدارة الافتاء فهل هذا يكفي البعض بأن يكتفوا بجلب الفتاوى الخارجية لأن لكل دولة فتاواها وظروف إصدار هذه الفتاوى.
ملحوظة
أتمنى من إدارة الافتاء بوزارة الاوقاف أن يكون لها دور إعلامي في إبراز نشاطها المميز.
فوزية سالم الصباح
محامية وكاتبة
[email protected]