فوائد من قصة يوسف الصدَّيق

u0648u0644u064au062f u0627u0644u0639u0644u064a
وليد العلي
تصغير
تكبير
تعتبر قصة نبي الله يوسف عليه السلام من احسن القصص القرآني، ولكثرة ما فيها من عبر ودروس وعظات فقد استنبط الامام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - منها مئة فائدة جمعها الاستاذ الدكتور وليد بن محمد بن عبدالله العلي استاذ العقيدة في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت في كتاب اسماه «الروض الانيق في الفوائد المستنبطة من قصة يوسف الصديق».
وقد قسمه إلى اجزاء يشتمل كل جزء على فائدة او اكثر وسنقوم بعرضها تباعا طوال شهر رمضان المبارك ليستفيد بها اكبر قدر من القراء الاعزاء.


الجزء الحادي والعشرون

الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى: (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء اخيه ثم استخرجها من وعاء اخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) الآية 76.

الفائدة السابعة والستون:
- احتج بعض الفقهاء بقصة يوسف على انه يجوز للإنسان التوصل إلى اخذ حقه من الغير بما يمكنه الوصول اليه بغير رضا من عليه الحق.
قال شيخنا: وهذه الحجة ضعيفة، فإن يوسف عليه السلام لم يكن يملك حبس اخيه عنده بغير رضاه، ولم يكن هذا الاخ ممن ظلم يوسف حتى يقال: قد اقتص منه، وانما سائر الاخوة هم الذين كانوا قد فعلوا ذلك، نعم كان تخلفه عنهم مما يؤذيهم لتأذى ابيهم، وللميثاق عليهم وقد استثنى في الميثاق بقوله: (الا ان يحاط بكم) وقد احيط بهم، ويوسف عليه السلام لم يكن قصده باحتباس اخيه: الانتقام من اخوته، فإنه كان اكرم من هذا وان كان في ضمن ما فعل من تأذي ابيه اعظم من اذى اخوته: فإنما ذلك امر امره الله تعالى به ليبلغ الكتاب اجله، ويتم البلاء الذي استحق به يوسف ويعقوب عليهما السلام كمال الجزاء وعلو المنزلة، وتبلغ حكمة الله التي قدرها وقضاها نهايتها، ولو فرض ان يوسف عليه السلام قصد الاقتصاص منهم بما فعل: فليس هذا بموضع خلاف بين العلماء، فإن الرجل له ان يعاقب بمثل ما عوقب به، وانما موضع الخلاف: هل له ان يخونه كما خانه، او يسرقه كما سرقه؟ ولم تكن قصة يوسف عليه السلام من هذا النوع.
نعم لو كان يوسف عليه السلام اخذ اخاه بغير امره: لكان لهذا المحتج شبهة، مع انه لا شبهة له ايضا على هذا التقدير، فإن مثل هذا لا يجوز في شرعنا بالاتفاق، ولو كان يوسف قد اخذ اخاه واعتقله بغير رضاه، كان في هذا ابتلاء من الله تعالى لذلك المعتقل، كأمر ابراهيم عليه السلام بذبح ابنه، فيكون المبيح له على هذا التقدير: وحيا خاصا، كالوحي إلى ابراهيم عليه السلام بذبح ابنه، وتكون حكمته في حق الاخ امتحانه وابتلاءه لينال درجة الصبر على حكم الله، والرضا بقضائه، ويكون حاله في هذا كحال ابيه يعقوب عليه السلام في احتباس يوسف عليه السلام عنه.
وقد دل على هذا: نسبة الله سبحانه ذلك الكيد إلى نفسه بقوله: (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله).
وهو سبحانه ينسب إلى نفسه احسن هذه المعاني وما هو منها حكمة وحق وصواب وجزاء للمسيء وذلك غاية العدل والحق، كقوله (انهم يكيدون كيدا واكيد كيدا) وقوله (ومكروا ومكر الله) وقوله (الله يستهزئ بهم) وقوله (ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) وقوله (واملي لهم ان كيدي متين).
فهذا منه سبحانه في اعلى مراتب الحسن، وان كان من العبد قبيحا سيئا لأنه ظالم فيه، وموقعه بمن لا يستحقه والرب تعالى عادل فيه، موقعه بأهله ومن يستحقه.
سواء قيل: انه مجاز للمشاكلة الصورية، او للمقابلة.
او سماه كذلك: مشاكلة لاسم ما فعلوه.
او قيل: انه حقيقة، وان مسمى هذه الافعال ينقسم إلى مذموم ومحمود واللفظ حقيقة في هذا وهذا كما قد بسطنا هذا المعنى واستوفينا الكلام عليه في كتاب (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة) (اغاثة اللهفان) 2/152 - 154.

الفائدة الثامنة والستون:
- المكر ينقسم الى محمود ومذموم، فإن حقيقته: اظهار امر واخفاء خلافه، ليتوصل به إلى مراده.
فمن المحمود: مكره تعالى بأهل المكر مقابلة لهم بفعلهم. وجزاء لهم بجنس عملهم، قال تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وقال تعالى (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون).
وكذلك الكيد ينقسم إلى نوعين: قال تعالى: (واملي لهم ان كيدي متين) وقال تعالى (وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك إلا ان يشاء الله) اغاثة اللهفان 1/579.
الفائدة التاسعة والستون:
- اخبر تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام انه جعل صواعه في رحل اخيه ليتوصل بذلك إلى اخذه من اخوته، ومدحه بذلك، واخبر انه برضاه واذنه كما قال (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم).
فأخبر ان هذا كيده لنبيه، وانه بمشيئته، وانه يرفع درجة عبده بلطيف العلم ودقيقه الذي لا يهتدي اليه سواه، وان ذلك من علمه وحكمته. اعلام الموقعين 3/189 - 190

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي