الأنظار تتجه إلى موقف الرئيس اللبناني

الحريري قدّم تشكيلة «جسّ النبض» لسليمان والكرة في ملعب المعارضة

تصغير
تكبير
| بيروت - «الراي» |
... «اشتدّي أزمة تنفرجي او تنفجري؟»... سؤال «يضجّ» في بيروت حيث تحوّل ملف تشكيل الحكومة «كرة ثلج» بدأت «تسخن» تدريجاً على وقع دخول عملية التأليف في «سباق مع الوقت» وضع معه مختلف اللاعبين في فريقيْ الأكثرية والمعارضة «الأسلحة الاحتياطية» على الطاولة في ما بدا انه الجولة الحاسمة التي ستحدد مصير «الوزارة الموعودة» واذا كانت الابواب ستبقى موصدة امام ولادتها وسط انطباع بان «القفل» في هذا الملف داخلي اما «المفتاح» فاقليمي دولي.
فمع مرور أكثر من 70 يوماً على المفاوضات لتأليف الحكومة وقبل نحو أسبوعين من سفر الرئيس ميشال سليمان الى نيويورك لترؤس وفد لبنان الى أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لجأ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الى «الحسم الدستوري»، اذ قدّم امس تشكيلة لحكومة وحدة وطنية الى سليمان تتضمن الأسماء والحقائب وتنطلق من صيغة 15 - 10 - 5 التي سبق ان تم التفاهم عليها مع المعارضة، وتراعي «مئة في المئة» من مطالب الثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «امل»، ولا تأخذ بـ «مئة في المئة» من شروط زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون، كما انها لا تسقط الثوابت التي يعتبرها الحريري وفريق الغالبية مساً بصلاحيات رئيس الوزراء المكلّف وتحفظ المكتسبات البديهية للاكثرية الفائزة في الانتخابات النيابية.
فقرابة الثانية من بعد ظهر امس، زار الحريري رئيس الجمهورية في مقره الصيفي في بيت الدين وسلّمه التشكيلة الحكومية التي جاءت بعد سلسلة من لقاءات «الفرصة الأخيرة» مع أطراف المعارضة واجتماعات «اللمسات الأخيرة» مع أفرقاء الأكثرية قبل اللجوء الى «الخرطوشة الأخيرة» اي تشكيلة «الأمر الواقع».
وجاءت خطوة الحريري وسط محاولات المعارضة ايجاد «توازن ردع» تمثل في رفعها سقف لهجتها غداة «أسوأ اللقاءات التصعيدية» بين الحريري والوزير جبران باسيل، صهر عون الموجود في براغ، محذرة الرئيس المكلف من ان يقدم على هذه «المغامرة السياسية» باعتبارها «وصفة لمشكلة جديدة»، ومعتبرة ان اي تشكيلة حكومية يتم وضعها ولا تكون منسقة مع الآخرين ستدفع البلد الى ذروة جديدة في الازمة المفتوحة، فيما لوّح بعض أطراف المعارضة بـ «استشارات نيابية جديدة»، قارعين «جرس الإنذار» من اي «خيارات تفجيرية» يعتمدها الحريري.
وبعدما حددت المعارضة مسبقاً موقفها الرافض لأي «استفراد بالعماد عون، فسندخل الحكومة معاً او لا ندخل»، اتجهت الأنظار الى الخيارات المتاحة امام رئيس الجمهورية الذي كان رسم «مهلة الحث» لتشكيل الحكومة التي يريدها قبل سفره الى نيويورك ليرافقه رئيس حكومة مشكّلة، بما يجعل موقف لبنان أقوى خلال المناقشات التي ستتناول ملفات شائكة في المنطقة ولها ارتدادات على لبنان، من دون إغفال ان ثمة مًن يتساءل كيف يمكن لبلد (لبنان) ان يطلب مساندته للانضمام الى العضوية غير الدائمة في مجلس الامن ليساهم في حل «مشكلات العالم» فيما هو غير قادر على تشكيل حكومته.
وفي هذا الإطار، وفيما استبعدت غالبية الدوائر ان يُصدر رئيس الجمهورية اي مراسيم بالتشكيلة التي عرضها الحريري عليه، فان اوساطاً متابعة استبعدت ان تكون خطوة الرئيس المكلف «غير منسقة» مع سليمان، لافتة الى ان مجرد تلقي رئيس الجمهورية التشكيلة يعني ان الرئيس المكلف قدّم اليه «تشكيلة للتفاوض النهائي» عليها مع المعارضة وفكفكة آخر التعقيدات المتصلة بشروط عون، ومعتبرة ان «احتفاظ» سليمان بمسودة الحكومة سيتيح «امتصاص» غضب المعارضة من جهة ويؤمن من جهة اخرى «مستنداً» لتحريك المفاوضات من قاعدة معيّنة.
وكما بات معلوماً، فان شروط عون في الملف الحكومي كانت تتلخص بالآتي: الحصول على خمس حقائب وزارية بينها وزارة الداخلية «السيادية» ووزارة الاتصالات، واعادة توزير باسيل فيها وتوزير اربعة موارنة. وهو ما قابله الرئيس المكلف بـ «اللاءات» الآتية: لا وزارة الاتصالات ولا الداخلية ولا الطاقة، ولا اربعة وزراء موارنة ولا توزير لباسيل في اي حقيبة، و«نعم» لاربع حقائب بدل خمس مع وزير دولة، ويمكن استبدال حقيبة الاتصالات بالتربية.
وكان الحريري افصح عن هذا الاتجاه علناً في افطار مساء الأحد، اذ قال انه يتطلع الى «حكومة وحدة وطنية يكون الجميع فيها في حاجة الى بعضهم البعض، والا يكون القرار كله عند شخص واحد». وتساءل: «من أين يأتي التعطيل؟ هل هو إقليمي؟ لو كان كذلك لوجهنا الاتهامات الى الإقليمي، انما ان يكون التعطيل من الداخل ولا نستطيع حله فهذه مصيبة اكبر».
وكان الرئيس المكلف التقى ليل الاحد، الرئيس امين الجميّل، ثم رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، فرئيس الهيئة التنفيذية لحزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. كذلك استقبل الحريري المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل وعرض معه آخر التطورات المتعلقة بتأليف الحكومة.
وعُلم ان الحريري ابلغ الى اقطاب الاكثرية كما ممثل بري، انه عازم على تقديم تصوره لتشكيلة الحكومة قريباً، وتشاور معهم في الاحتمالات التي تترتب على هذه الخطوة، كما جرى بحث في بعض النقاط التفصيلية المتعلقة بمشروع التشكيلة.
في موازاة ذلك، صعّد باسيل - الذي لفتت زيارته امس لبري - بوجه رئيس الحكومة المكلف، فأعلن انه «مرة جديدة يمارس علينا سعد الحريري الضغوط كي يفرض علينا شروط الاستسلام والخضوع بالسياسة والطائفية والشارع، وهذا يعني أنه يريد تأليف حكومة بالنار والضغط والابتزاز، حتى وصل بهم الأمر الى التهديد بالحرب الأهلية، بينما كنا نراهن على أنه يسعى الى تأليف حكومة بالحوار وإقرار حقوقنا، ليتبين لنا أنه يتحرك ضمن معادلة محددة «إما القبول بشروطه أو الويل والثبور وعظائم الأمور، وهذه طريقة غير مجدية لا مع ميشال عون ولا مع التيار الحر وجمهوره، وقد حاولت الدول قبله أن تفعل معنا ذلك ولم تنجح».
وقال باسيل لصحيفة «السفير» «اننا نريد حواراً مجدياً ومنتجاً يؤدي الى تأليف الحكومة، حددنا ثلاثة منطلقات أساسها الاعتراف بالآخر ووقف التعدي على حقوقنا ووقف طرح المطالب التعجيزية، وننتظر من الرئيس المكلف الأجوبة عنها لكي ينطلق الحوار الجدي بيننا وإلا نكون ما زلنا في دائرة التعدي علينا معنويا وعلى حقوقنا».
ورداً على ما يقصده بأن الحريري يهدد بالحرب الأهلية، أجاب: «ألم تقرأوا ما صدر عن المفتي علي الجوزو؟ إذا لم يتنصل منه الحريري، فمعنى ذلك أن رئيس الحكومة المكلف يريد تأزيم الأمور الى حد التهديد بالحرب الأهلية».
وأكد أن الحوار «كان شكلياً بدليل أن كل طرف أعاد تكرار ما عنده من مطالب وبدا خلاله أن الحريري انما كان يريد اللقاء للقول لاحقاً لرئيس الجمهورية وباقي أطياف المعارضة أنه سمع نصيحتهم وحاول التوصل الى تسوية مع عون لكنه وصل الى حائط مسدود». وحول إمكان تقديم تشكيلة الى رئيس الجمهورية من طرف واحد ومن دون التفاهم المسبق لا مع المعارضة ولا مع «التيار»، أجاب باسيل «يعني ذلك كما لو كانوا ينتخبون رئيس الجمهورية بالنصف زائد واحد وعندها عليهم أن يتحملوا مسؤولية أعمالهم سياسيا».
في المقابل، أكّد النائب عمار حوري (من كتلة الحريري) أنه «سيكون هناك 5 وزراء للتيار الوطني الحر، وهناك 7 وزراء دولة سيوزعون على كل الأفرقاء السياسيين، ولا يمكن لأحد أن يقول، أنا لا أريد وزير دولة، وبما أنه للمعارضة 10 وزراء إذا سيكون لها وزيري دولة كحدّ أدنى». وشدّد على أن «الحريري ما زال متمسكاً بكل أدبيات الكلام ولم يقل إنه لن يوزر باسيل (كما ذكر باسيل)، ولم يصدر عنه أي كلام عن هذا الموضوع».
واذ اكد ان الحريري «لا يريد التحدي بل الاستقرار»، اعتبر أن «التيار الوطني الحر» سينال مطالبه، وستكون مشاركته وازنة في فريق المعارضة. وأضاف: «ليس صعباً الوصول إلى صيغة أسماء مقبولة بنسبة 80 في المئة من جميع الأطراف».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي