فوائد من قصة يوسف الصدَّيق

u0648u0644u064au062f u0627u0644u0639u0644u064a
وليد العلي
تصغير
تكبير
تعتبر قصة نبي الله يوسف عليه السلام من احسن القصص القرآني، ولكثرة ما فيها من عبر ودروس وعظات فقد استنبط الامام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - منها مئة فائدة جمعها الاستاذ الدكتور وليد بن محمد بن عبدالله العلي استاذ العقيدة في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت في كتاب اسماه «الروض الانيق في الفوائد المستنبطة من قصة يوسف الصديق».
وقد قسمه إلى اجزاء يشتمل كل جزء على فائدة او اكثر وسنقوم بعرضها تباعا طوال شهر رمضان المبارك ليستفيد بها اكبر قدر من القراء الاعزاء.


الجزء السابع

الفائدة الثالثة والخمسون:
الفائدة المستنبطة من قول الله تعالى: (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون) (الآية:60).
خلوة المحب لمحبوبه: هي غاية أمنيته، فإن ظفر بها: وإلا خلا به في سره؛ وأوحشه ذلك من الأغيار. وكان قيس بن الملوح إذا رأى إنساناً هرب منه، فإذا أراد أن يدنو منه ويحادثه: ذكر له ليلى وحديثها، فيأنس به ويسكن إليه. وينبغي للمحب أن يكون كما قال يوسف لإخوته وقد طلب منهم أخاهم: (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون).
إذا لم تكن فيكن سعدي فلا أرى
لكن وجوهاً أو أغيب في لحدي
(روضة المحبين ص288 - 289).
الفوائد المستنبطة من قول الله تعالى: (وقال لفتينه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون. فلما رجعوا الى أبيهم قالوا يأبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون) (الآيتان: 62-63).
الفائدة الرابعة والخمسون:
الله سبحانه إنما سوغ ذلك لنبيه يوسف عليه السلام جزاء لإخوته، وعقوبة لهم على ما فعلوا به، ونصراً له عليهم، وتصديقاً لرؤياه، ورفعة لدرجته ودرجة أبيه، وبعد: ففي قصته مع اخوته ضروب من الحيل المستحسنة:
أحدها: قوله لفتيانه: (اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون).
فإنه تسبب بذلك إلى رجوعهم، وقد ذكروا في ذلك معاني:
منها: أنه تخوف ألا يكون عندهم ورق يرجعون بها.
ومنها: أنه خشي أن يضر أخذ الثمن بهم.
ومنها: أنه أراهم كرمه في رد البضاعة ليكون ادعى لهم الى العود. وقد قيل: إنه علم أن أمانتهم تحوجهم الى الرجعة ليردوها إليه، فهذا المحتال به عمل صالح. والمقصود: رجوعهم ومجيء اخيه، وذلك أمر فيه منفعة لهم ولأبيهم وله، وهو مقصود صالح (إغاثة اللهفان 2/145 - 146).
الفائدة الخامسة والخمسون:
ما يشهد السياق والكلام به: فكأنه مذكور في اللفظ، وإن حذف اختصاراً، كقوله تعالى: (أن اضرب بعصاك البحر فانفلق) (سورة الشعراء: الآية 63).
فكل واحد يعلم أن المعنى: فضربه فانفلق، فذكره نوع من بيان الواضحات، فكان حذفه أحسن، فإن الوهم لا يذهب الى خلافه. وكذلك قوله تعالى: (وقال لفتينه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا الى أهلهم لعلهم يرجعون. فلما رجعوا الى أبيهم).
فكل أحد يفهم من هذا السياق: أنهم جعلوها في رحالهم، وأنهم وصلوا بها الى أبيهم. ومثل هذا في القرآن كثير جداً، وفهم الكلام لا يتوقف على أن يضمر فيه ذلك، مع أنه مراد ولا بد، فكيف يتوقف فهم الكلام الذي لا دليل فيه على الإضمار بوجه، وهو كلام مفيد قائم بنفسه معط لمعناه، على دليل منفصل يدل على أن المتكلم لم يضمر فيه خلاف ما أظهره؟ وهل يتوقف أحد من العقلاء في فهم خطاب غيره له على هذا الدليل أو يخطر بباله؟ (الصواعق المرسلة 2/713).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي