مشاهـد / تاريخ الأنفلونزا والطاعون

تصغير
تكبير
|يوسف القعيد|
غلاف عدد 15 يونيو... عليه صورة ابراهيم باشا ابن محمد على باشا. ويكتبون في العدد عن ابراهيم بمناسبة سفر حفيده الى عاصمة بلاد الانكليز، وتقيم المجلة مقارنة بين رحلة الخديو ورحلة جده الى أوروبا، وتعود المجلة في العدد نفسه الى الأنفلونزا تكتب: قال الدكتور بفايفر مكتشف ميكروب الأنفلونزا أنه وجد بالبحث والاستقرار ان اليابانيين أقل الأمم تعرضاً لهذا المرض... فهم أقل الناس استخداماً لمناديلهم، وأن الجنس القوقازي هو الذي نشر ميكروب الأنفلونزا في أقطار المسكونة بواسطة المناديل القطنية.
ويرى الدكتور بفايفر ان يعدل الناس عن استخدام تلك المناديل الى مناديل من الورق. قال: وقد أجاب هذه الدعوة جماعة من الانكليز، ولكن تلك المناديل لم يعمم استعمالها بعد. ولكنه سيأتي يوم يكون استعمال هذه المناديل عاماً في سائر أقطار المسكونة.
وفي عدد 15 يوليو - سنة 1900 - نقرأ المانشيت الرئيسي: أشهر الحوادث وأعظم الرجال. وفي باب الأخبار العلمية وتحت عنوان: قلب صناعي: يزعم أحد أطباء فرنسا أنه يستطيع اصطناع قلب ينقبض وينبسط كقلب الانسان ولا نخاله الا واهماً في زعمه. والمجلة تخطئ مرتين في ايرادها لهذا الخبر. الخطأ الأول: أنها تغفل اسم هذا الطبيب الفرنسي الحالم الرائد. والثاني: أنها تهاجمه وتتهمه بالوهم في زعمه. ولكن من كان يعلم الغيب؟!
وفي خبر عنوانه: «الأعضاء الاصطناعية»... اذا فقد أحد الناس عضواً من أعضائه غير الرئيسية كالذراع أو الأنف اصطنع له الأفرنج عضواً من الخشب أو الفضة يقوم مقامه ولكل عضو ثمن خاص، واليك الأثمان التقريبية: 30 جنيهاً الذراعان كاملان مع الكتفين والأنامل، 28 الفخذان كاملان مع القدمين، 16 أنفاً من المعدن لا يمتاز في منظره عن الأنف الطبيعي، 22 الأذنان ومعهما أدوات تساعد على السمع، 10 طواقم من الأسنان، 6 أعين من الزجاج والمجموع 114 جنيهاً. فاذا فقد أحد الناس كل أعضائه عوض عنها بأعضاء صناعية قيمتها مئة وأربعة عشر جنيهاً وأقول الآن: يا بلاش. الا ان كان هذا المبلغ من ناحية قوته الشرائية في السوق يساوي المبالغ الطائلة التي يمكن ان تدفع اليوم.
وعن أقلام الرصاص تكتب الهلال: اخترعت أقلام الرصاص منذ 250 عاماً. ومن الغريب نسبتها الى الرصاص ولا أثر له فيها. ولكنهم رأوا الغرافيت وهي المادة الأصلية في أقلام الرصاص تشبه بعض مركبات الرصاص فسموها به. وأول قلم رصاص صنع في انكلترا في مناجم الغرافيت ثم لايزالون عاملين على تحسينه الى الآن.
وفي عدد 5 أغسطس وتحت عنوان تاريخ الشهر تكتب مجلة «الهلال» عن الطاعون في بيروت: أصيب 4 من عملة احدى معاصر بيروت بأعراض تشبه أعراض الطاعون. فقامت بيروت بتلك الحادثة. ونزح البيروتيون عشرات ومئات الى لبنان فراراً من ذلك الداء الملعون وضع لبنان طاقماً صحياً وأصدر مجلس الصحة والكورتينات منشوراً يعتبر به بيروت موبوءة. فضربت الكورتينات على ادارتها في الاسكندرية غير ان هذه الزوبعة ما لبثت ان زالت اذ تحقق بعد بضعة عشر يوماً ان بيروت نظيفة لأنه لم يعد يظهر فيها شيء. فرفعت الحجور وسكنت الخواطر والحمد لله.
ويتصادف صدور أكثر من رواية في هذا الشهر هي: نهضة الأسد أو الثورة الفرنساوية وهي رواية وان شئت قل تاريخ للثورة الفرنساوية تأليف اسكندر دوماس: نقلها الى العربية حضرة الكاتب الفاضل فرح أفندي أنطون. منشئ مجلة الجامعة ورئيس تحرير صدى الأهرام. وقصة يوسف بك كرم وهو معروف في سورية رافق في حياته من الحوادث اللبنانية في أواسط القرن وله تاريخ نشر في كتاب بطل لبنان.
ولكن حضرة الفاضل نعوم أفندي مكرزل منشئ جريدتي الهدى والوطنية في فيلادلفيا بأميركا نشر قصة ليوسف بك المذكور مكتوبة على مثال قصة الزيد وأبي زيد فيها الكثير من القصائد.
ورواية غصن البان في رياض الجنان، وهي رواية غرامية تاريخية فكاهية أدبية تأليف لامارتين الكاتب الفرنساوي الشهير نقلها الى اللسان العربي المأسوف عليه الشاعر الثائر المرحوم نجيب الحداد. وسلطان الهوى وهي رواية أدبية غرامية عصرية تأليف حضرة الأديب برسوم أفندي الألفي بديوان عموم السكة الحديد الشرقية. وغادة الصين وهي رواية أدبية غرامية تعريب حضرة الأديب صالح أفندي جودت في شبين الكوم.
ورغم هذا فان جرجي زيدان لا يبدو راضياً عن حال الأدب في ذلك الزمان فهو يكتب: انحط أسلوب الانشاء حتى أوشك ان يكون عامياً كما في قصص بني هلال ونحوها ما وصل الينا. ويكمل: ان سوء فهم الادارة أفسد على الناس نياتهم. فتشوشت أفكارهم وانصرفوا الى ما يشغلهم عن تلك المظالم من المخدرات والمسكرات وشاع استخدام الأفيون والحشيش وتوالت الأوبئة الفاسدة لا سيما الطاعون، وتمكنت الأوهام من عقولهم. وزاد اعتقادهم في الخرافات والسحر.
ويبدو ان جرجي زيدان كان ديموقراطياً. ففي عدد أول ديسمبر يعلن عن كتاب عنوانه: البرهان في انتقاد عذراء قريش. ويقول: هو انتقاد على روايتنا عذراء قريش من قلم حضر يوسف أفندي طبش. ثمن النسخة قرشان ويطلب من حضرة المؤلف.
أما تساؤلات القراء فقد دار معظمها حول من هو فرعون موسى. ومن هو فرعون يوسف؟ حقيقة اسلام عبد الله بن المقفع وان كان قد بقي على نصرانيته، خاصة وأنه ترجم ما ترجمه عن اللسان الأوروبي، وما هي حقيقة زندقته؟ وما هي اللغة التي كان يتكلم بها آدم وهل هي العبرية كما يدعي اليهود أم كانت اللغة العربية؟
وهل هناك من سبق آدم على كوكب الأرض. أم أنه كان الانسان الأول؟ وما هو أصل لفظ النمسا؟ وما هو نص معاهدة خيبر. حقوق الملل ومعاهدات الدول في الحرب ما هو أصل التناول؟ أصل البرابرة. انكلترا والترانسفال ومقاومة البوير للانكليز. تنفس النبات. نباهة الحيوان.
أما الموضوعات التي كانت المجلة توليها اهتمامها فهي: ماركوني مخترع اللاسلكي... انتقال دار الكتب خانة والتحف العربية الى مقر قرب ديوان المعارف العمومية... بدرب الجماميز وهو بعيد عن وسط البلد في ميدان منصور باشا في أواسط شارع محمد علي. الرياضة البدنية والهيئة الاجتماعية حرية المطبوعات والصحافة المصرية.
الصفحات الأخيرة من المجلد الثاني يحتلها فهرست السنة التاسعة للهلال. ثم بعد ذلك اعلان عن رواية: أيام بمباي الأخيرة. ورواية عذراء قريش واعلان عن الهلال نفسها ثم اعلان عن رواية 17 رمضان... أما على هوامش الصفحات فنقرأ:
يوسف أفندي فوال وكيلنا المتجول بالشرقية والدقهلية ومحافظتي دمياط والقنال.
ادوارد أفندي جندي وكيل الهلال بالقاهرة.
جبرائيل أفندي نخلة... وكيلنا المتجول لجمع بدلات الاشتراك بالغربية والبحيرة والقليوبية والمنوفية والاسكندرية... بوصولات منا.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي