جعفر رجب / تحت الحزام / «هذا ما رواه أبي علِي» (4) عندما طرقت باب العلم!

تصغير
تكبير
بدأت رحلتنا في عرض الجنة وطولها، مع القافلة التي سارت بنا بسرعة الصوت، فهناك لا كاميرات سرعة تصور، ولا دوريات شرطة توقف الحوريات فقط، دونا عن بقية الرجال!
مشينا مسافة مئة الف فرسخ- ولا تسألوني من هو فرسخ - نزلت من راحلتي، ووقفت على باب بيت متواضع، سألت والدي: الجنة بكل قصورها وحدائقها، وبها هذا البيت المبني من الطين، القابل للسقوط مع اول نسمة ريح..
قال: هنا «باب العلم»*

- ولماذا لا يسكن قصرا؟
* القصور فقط لمن يملكون قصورا في دينهم، هو لا تغريه القصور!
- ولماذا سكن هنا، ولم يصعد للاعلى!
* يحب مجالسة الفقراء والحفاي من امثالنا!
مددت يدي، وطرقت «باب العلم»، فناداني صوت كان كصوت أذان في اول ساعات الفجر: من طارق الباب؟
قلت: انا يا سيدي، يا صاحب هذه الدار!
رد علي قائلا: صاحب الدار مشغول عنك بمن يعشق، انا خادمه، ما طلبك؟
- اريد ان اسأله عن طرق السماوات، والمجرات، والحياة في الكواكب الاخرى، وطرق الوصول الى السماوات..!
* يا أخ البشر... بامكانك ان تسأل عن طرق السماوات، من وكالة الفضاء الروسية، او وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»..!
- ولكن، ألا يعرف صاحبك طرق السماوات؟!
* يعرف طرق الوصول الى رب السماوات، اما علوم الدنيا فشأن بني الدنيا، وليس شأن بني الاخرة، واستخدموا ما في رؤوسكم قليلا!
- طيب، وكيف نصل لرب السماء؟
* كل الطرق تؤدي اليه!
- واي الطرق افضل؟
* ابحث عنها بنفسك، ولكن اعرف ان كل من يقول لك بانه سيوصلك الى طرق السماوات وهو عالم بها، فهو كذاب اشر، وابن ستين كذاب، لا احد يملك خريطة طرق السماء!... انه طريقك اسلكه كما تحب، ستصل ان اردت، وحتى ان اخطأت «فان من يطلب الحق فيخطئه، ليس كمن يطلب الباطل فيدركه»
- طيب ممكن سؤال آخر؟
* تفضل!
اخرجت ورقة صغيرة من جيبي وبها بعض الاسئلة، وقلت له:عندي بعض الاسئلة من الربع في الديوانية، اردت ان اعرف، اذا المسلمين سكنوا القمر كيف يشاهدون هلال رمضان، وعلى اي امساكية يصومون ويفطرون؟ وعندي سؤال آخر عن المسلم وهو بلبس الفضاء، اذا انحصر، كيف يطهر نفسه؟ واذا ذهبنا الى زحل فعلى اي قمر من اقماره نصوم ونفطر واذا...
قاطعني خادم البيت، ونظر الي مبتسما، وقال لي: يا زائرنا، اولا يجب ان تعرف انه لا انت، ولا ابنك، ولا حفيدك... بل حتى الجيل الخمسين من سلالتك لن يصلوا القمر، انتم بلا مناهج مثل الناس، ولا جامعة محترمة..! وتفكرون كيف تصومون بالقمر! انتم تغنون للقمر، تتغزلون بالقمر، تشاهدون صور زعمائكم بالقمر، تشربون عصير قمر دين... هذا حدكم، اكثر من هذا لا تتعبون عقولكم، اقصى مكان تصل اليه واحفادك مركز «النويصيب»!
- كل ياخذ «نويصيبه» في الدنيا، واللي مكتوب على الجبين تشوفه العين! وتخلفنا الآن ابتلاء وامتحان لنا!
* وانتم سقطتم في الامتحان، ومكتوب على جبينكم، الصلاحية انتهت، ولايصلح للاستعمال الآدمي!
اعتذرت منه، فقد بدا عليه الغضب، واشفقت لحال صاحب الدار، الذي ابتلا باتباعه حيا ثم ميتا! تحركت القافلة، اما نحن فقد قررنا ان نكمل رحلتنا معا، بعد ان أجرنا «وانيتا»..! لماذا أجرت الوانيت بالذات، فهذه قصة اخرى وغدا اكمل* !
* «باب العلم» الامام علي!
* نزولا عند رغبة القراء اختصرت الاحلام قدر الامكان، لانه رمضان و«مالهم خلق يقرون»!
جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي