محافظ الرهونات ليست بذاك الحجم لأن آليات الإقراض قبل الأزمة كانت مختلفة
ماذا لو عمدت البنوك إلى «التسييل»؟
منع التسييل حمى السوق من تداعيات خطيرة
|كتب رضا السناري|
سادت تكهنات كثيرة منذ بداية الأزمة في السوق المحلي حول تعامل البنوك مع ما في حوزتها من ضمانات، وما إذا كانت لديها النية أو الإمكانية لتسييلها.
ولولا أن محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح هز إصبعه يوماً محذراً من أي عمليات تسييل للأسهم لكان كثيرون يعتقدون أن الأمر من السهولة بمكان، سواء تعلق الأمر بالأسهم أو بالعقارات.
ولا تزال تنتشر أخبار ثم تخبو عن عزم بعض المصارف تسييل بعض الضمانات لديها، أو عن طلبات من البنوك لعملائها لتقديم ضمانات إضافية مقابل قروض انخفضت قيمة ضماناتها بفعل الأزمة.
فما حقيقة أحوال الضمانات التي لدى البنوك؟ ما مقدارها؟ وماذا تجني البنوك إذا قررت تسييلها؟
قد يتغير الكثير من القراءات إذا ما علم أن الكثير من مكونات محفظة البنوك الائتمانية الممنوحة للشركات وتحديدا الاستثمارية قبل الازمة لم تكن تقابلها ضمانات تكفي، لأن آلية الإقراض كانت مختلفة، وكذلك مقاربة البنوك لمخاطر الائتمان. وربما كانت قروض الأسهم وحدها تغطى بضمانات كبيرة، تتجاوز أحياناً 200 في المئة. مع العلم أن المصرفيين يدركون أن الكثير من القروض كانت تستخدم لشراء الأسهم من دون أن تكون مصنفة لهذا الغرض.
لكن في المجالات الأخرى كانت الصورة مغايرة. فعلى سبيل المثال اذا ذهبت شركة «س» معروف عنها الاستقرار، وقوة المركز المالي أو حتى شخص استثماري «ص» يمتلك سيرة مميزة من التعامل مع البنوك في طلب التمويل من احدى الجهات المصرفية، وكان التركيز الضماني على موارد هذه الجهة الداخلية، وتقييم مدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها من واقع ارقام الميزانية، فلم يكن من الدارج وقتها ان تطلب الجهة الممولة من الجهة الراغبة في الاقتراض ضمانات بهدف تغطية التمويل، ولذلك كان يمنح الجزء الاكبر من الائتمان المحلي قبل الازمة على اساس الاسماء او ما يعرف بـ«Name lending»، وباعتبار ان بنك الكويت المركزي من اكثر بنوك المنطقة المركزية تحفظا، كان يحض البنوك على أخذ ضمانات مقابل القروض الاستثمارية، وفي اطار ذلك كانت نسبة الضمان على «الصفقات» بين 40 إلى 60 في المئة، اذ تتوقف النسبة على اسم العميل، مع الاشارة إلى انه في بعض الاحيان كانت هناك قروض تمنح باقل من هذه المعدلات بكثير، اما في حال الضمانات على القروض العقارية فتتراوح بين 60 إلى 70 في المئة من قيمة التمويل، والحال الوحيدة التي كان يحصل فيها البنك ضمانات بكامل قيمة التمويل وضعفه هو تمويل الاسهم التي فقدت وهجها في الأزمة، ومن ثم تراجعت ضماناتها إلى اقل المستويات ضمانا امام اصل التمويل.
ماذا يُفهم من ذلك؟
من واقع هذه العلاقة يتضح ان اكثر الاحتمالات ترجيحا امام هذه المعضلة بالنسبة للبنوك تجميد محفظة الرهونات الائتمانية إلى حين ميسرة، فرغم كثرة الحديث في الفترة الماضية عن امكانية استفادة المصارف من خيار الضمانات، الا ان هذه المعادلة شهدت تحولاً جذرياً بالعلاقة بين البنوك والشركات في الفترة الاخيرة لعل العنوان الابرز لهذا التحول هو «الخوف» أو «الحذر»، فالبنوك باتت على قناعة ان المعالجة الحقيقية لانكشافها على شركات الاستثمار والعملاء الاستثماريين لا يمكن ان تكون من خلال التسييل، الذي لم يعد مجداً من حيث قيمته الحقيقية مقابل قيمة المحفظة الائتمانية. ومكونات محفظة الرهونات من ضمانات.
وتتراجع اهمية التسييل كحل امام البنوك في معالجة الانكشاف، لا سيما وان هكذا توجه من شأنه ان يزيد العلاقة المالية امام البنوك شربكة فكما «ان ابغض الحلال عند الله الطلاق»، سيكون التسييل بمثابة معول هدم في العلاقة بين البنك والعميل، وهو ما سيدفع المصارف في النهاية إلى اللجوء إلى القضاء، ووقتها ستكون مضطرة إلى تكوين مخصصات امام تمويلاتها المتعثرة المتعرضة إلى التسييل بواقع 100 في المئة، بعد اختصام قيمة ما لديها من ضمانات. ولو بحثنا في اثقل الملفات التمويلية ضماننا نجد ان نسبتها على قروضها لا تتجاوز 7 في المئة، وهو ما لا يساهم في راحة الميزانيات، كما انه سيشكل اعتبارا قضائيا للعميل حيث التزرع بتأثيرات قرار التسييل عليه وهو ما يضعف اي مطالبة له في وقت لاحق بسداد بقية التمويل، بالاضافة إلى ان قرار التسييل يشكل من ناحيته عامل ضغط سلبي كبير على السوق.
وحتى ترتاح ميزانيات المصارف وتميل دفة القرار من جديد لصالح البنوك يتعين ان تتعدل اوضاع الشركات نفسها. ويتم التوصل إلى صيغة مرضية بين الجهات التمويلية والمستدينة بتنسيق من بنك الكويت المركزي تحت اطار التوصل إلى حل ينهي مرحلة الجمود التي تمر بها المحفظة الائتمانية منذ بداية الأزمة وما يقابلها من ضمانات.
سادت تكهنات كثيرة منذ بداية الأزمة في السوق المحلي حول تعامل البنوك مع ما في حوزتها من ضمانات، وما إذا كانت لديها النية أو الإمكانية لتسييلها.
ولولا أن محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح هز إصبعه يوماً محذراً من أي عمليات تسييل للأسهم لكان كثيرون يعتقدون أن الأمر من السهولة بمكان، سواء تعلق الأمر بالأسهم أو بالعقارات.
ولا تزال تنتشر أخبار ثم تخبو عن عزم بعض المصارف تسييل بعض الضمانات لديها، أو عن طلبات من البنوك لعملائها لتقديم ضمانات إضافية مقابل قروض انخفضت قيمة ضماناتها بفعل الأزمة.
فما حقيقة أحوال الضمانات التي لدى البنوك؟ ما مقدارها؟ وماذا تجني البنوك إذا قررت تسييلها؟
قد يتغير الكثير من القراءات إذا ما علم أن الكثير من مكونات محفظة البنوك الائتمانية الممنوحة للشركات وتحديدا الاستثمارية قبل الازمة لم تكن تقابلها ضمانات تكفي، لأن آلية الإقراض كانت مختلفة، وكذلك مقاربة البنوك لمخاطر الائتمان. وربما كانت قروض الأسهم وحدها تغطى بضمانات كبيرة، تتجاوز أحياناً 200 في المئة. مع العلم أن المصرفيين يدركون أن الكثير من القروض كانت تستخدم لشراء الأسهم من دون أن تكون مصنفة لهذا الغرض.
لكن في المجالات الأخرى كانت الصورة مغايرة. فعلى سبيل المثال اذا ذهبت شركة «س» معروف عنها الاستقرار، وقوة المركز المالي أو حتى شخص استثماري «ص» يمتلك سيرة مميزة من التعامل مع البنوك في طلب التمويل من احدى الجهات المصرفية، وكان التركيز الضماني على موارد هذه الجهة الداخلية، وتقييم مدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها من واقع ارقام الميزانية، فلم يكن من الدارج وقتها ان تطلب الجهة الممولة من الجهة الراغبة في الاقتراض ضمانات بهدف تغطية التمويل، ولذلك كان يمنح الجزء الاكبر من الائتمان المحلي قبل الازمة على اساس الاسماء او ما يعرف بـ«Name lending»، وباعتبار ان بنك الكويت المركزي من اكثر بنوك المنطقة المركزية تحفظا، كان يحض البنوك على أخذ ضمانات مقابل القروض الاستثمارية، وفي اطار ذلك كانت نسبة الضمان على «الصفقات» بين 40 إلى 60 في المئة، اذ تتوقف النسبة على اسم العميل، مع الاشارة إلى انه في بعض الاحيان كانت هناك قروض تمنح باقل من هذه المعدلات بكثير، اما في حال الضمانات على القروض العقارية فتتراوح بين 60 إلى 70 في المئة من قيمة التمويل، والحال الوحيدة التي كان يحصل فيها البنك ضمانات بكامل قيمة التمويل وضعفه هو تمويل الاسهم التي فقدت وهجها في الأزمة، ومن ثم تراجعت ضماناتها إلى اقل المستويات ضمانا امام اصل التمويل.
ماذا يُفهم من ذلك؟
من واقع هذه العلاقة يتضح ان اكثر الاحتمالات ترجيحا امام هذه المعضلة بالنسبة للبنوك تجميد محفظة الرهونات الائتمانية إلى حين ميسرة، فرغم كثرة الحديث في الفترة الماضية عن امكانية استفادة المصارف من خيار الضمانات، الا ان هذه المعادلة شهدت تحولاً جذرياً بالعلاقة بين البنوك والشركات في الفترة الاخيرة لعل العنوان الابرز لهذا التحول هو «الخوف» أو «الحذر»، فالبنوك باتت على قناعة ان المعالجة الحقيقية لانكشافها على شركات الاستثمار والعملاء الاستثماريين لا يمكن ان تكون من خلال التسييل، الذي لم يعد مجداً من حيث قيمته الحقيقية مقابل قيمة المحفظة الائتمانية. ومكونات محفظة الرهونات من ضمانات.
وتتراجع اهمية التسييل كحل امام البنوك في معالجة الانكشاف، لا سيما وان هكذا توجه من شأنه ان يزيد العلاقة المالية امام البنوك شربكة فكما «ان ابغض الحلال عند الله الطلاق»، سيكون التسييل بمثابة معول هدم في العلاقة بين البنك والعميل، وهو ما سيدفع المصارف في النهاية إلى اللجوء إلى القضاء، ووقتها ستكون مضطرة إلى تكوين مخصصات امام تمويلاتها المتعثرة المتعرضة إلى التسييل بواقع 100 في المئة، بعد اختصام قيمة ما لديها من ضمانات. ولو بحثنا في اثقل الملفات التمويلية ضماننا نجد ان نسبتها على قروضها لا تتجاوز 7 في المئة، وهو ما لا يساهم في راحة الميزانيات، كما انه سيشكل اعتبارا قضائيا للعميل حيث التزرع بتأثيرات قرار التسييل عليه وهو ما يضعف اي مطالبة له في وقت لاحق بسداد بقية التمويل، بالاضافة إلى ان قرار التسييل يشكل من ناحيته عامل ضغط سلبي كبير على السوق.
وحتى ترتاح ميزانيات المصارف وتميل دفة القرار من جديد لصالح البنوك يتعين ان تتعدل اوضاع الشركات نفسها. ويتم التوصل إلى صيغة مرضية بين الجهات التمويلية والمستدينة بتنسيق من بنك الكويت المركزي تحت اطار التوصل إلى حل ينهي مرحلة الجمود التي تمر بها المحفظة الائتمانية منذ بداية الأزمة وما يقابلها من ضمانات.