قراءة في نتائج النصف الأول تظهر «الوطني» وحيداً بين العشرة الأوائل

بنكان كويتيان فقط بين أكثر 25 مصرفاً خليجياً أرباحاً!

تصغير
تكبير
| كتب رضا السناري |
أين بات موقع البنوك الكويتية بين نظيراتها الخليجية بعد أقل من عام على بدء الأزمة؟
قد تساعد جردة تقييم من هذا النوع في الإضاءة على طبيعة المشكلات التي عصفت بالبيئة المصرفية الخليجية عموماً خلال الأزمة، والمشكلات التي اختص بها السوق المصرفي الكويتي دون غيره.

رقمياً، تظهر نتائج البنوك الخليجية في النصف الأول، (التي اكتمل إعلانها باستثناء بنك مسقط العماني وبنك الكويت الصناعي)، تراجعاً نسبياً للبنوك الخليجية على سلم الأرباح، ليحل بنك كويتي واحد هو بنك الكويت الوطني بين أكثر من عشرة بنوك خليجية ربحية، وبنك آخر واحد بين البنوك العشرة التالية من حيث الربحية، هو بيت التمويل الكويتي، وبنك آخر وحيد هو البنك الأهلي بين البنوك التالية في الترتيب (من 21 إلى 30)، في حين حل بنكان بين المركزين 31 و40 وأربعة بنوك بين المراكز العشرة الأخيرة.
والملاحظ أن بين البنوك العشرة الأولى من حيث الربحية، أربعة بنوك سعودية وثلاثة من الإمارات وواحد من قطر. وإذا ما أدخل البنك العربي الاردني إلى القائمة فإنه يحتل المركز السابع.
وبذلك، احتل مصرفان كويتيان فقط مراكز في النصف الأعلى من القائمة، أي بين أكثر من 25 بنكاً خليجياً من حيث الربحية، مقابل تسعة بنوك إماراتية وثمانية بنوك سعودية وأربعة من قطر وواحد من البحرين.
بالمعيار الرقمي البحت، يبدو القطاع المصرفي الكويتي أكثر تأثراً بالأزمة من القطاعات المصرفية في دول الخليج الأخرى، وتحديداً في قطر والسعودية والإمارات، التي كان تأثرها بالأزمة كبيراً.
ونجم هذا التراجع الكويتي عن الخسائر، او الأرباح القليلة، التي تحققت لدى كل من بنك الخليج والبنك التجاري الكويتي في الربعين الأولين من العام الحالي، فضلاً عن تراجع أرباح بيت التمويل الكويتي. وهذه المصارف الثلاثة كانت دائماً تحتل مراكز متقدمة على سلم الترتيب الخليجي.
قراءة في الأرقام
ويبقى بنك الكويت الوطني الوحيد الذي حافظ على ترتيبه ضمن العشرة الكبار خليجيا من حيث معدلات الأرباح بتسجيله المركز الثامن في القائمة (الثامن إذا أضيف البنك العربي الأردني إلى القائمة)، فيما حل بيت التمويل الكويتي «بيتك» في المرتبة الـ18.
وفي المجمل، بلغت ارباح البنوك الخليجية الـ51، مع البنك العربي الأردني، 11.2 مليار دينار، وبلغت الإيرادات التشغلية المعلنة 15.5 مليار دولار، مع العلم ان عدداً من البنوك لم يعلن عن مقدار إيراداته التشغيلية.
واحتلت المؤسسات المصرفية السعودية المراكز الثلاثة الأولى في رأس القائمة، بقيادة مؤسسة الراجحي التي جاءت في المرتبة الأولى بربحية بلغت 937 مليون دولار، تلتها «سامبا» بـ679 مليون دولار، ثم البنك الأهلي التجاري بـ598 مليون دولار، وتقدم بنك قطر الوطني إلى المركز الرابع بـ575 مليون دولار، ليحل خلفه المصرفان الأكبر الإمارات، بنك الإمارات دبي الوطني بـ572 مليون دولار وبنك أبوظبي الوطني بـ457 مليون دولار.
وبذلك تكون أربعة مصارف خليجية فقط قد تجاوزت حاجز النصف مليار دولار في الأرباح النصفية، مقارنة بسبعة مصارف في النصف الأول من العام الماضي.
ويلاحظ ان ستة بنوك خليجية فقط حققت زيادة في الأرباح، منها بنكا المقدمة السعوديان «الراجحي» و«سامبا» بنحو خمسة في المئة لكل منهما. إلا أن النمو الأكثر وضوحاً في الربحية سجل لدى البنوك القطرية، لا سيما البنك الأكبر، بنك قطر الوطني، الذي سجل زيادة في الأرباح بنسبة 11.3 في المئة. وفي المقابل، تراجعت أرباح البنك الاهلي التجاري السعودي نحو 40 في المئة، بعد ان كانت أرباحه في النصف الاول من العام الماضي قريبة من مليار دولار.
وعلى الرغم من صمود البنوك الإماراتية الكبرى في مواقع متقدمة، إلا أنها هي الأخرى تراجعت من حيث الربحية. فبنك الإمارات دبي تراجعت أرباحه 19 في المئة، وبنك أبوظبي الوطني سجل تراجعاً يزيد على 10 في المئة.
مفارقات
المفارقة في هكذا واقع أن الناظر من بعيد ربما يتوقع صورة مغايرة في ضوء بضع حقائق، منها:
- كان الاعتقاد السائد دائماً في الكويت، أن صرامة بنك الكويت المركزي كافية للاطمئنان إلى سلامة القطاع ومناعته أمام أي أزمة. وكان كثيرون يرددون أن البنوك الكويتية أفضل حالاً من نظيراتها الخليجية، بفضل فضيلة التحفظ، سواء على مستوى التوسع الائتماني أو على مستوى تجنيب الاحتياطات. - كان من الظاهر للبعض أن الإمارات، وتحديداً دبي، من اكثر مناطق الخليج تأثراً بالأزمة، خصوصاً مع تهاوي أسعار العقار وارتفاع مديونيات العديد من الشركات، حتى تلك الحكومية، والانكشافات على مجموعات متعثرة مثل «سعد» و«القصيبي» السعوديتين. وتكفي الإشارة إلى أن إحدى الصحف الإماراتية نقلت قبل فترة وجيزة، عن مصدر في البنك المركزي الإماراتي، أن حجم انكشافات البنوك الإماراتية على المجموعتين تقارب ثلاثة مليارات دولار.
- صحيح أن الاقتصاد السعودي كان أكثر مناعة تجاه الأزمة، بسبب اختلافات بنيوية عن الاقتصادين الإماراتي والكويتي، فإن التراجع السحيق لسوق الأسهم منذ الربع الأخير من العام الماضي وأزمات من نوع تعثر مجموعتي سعد والقصيبي، كان من المنتظر أن يكون لها أثر أكبر على البنوك في المملكة.
ما الذي قلب الصورة
فما الذي قلب الصورة إذا؟
قد تبدو الصورة مختلفة لو كانت النظرة إليها من داخل الكويت. فالجميع يتذكر ما قاله محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح في مقابلة مع «الراي»، انه من غير الإنصاف إجراء مقارنة بين نتائج نشاط البنوك حالياً في ظل التوجه لتدعيم المخصصات الاحترازية لديها مع نتائجها في الفترات المقابلة من الأعوام السابقة والتي لم تشهد مثل هذه المتطلبات.
وربما يعتقد البعض ان البنك المركزي الكويتي أكثر مطالبة من سواه بتجنيب المخصصات، وليس سراً أنه طلب من بنوك عدة زيادة مخصصاتها قبل أن يضع توقيعه على ميزانياتها. وفي ذلك شيء من الصحة، لكن هل يكفي ذلك لتقديم تفسير كامل لموقع الكويت الجديد على قائمة الأرباح المصرفية الخليجية؟
ومن نافل القول ان تراجع اداء المصارف لم يكن «تقليعة» امتاز بها القطاع الكويتي من دون غيره، اذ ان حمى التراجع اصاب جميع الاسواق الخليجية بلا استثناء، متأثرة في هذا الخصوص بالاعتبارات الائتمانية الجديدة التي فرضتها الازمة المالية على الاسواق المحلية، إلا أن الترتيب الجديد للبنوك الخليجية على مستوى الربحية لا بد وأن يضيء على ثغرات ومشكلات في البيئة المصرفية الكويتية.
قد يكون من الإجحاف إلقاء اللوم على البنك المركزي ودوره الرقابي، فالمشكلات التي أثرت على القطاع المصرفي، بعضها خارج عن نطاق السيطرة الرقابية، وبعضها الآخر ضارب في عمق بنيوية الاقتصاد.
ولعل من الاعتبارات التي يتعين ذكرها في خصوص تميز القطاع المصرفي الكويتي عن بقية الاسواق الخليجية بمعطياته الخاصة التي اثرت على نتائجه المالية:
1 - «شرباكة» شركات الاستثمار
لا بد من المصارحة بأن «الشرباكة» التي صنعتها نماذج عمل بعض المجموعات الاستثمارية المحلية، جعلت تأثير انهيار البورصة في الربع الأخير من العام الماضي يتضخم إلى أضعاف التأثير الواقعي لانخفاض أسعار الأسهم. وقد واجه البنك المركزي صعوبات في فك هذه «الشرباكة». فالشركة «أ» تملك في الشركتين «ب» و «ج». و الشركة «د» تملك في الشركتين «أ» و«ب»، والشركة «ب» تملك الشركتين «د» و«أ»، وهذا فإن انخفاض قيمة أصل معين تظهر نتائجه في أربع أو خمس شركات.
وليس سراً أن معظم البنوك الكويتية تأثرت بالانكشاف على شركات الاستثمار بدرجة كبيرة، واذا كان حال المصارف الخليجية لا يفرق كثيرا عن نظيرتها المحلية من حيث درجة انكشافها على العملاء، الا ان ما زاد من حدة الاحساس بهذه الاشكالية في السوق الكويتي أن أزمة شركات الاستثمار كانت أوضح في السوق الكويتي، فضلاً عن الكثافة الائتمانية في التسهيلات الممنوحة، حيث لوحظ ان الجزء الاكبر من هذه التسهيلات ممنوحة على فترات قصيرة الآجل لا تواكب مخاطر آفاقها الاستثمارية، ومن ثم كانت عجلة الاستحقاق لهذه البنوك اسرع من غيرها خليجيا.
2 - الأسهم كضمانات
في سوق الكويت كانت صيغة الضمانات الاكثر شهرة قوامها «اعطني سهما اعطك تمويلا»، بعكس بقية المصارف الخليجية المبنية تمويلاتها على عقارات واصول من خارج سوق الاسهم، وباعتبار ان اكثر ازمات الاصول جاءت في سوق الاسهم كان في المقابل الانكسار في قيم المحفظة الائتمانية المصرفية.
3 - مخصصات أكثر... أرباح أقل
حرص بنك الكويت المركزي ومحافظه الشيخ سالم عبد العزيز الصباح الذي كان سباقا في اتخاذ العديد من الإجراءات لاحتواء الآثار السلبية التي يمكن أن تترتب على ذلك. وجاء في مقدمة تلك الإجراءات توجيه البنوك إلى ضرورة الالتجاء إلى تدعيم المخصصات العامة الإضافية والاحترازية، والتي جاء تكوينها زيادة عما هو مطلوب منها بموجب التعليمات القائمة بهدف تدعيم المراكز المالية لتلك البنوك وتقوية أوضاعها لمواجهة أي ظروف غير متوقعة كانعكاس أكبر للأزمة المالية والاقتصادية العالمية. واذا كان البنك المركزي لا يلام على هكذا تحرك، خصوصا انه نسق مع البنوك على الالتزام بتجنيب مخصصات بشكل تدريجي وبصفة ربع سنوية بدلاً من الانتظار حتى نهاية العام وتقييم واستشراف الوضع وبما قد يؤدي إلى تكوين المخصصات المطلوبة بشكل فجائي ودفعة واحدة، الا انه عمليا ساهمت هذه المستويات من المخصصات في تراجع ارباح البنوك الكويتية في النصف الاول من العام الحالي، وهى معدلات مرشحة للارتفاع، خصوصا ان ظلت الاسواق على طبيعتها الحالية حتى نهاية العام الحالي.
4 - القانون 8 و9... و«المشتقات»
لم تكن ارض الملعب المصرفي في الكويت متساوية بين جميع البنوك منذ فترة، اذا انها كانت مائلة باحداث معينة ضد مصلحة بنك دون سواه، ومن صور ذلك تداعيات قانوني 8 و9 الذي منع متاجرة المؤسسات المالية في السوق العقاري، وباعتبار ان البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية اكثر عمقا من نظيرتها التقليدية استثمار في سوق العقار جاءت الضربة في ادائها بشكل اكبر، وبدا ذلك واضحا مع الهبوط في سيولة السوق العقاري خلال العام الحالي بشكل عام مقارنة بالعام 2008، رافقه هبوط أكبر في سيولة تداولات نشاط السكن الاستثماري الذي انخفض بنحو 53.8 في المئة مقارنة باجمالي تداولات عام 2008 ولغاية شهر يوليو 2008، وانخفض، أيضاً، نشاط السكن الخاص بنحو 50 في المئة مقارنة بالفترة عينها من العام السابق».
كما جاء تعرض بنك الخليج إلى سوق المشتقات، وهو التعرض الوحيد في الكويت الاكثر الما، وهو ما حمل البنك فاتورة اضطرته إلى دفع ما تبقى من قيمتها بعد امتصاص سيولة زيادة رأسماله من ادائه واقع ادائه التشغيلي موزعة على فترات مالية لم يحدد بعد نهايتها.
5 - بطء نمو الائتمان
انخفاض الطلب المحلي على سوق الائتمان، بغض النظر عن المسؤول عن هكذا خصوصية سواء ان كان وراءه تحفظ البنوك نفسها في فتح خطوط تمويلية جديدة، او في عدم قدرة العديد من المؤسسات الاستثمارية في تحقيق الشروط الائتمانية التي زادت وقعها على الشركات الاستثمارية.
يضاف إلى ذلك القيود التي وضعها بنك الكويت المركزي على القروض الاستهلاكية، بهدف تخفيض حجم المحفظة الائتمانية للبنوك من هذه الاموال، ومع ان الأزمة حسبت للمحافظ الشيخ سالم عبد العزيز اهمية هكذا خطوة في لجم قطاع القروض الاستهلاكي الذي شهد في الفترات الماضية تضخما كبيرا الا ان ذلك ساهم في تراجع منسوب صنبور ائتماني مهم في ميزانيات البنوك.
6 - تعرض أكبر لسوق الأسهم
اتجهت البنوك الكويتية في السنوات الاخيرة إلى تأسيس شركات استثمارية، ترجمة لمتطلبات الطفرة الاستثمارية التي ميزت السنوات الماضية، وهو ما ساهم في تحقيقها لمعدلات ربحية مرتفعة، وبالطبع كان من ضمن المحفظة الاستثمارية للبنوك استثمارات من سوق الاسهم، التي شهدت ما شهدت من تراجعات منذ نهاية العام الماضي، ومع صعوبة الحفاظ على تحقيق هذه المستويات من الربحية خلال الاشهر الستة الاولى من العام الحالي، وانخفاض قيم محافظ استثمارات البنوك كان من الطبيعي ان تشعر البنوك الكويتية اكثر من غيرها بالفارق.
وفي ما يلي قائمة البنوك الخليجية ومعها مجموعة البنك العربي مرتبة حسب ترتيب الارباح:
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي