د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / الأسئلة النيابية
أسئلة النواب بطبيعتها كثيرة ومتشعبة نابعة عامة من تنامي مشكلات الناس التي تحتاج إلى حلول حكومية، باعتبار ان غالبية هذه المشكلات ذات طبيعة حكومية لها علاقة بالعاملين في المؤسسات الحكومية، أو بالخدمات التي توفرها الدولة من تعليم وصحة ومشاريع سكنية وبنية تحتية، وخدمات إدارية، وقوانين تحافظ على الأمن وغيرها. كذلك هناك تساؤلات تدور عن الاختلالات في الأعمال الحكومية يستوجب التأكد منها ومعرفتها من خلال الاسئلة التي تعتبر وسيلة من الوسائل الناجحة التي يلجأ إليها النواب بهدف التوصل إلى الحقائق، وتصويب الأخطاء. فمن دون ذلك تتراكم الأخطاء، وتسود الفوضى، وتتعرقل الخدمات، وتنفلت الرقابة.
لذلك فان تقنين الهدف من الأسئلة النيابية واتقان اسلوبها مسألة مهمة، وتصب في مفهوم التشريع الذي أجاز توجيه الأسئلة الموضوعية للوزراء من أجل الوصول الى الحقيقة، وتفعيل الدور الرقابي للمجلس النيابي. فمن دون هذه الآلية التي يجب ان تتقيد بطبيعة السؤال، والجدوى أو الأهمية للتوصل الى الاجابات، والصياغة الواضحة والمحددة للسؤال، والهدف او القصد من توجيه السؤال، ومعقولية أو عقلانية السؤال الموجه والذي يراد به كشف الحقائق العامة وليس الأمور الشخصانية، والتبسيط وعدم الغموض في السؤال من ناحية المعنى واللغة، وغيرها، فمن دون هذه الاشتراطات تصبح التساؤلات النيابية عديمة الجدوى والفائدة، كما ان أضرارها تتجلى في اشغال الوزراء بالبحث المضني عن اجابات هذه الأسئلة، وتلهيهم عن أعمالهم، والسير في معالجة المشكلات التي يعانون منها.
وللاستدلال على نوعية الارتباك في توجيه الاسئلة للوزراء هناك نماذج كثيرة من هذه الأسئلة لا يستطيع الوزراء الاجابة عنها لغموضها وشخصانية بعضها أو لعلاقتها بأسرارخاصة بالناس أو الدولة، واحتوائها على أسئلة متفرعة ومتداخلة في السؤال الواحد مما يصعب الاجابة عنها على النحو الذي يجب ان تكون الاجابة، فضلا عن الاسئلة التعجيزية التي ليس بالمقدور وضع اجاباتها وتقديم مرفقاتها كلها، مثل الاسئلة التي تصب في اتجاه تزويد النائب بالقرارات والمحاضر كلها لأعمال اللجان في الوزارة للاعوام الخمسة الماضية، او القرارات الصادرة بالمهمات الرسمية عن الاعوام الثلاثة الأخيرة وللعاملين كافة، وغيرها من أنماط الاسئلة التي لا تفيد في شيء سوى عرقلة أعمال الموظفين، وتصريفهم عن مهامهم الاساسية.
لذلك لا بد من مراعاة أحكام وضوابط صياغة الاسئلة النيابية في اطارتحديد أهميتها والغرض منها، وابراز أهدافها ان تصب في مستهدفات الرقابة النيابية، واصلاح الخلل، واعانة الوزراء على معالجة مشكلات الجهاز التنفيذي، وليس في اطار التحدي والشخصانية التي تكشف للناس ان العضو في المجلس النيابي يريد المحاسبة لأسباب شخصية وانتخابية وليس للمصلحة العامة.
د. يعقوب أحمد الشراح
كاتب كويتي
yaqub@acmls.org
