عبدالله زمان / وزارة الداخلية... ديوان الخدمة... الإطفاء... نماذج أذكُرها

تصغير
تكبير
كلّما تفاعلت أكثر مع الوزارات والمؤسسات الحكومية، أستمع لما يقال عن طبيعة الكويتيين وكيف أنهم متمتعون برواتبهم وامتيازاتهم بقوة القانون أولاً، وبقوة «نوّاب الفزعة والمحسوبية» ثانياً، وأصبحوا بذلك المثال الفاضح والصريح على البطالة الحكومية المقنّعة. كان يراودني هذا الواقع دائماً، وكنت أسأل نفسي، أما آن الأوان كي ينهض هذا البلد بفضل سواعد أبنائه للحد من البطالة المقنعة والمفتعلة، وهل يرضى الكويتي على نفسه بأن يكون عالةّ على وطنه ووظيفته ولا هدف لدى كثير منهم سوى جني الأموال الشهرية والمتفرقة؟ حيث يستند المُفلِس على من يعرف من «أشخاص» لا ما يعرف من «علم». ثم أين معالي الوزراء والمسؤولين من دعم ومساندة المخلصين العاملين مع ضرورة فضح و«تجميد» البطالة المقنعة لحين صدور التشريعات الصارمة والأكثر فاعليةً، تمهيداً لعزلهم من المواقع الحساسة التي يمارسون جهلهم وبطشهم أحياناً من خلالها؟.
الحقيقة أنني وعلى مضض أسمع ما يقال، كنت مؤمناً بأن هذا البلد لا يخلو من المخلصين الذين أصبحوا بيارق وطنية في مجال عملهم. فوجب حقهم عليّ بأن أسلط الضوء على بعضهم ممن تلمست فيهم الإخلاص والاجتهاد خلال الساعات الرسمية وخارجها.
في وزارة الداخلية، وأثناء زيارة مع أحد الأصدقاء لإصدار جواز سفر. وأنا في الطريق كنت أتذكر وبحكم ما أسمع حول غطرسة مديري الإدارات بالداخلية وكيف أنهم يعاملون المواطنين بأسلوب يخلق النفور تجاه أي معاملة. إذ تطلبت معاملة صديقي مراجعة مدير إدارة وثائق السفر العقيد عبدالرحمن الحقّان. وهنا سألت نفسي، هل يعقل! مدير في وزارة الداخلية يتمتع بنفس طيّب وتعامل مدني راق مع الجمهور؟ فكان الجواب بالإيجاب لجمال ما رأيت، إذ تتعامل مع رجل يعتبر مثالاً مشرقاً في وزارة الداخلية بسبب أخلاقه العالية وأدبه، والمهم جداً أنه متقن لعمله، فهو لا يتمتع بالإخلاص كمدير إدارة فحسب، بل يتفنن فيه.

ديوان الخدمة المدنية، هذه المؤسسة «الديناصورية» والتي تخلق حالاً من ضيق الصدر لدى كل مواطن يراجعها. في تلك المؤسسة أيضاً توجد طاقات وخبرات كويتية مخلصة، وفي سلسلة من الإجراءات تمر عبر الإدارات المتخصصة، كترتيب الوظائف ومركز نظم المعلومات وانتهاء بالقيادة العامة، تمر عبر أشخاص كويتيين، تفتخر بأنهم من أبناء وطنك والسبب أنهم مجتهدون ومخلصون لعملهم. والأسماء المعروضة على لوحة شرف هذا المقال هم السادة عبدالله المهنّا، سلوى بهبهاني، محمد صالح العجيري، سعد النجدي، عجيل الرفاعي. هؤلاء كويتيون حريّ برؤسائهم إبرازهم إلى الواجهة لأنهم خير من يمثل ديوان الخدمة المدنية «الكويتية» لأنهم كويتيون يتمتعون بدماثة الأخلاق والرقي في التعامل.
ورغم أنه ابن أمي وأبي، وحتى لا يقال إنني أكتب لصالحه، فهو عاملٌ مخلص أولاً وأخيراً مهما كانت قرابتي منه وذلك بشهادة أوساط المنتسبين للإدارة العامة للإطفاء. فأصبح مثالاً حياً يحتذى به حول موضوع المقال، إنه العقيد حسن زمان. إذ يحدثني أحد الأصدقاء بأن هذا الرجل أبدع في مجال عمله إلى درجة أصبح فيها الإطفائيون والضباط الأقل رتبة يتزاحمون بطلب الانتقال للعمل لديه، ومنهم من قال إنه خير مُعلّم بالإضافة إلى عمله لأنه لا يدخر علماً كي يمرره للآخرين، كما أنه محبٌ لمهنته بل جعلها محببة لدى الآخرين، ولأنه يتمتع بروح اجتماعية عالية، ينظم للعاملين تحت إمرته بعض الزيارات التطوعية والترفيهية للمرافق العامة ومخالطة المجتمع بالزّي الرسمي، تطوعاً منه لنشر ثقافة الوقاية من المخاطر لأبناء بلده.
من المؤكد أن لدينا نماذج أخرى غير ما ذكرت، ولكن ما ذكرته مثالاً للواقع لا لحصره. وعليه، لو كنت مسؤولاً في وزارة الصحة، لأصدرت التوصيات بضرورة استنساخ بعض الطاقات الكويتية وزرع جيناتهم بقوة القانون لسائر موظفي الدولة. أمّا لو كنت مسؤولاً في وزارة الإعلام، لأطلقت حملة وطنية واسعة تحت مسمّى «لنكون مثلهم» بهدف إبراز هؤلاء الكويتيين وجعلهم قالباً يقاس عليه الآخرون. ولكن، لو كنت مسؤولاً في مقر عملي، كنت أول من يقضي على البطالة المقنعة التي ترعرعت على المكاسب غير المستحقة حتى لو كلفني ذلك المثول أمام المحاكم.
فجأة، سألت نفسي، ماذا سوف أفعل لو كنت مسؤولاً في مجلس الوزراء؟ الجواب لا أدري!
عبدالله زمان
zaman.inbox@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي