تقرير / تصفيات سياسية واتهامات بالخيانة

الأنبار على «صفيح ساخن»

تصغير
تكبير
|بغداد - من حيدر الحاج|
تتصاعد هذه الايام موجة التفجيرات واعمال العنف في مناطق مختلفة من العراق، لكن ما يحدث في محافظة الانبار التي كانت قبل أكثر من عامين معقلاً للجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم «القاعدة» والمتشددين السنّة، من صراعات سياسية وتصفية حسابات، يؤكد حقيقة المخاوف التي تنبأ بها البعض من القيادات السياسية من عودة اعمال العنف الطائفي في البلاد من جديد، لاسيما وان العديد من مدن ومناطق هذه المحافظة التي تقطنها غالبية من عشائر العرب السنّة في العراق، لا تزال تعتبرمن أهم الحواضن الرئيسية لجماعات «الارهاب والجريمة».
فقد تفجرت في الايام القليلة الماضية، صراعات طابعها سياسي بين «مجالس الصحوة» التي شكلها الاميركيون لمقاتلة عناصر «القاعدة»، وفصيل مسلح يطلق على نفسه «ثوار الأنبار»، منشق عن تلك «المجالس»، اتهم قائد «الصحوات» الشيخ أحمد أبو ريشة باستغلال الانجازات التي حققتها «مجالس الصحوة» لاغراض سياسية وانتخابية شخصية.
وفي هذا الاطار، وصف بيان لـ «ثوار الأنبار»، أبو ريشة ومن أسمتهم «أزلامه»، بـ «القتلة وقطاع الطرق»، وهدد باستهدافه وعناصر تلك «المجالس»، بالقول انهم «أصبحوا هدفا مشروعا للجماعة».
أعضاء في الحكومة المحلية لمحافظة الانبار، أفصحوا عن حقيقة التصعيد الامني في المحافظة على خلفية المطالبة لاقالة قائد شرطتها اللواء طارق العسل، المدعوم من وزارة الداخلية، والذي ترفض جهات سياسية محلية اقالته في ظل حال من الحياد والتفرج على الاوضاع من قبل الحكومة المركزية.
رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الانبار، عيفان سعدون، قال «ان جهازالشرطة بدا بعد تسلم المهام الامنية من القوات الاجنبية غير مؤهل، وبعيداً عن النظام واحترام القانون، والفساد ينخر في صفوفه»، مؤكدا ان «هذا الجهاز الامني لا يزال إلى الآن غير قادرعلى تحمل مسؤولية بسط الامن والاستقرار في المحافظة».
من جهته، قال مزهر حسن، عضو مجلس المحافظة، «ان غالبية أعضاء مجلس المحافظة تطالب بتغيير قائد الشرطة بسبب كثرة الخروقات الامنية التي شهدتها الانبار أثناء توليه منصبه وتجاهله لمجلس المحافظة وورود شكاوى عدة من الاهالي حول عمله»، مؤكدا ان «الاجراءات المتخذة من اجل اقالة العسيلي تستلزم وقتا، لكن هناك اصراراً على ذلك».
وفي الشهرين الماضيين، وقعت العشرات من الخروقات الأمنية استهدفت مدنيين ومقرات حزبية ومراكز للشرطة، نفذ معظمها باستخدام العبوات اللاصقة بالسيارات، وهو ما يعتبره البعض من اعضاء مجلس المحافظة «تدهورا في أداء جهاز الشرطة»، تزامن مع تسلم قوات الامن المحلية المهام الامنية من الجانب الأميركي.
ورد اللواء العسل، على اتهامات الحكومة المحلية التي حملته وجهاز الشرطة في المحافظة مسؤولية الخلل الأمني فيها، بالقول: «اي شخص يصرح بأن القوات الامنية غير جاهزة لتحمل المسؤولية هو شخص مهزوز ومذعور، وغير وطني، ولا يحب الخير لبلده ولا يريد للعراق ان يعتمد على نفسه».
واتهم قائد الشرطة أعضاء في مجلس المحافظة وقادة أحزاب سياسية، رفض تسميتهم، بـ «التورط في عمليات ارهابية»، قائلا: «من يصرح منكم ان الاجهزة الامنية غير كفؤة، أنا اقول لكم إن هذه الخروقات من صنعكم، وهي تصفيات تجرونها في ما بينكم، كما ان الأعمال الارهابية تنفذ في كل المحافظات وهذا لايعني أننا مقصرون في واجبنا».
السجال والتراشق الكلامي المحتدم، بين قائد الشرطة وعدد من اعضاء الحكومة المحلية في المحافظة، فاقم من المشكلة وضاعف من التوتر الامني في عدد من مدنها الرئيسية كالفلوجة والرمادي وحديثة والقائم، ما دفع بعض شيوخ العشائر الى التدخل بالطلب من رئيس الحكومة نوري المالكي وعدد من القيادات السياسية في البلاد من بينهم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي لمعالجة الموقف وانهاء الازمة التي لاتزال تراوح مكانها .
الشيخ علي حاتم السلمان، احد شيوخ قبيلة الدليم ورئيس مجلس الانقاذ في المحافظة، طالب الحكومة «بدعم الاجهزة الامنية في الانبار، والوقوف بوجه أجندات خارجية يحملها البعض من اعضاء الحكومة المحلية في الانبار»، مشددا «على عدم السماح لأي جهة عشائرية أو حزبية للتدخل بعمل الأجهزة الأمنية».
واضاف ان «العشائر كانت وما زالت عونا لدولة القانون وتدعم الاجهزة الامنية، كون ابناء العشائر، هم جنود أوفياء للحكومة، وخطوة دمج عناصرالصحوات في الأجهزة الأمنية جيدة على أن يكون الاختيار وفق دراسة متكاملة لمنع اختراق تلك الأجهزة من عناصرالقاعدة الإرهابية».
شيوخ عشائر آخرون اشاروا الى أن المشكلة قد لا تحل بإقالة قائد الشرطة، إنما «بتطهير الجهاز الامني من العناصر المرتبطة بالقاعدة».
ويقول مروان الدليمي، احد شيوخ الرمادي معلقا: «جميعنا يعلم ان العديد من منتسبي الجهاز الامني كانوا اصلا من الذين يعملون لمصلحة القاعدة، وبعد تشكيل مجلس صحوة الانبار وفتح باب التطوع وبرواتب مغرية، انضموا الى الجهاز الامني».
وتفاوتت الآراء بين مشكك في قدرة القوات العراقية على حفظ الأمن في المحافظة، وواثق من قدرة تلك القوات لإثبات قدرتها على معالجة الأوضاع الأمنية من دون أي تدخل اميركي، في ظل ترقب التطورات التي يمكن ان تحدث للأوضاع الأمنية والسياسية على حد سواء.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي