تبدد الوهم

u0647u0644 u062au062au0645u0643u0646 u00abu0641u062au062du00bb u0645u0646 u062au062du0633u064au0646 u0627u0644u0638u0631u0648u0641 u0627u0644u0645u0639u064au0634u064au0629 u0644u0644u0645u0648u0627u0637u0646 u0627u0644u0641u0644u0633u0637u064au0646u064au061f
هل تتمكن «فتح» من تحسين الظروف المعيشية للمواطن الفلسطيني؟
تصغير
تكبير
عقد مؤتمر «فتح» في ظل واقع وجود إسرائيلي فلسطيني ليس سيئاً: صحيح أنه لا تجرى مفاوضات سياسية، ولكن في أرجاء يهودا والسامرة يسود الهدوء، والإرهاب، لرفاه الإسرائيليين والفلسطينيين، يكاد يكون توقف. إسرائيل ترد بما يتناسب مع ذلك: الغاء قيود عسكرية، رفع حواجز، التعاون مع السلطة الفلسطينية تحسن، ونتيجة لذلك يزدهر الاقتصاد والحياة في المناطق التي باتت أسهل.
وتحظى السلطة الفلسطينية بدعم عموم عالمي، والولايات المتحدة، كبرى أصدقاء إسرائيل تضيء وجهها للفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى. يوجد بالتأكيد للفلسطينيين ما يدعوهم إلى الرضى. ورغم أنهم لن يعترفوا بذلك، في العلاقات مع إسرائيل فإن شيئاً ما تغير بعد صعود «حماس» في غزة: رعب نمط الحياة «الإيراني» والقاء نشطاء «فتح» من أسطح المنازل أوضحا للفلسطينيين جيداً بأن مشكلتهم الحقيقية في هذا الوقت تهدد وتزحف من غزة.
كان يمكن لنا بالتالي أن نتوقع بأن الأصوات والقرارات التي ستخرج عن مؤتمر «فتح» ستعكس بهذا القدس أو ذاك الواقع المتحسن وتظهر بداية موقف اعتدال عملي. ولكن الفلسطينيين على طريقتهم وعادتهم: جملة شعارات مهددة ومتطرفة، معظمها منقطعة عن الواقع وبعضها غبية. هكذا مثلاً القرار بشأن «المسؤولية الإسرائيلية عن قتل عرفات». قادة السلطة، ولا سيما أولئك الذين توجهوا إلينا في حينه بطلب لاخراج عرفات من المقاطعة ونقله جواً إلى الخارج بسبب مرضه الشديد، يعرفون جيداً بأن هذا المرض كان السبب لموته. ومع ذلك فقد أيدوا القرار المذكور. ليس لذلك أهمية، باستثناء الشهادة التي أيدها المقررون: الزعماء الذين يخشون في أن يردوا علناً كذبة سخيفة، حتى لو كانت شعبية.
ردود الفعل في إسرائيل متوقعة: اليمين يجد في خطاب المؤتمر تعزيزاً آخر على الاستنتاج الخالد بأنه لا يوجد ولن يوجد مع من يمكن الحديث، ولهذا السبب ينبغي مواصلة الاستيطان في كل مكان؛ أما اليسار فيحاول الاقناع بأن التحليل المعمق لغياهب الهذر «الفتحاوي» يظهر الاستنتاج بأن «هذا ليس فظيعاً». هؤلاء وأولئك مخطئون. لا أهمية عملية لمضمون الأقوال أو القرارات التي اتخذت في المؤتمر، ولكن الاستنتاج الواضح والمخيب للامال الناشئ عنها، هو أن مثل هذه القيادة غير قادرة على أن تقف بشجاعة واستقامة أمام شعبها، كما هو مطلوب من المساعي لتحقيق التسوية الدائمة مع إسرائيل.
السلام الإسرائيلي الفلسطيني سيستوجب تنازلات أليمة ليس فقط من إسرائيل بل ومن الفلسطينيين أيضاً: ابقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في يد إسرائيل، والتنازل عن عودة اللاجئين إلى نطاق إسرائيل وكل تسوية محتملة في القدس، هذه هي اتفاقات صعبة على الفلسطينيين. فمن بالضبط سيفرضها عليهم؟ أولئك الذين من أجل ارضاء متطرفي الشارع ساعدوا في سلسلة قرارات متطرفة ومنقطعة، أولئك الذين خافوا من رفع الصوت ضد القرار السخيف بشأن مسؤولية إسرائيل على موت عرفات؟
لا اقول ذلك استفزازاً أو انتقاداً للفلسطينيين (حكومة إسرائيل هي الأخرى لم تظهر حتى الآن شجاعة سياسية مؤثرة) بل كاستنتاج مؤسف: مهما كان مضمون التسوية الدائمة التي ستعرض على الفلسطينيين لا يوجد اليوم قيادة فلسطينية، وبالتأكيد ليس تلك التي انعقدت في بيت لحم، قادرة على قبول تسوية دائمة وفرضها على الشعب الفلسطيني وتطبيقها.
يجدر إذن بالإسرائيليين والفلسطينيين أن ينشغلوا في تحسين الواقع وشروط التعايش بين الشعبين وليس بأوهام التسوية الدائمة: إسرائيل تقلص، بقدر ما تسمح به شروط الأمن، تواجدها العسكري في المناطق، وتسلم مناطق أخرى للمسؤولية الأمنية الفلسطينية؛ تخلي بؤر استيطانية غير قانونية وتقيد تطوير البلدات فقط في الكتل الاستيطانية الكبرى؛ ترفع حواجز وتحسن شروط المواصلات وتساعد الفلسطينيين في تطوير الاقتصاد، المبادرات الاستثمارية، الصناعة والتجارة.
بتعبير آخر: إسرائيل والفلسطينيون سيعملون على تطبيق القسم الأول من «خريطة الطريق»، في ظل التطلع إلى الوصول إلى الفصل الثاني، الذي يقول إنه في المستقبل، حين تستوفى الشروط، ستقام دولة فلسطينية. هذا هدف سياسي عملي، يعفي في هذه المرحلة القيادة من قرارات ليس في وسعها أن تتخذه.
دوف فايسغلاس
«يديعوت احرونوت»
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي