تقرير / قصة «خوذة» أنقذت ماسا من الموت
ماسا... وقد بدت الغرز في وجهه على إثر الجراحة التي خضع لها (أ ب)
الكويت - ا ف ب - لم يكن ينظر الى الخوذة التي يعتمرها سائق سيارة فورمولا واحد بالكثير من الاهتمام قبل الحادثة الاخيرة التي وقع ضحيتها البرازيلي فيليبي ماسا، سائق فيراري، خلال الفترة الثانية من التجارب الرسمية لجائزة المجر الكبرى، المرحلة العاشرة من بطولة العالم للفئة الاولى، على حلبة هنغارورينغ في 25 يوليو الماضي.
صحيح ان الانظار تسلط في العادة على الخوذة في مناسبات ضيقة، منها على سبيل المثال لا الحصر، عندما يعتمد سائق ما نوعية معينة من الكسوة او الالوان، او عندما تطرح خوذة احد السائقين الشهيرين للبيع في المزاد العلني.
غير ان «حادثة ماسا» اعادت «القبعة الصلبة» الى دائرة الضوء بعد ان لعبت دورا حاسما في انقاذ البرازيلي من كارثة حقيقية، الامر الذي برر الاهمية الكبرى التي يوليها القائمون على الرياضات الميكانيكية لسلامة السائقين.
وكان ماسا خضع لجراحة نتيجة ارتجاج في الدماغ ورضوض في الجمجمة اثر الحادث الذي تعرض له، فقد اصيب في وجهه اثر تطاير قطعة من سيارة مواطنه روبنز باريكيلو، سائق «براون جي بي - مرسيدس»، ما ادى الى فقدانه الوعي والسيطرة على سيارته التي انحرفت عن المسار وارتطمت بحائط الاطارات الموازي للمنعطف الرابع وهي تسير بسرعة 250 كلم/ساعة.
في الايام الاولى للفورمولا واحد، كانت السرعة هي العنصر الذي يستحوذ على القدر الاكبر من الاهتمام، وذلك على حساب السلامة.
وكان السائق الارجنتيني الاسطوري خوان مانويل فانجيو، بطل العالم خمس مرات، يفضل اعتمار الـ«بالاكلافا»، وهي عبارة عن قناع من الصوف يشبه الى حد ما ذاك الذي يعتمده المتزلجون، ويسمح بظهور الوجه او القسم الاعلى منه (الجبين والعينان والانف) او العينين فقط.
ولكن انطلاقا من 1953، اصبحت الخوذة الزامية للسائقين، غير انها لم تكن تشبه بتاتا نظيراتها الحالية التي تعتبر نتاج سنوات من البحث والتطوير.
يشترط الاتحاد الدولي للسيارات «فيا» معايير محددة للسلامة، وهي تأتي في الغالب صارمة جدا، وخير مثال على ذلك ان عملية التطوير الاخيرة للخوذة «القانونية» (فيا 8860-2004) استلزمت ثماني سنوات من العمل الشاق.
وبعد دراسات معمقة اجريت في مختبر بحوث النقل البريطاني (تي ار ال)، جرى اعتماد المعايير الجديدة من قبل الشركات الثلاث الوحيدة المخولة صناعة الخوذات الخاصة بسائقي فورمولا واحد، وهي «اراي» و«بيل» و«شوبيرث».
والجدير ذكره ان الخوذات المصنعة لدى الشركات الثلاث الزامية بالنسبة الى السائقين، اذ انهم غير مخولين اعتماد خوذة من انتاج مصنع اخر في ضوء قرار صادر عن المجلس العالمي لرياضة السيارات العام 2004.
ورغم ان السرية تحيط بالمواد المستخدمة في عملية صناعة الخوذة، الا ان الجزء الخارجي منها يعتمد مكونات صلبة ومن طبقتين، تستخدم فيها الالياف الصمغية المضغوطة والالياف الكربونية.
وفي القسم الداخلي منها، تتركز طبقة من مادة الـ«اراميد» التي تستخدم في العديد من السترات الواقية من الرصاص، يضاف اليها طبقة من الـ «بولي اثيلين»، ومادة ناعمة وسائلة هي نفسها المعتمدة في زي السائق لمواجهة النيران، تضاف اليها كمية صغيرة من الالومنيوم والمغنيزيوم ومواد اخرى تصنع المزيج اللازم.
ويصل الوزن النموذجي لخوذة فورمولا واحد الى 1250 غراما، علما بأنه كلما خف الوزن كان الضغط اقل على السائق، وهذا بدوره يحد من خطر الاصابة.
واثبتت «حادثة ماسا» في المجر ان على الخوذة ان تكون قوية جدا لتتمكن من امتصاص الصدمات ومقاومة الاختراق.
لكن يبدو الجمع بين الخفة والقوة صعبا للغاية، ولا عجب في ان تأخذ الدراسات وعملية الانتاج الجهد الكبير والوقت المديد تمهيدا لصياغة خوذة تلبي المعايير المفروضة من قبل الاتحاد الدولي.
وتتمثل العملية الاهم في اخضاع رأس كل سائق لمسح ضوئي يصار على اثره اعتماد قالب يجري على اساسه بناء الخوذة من الداخل باعتماد ألياف كربونية لضمان التطابق التام مع القالب. ويتألف كل خيط من الالياف المعتمدة من نحو 12 الف شعيرة، الواحدة منها ارق 15 مرة من شعرة الانسان.
ويبلغ طول الخيوط المستخدمة في عملية صناعة الخوذة الواحدة حوالى 16 الف كيلومتر تعادل المسافة بين طوكيو ولندن.
بعد كل ذلك، يجري جمع الطبقات كافة في وعاء خاص حيث تخضع لعملية ضغط عال ومستمر في ظل حرارة تصل الى 132 درجة مئوية.
اما مقدمة الخوذة فيتم تعزيزها بمواد تكميلية، مثل الالومنيوم والتيتانيوم.
وبالاضافة الى دورها الاساسي في حماية السائق، فإن على الخوذة ان تتيح له الرؤية والتنفس.
وتأتي التهوئة من خلال فتحة صغيرة تقع في مقدمة الخوذة، وتقوم بتنقية الهواء من زيوت المحركات والكربون ومخلفات غبار الفرامل، قبل ايصاله الى السائق.
واللافت ان نحو 10 ليترات من الهواء النقي تتدفق الى داخل الخوذة في الثانية الواحدة.
اما الجزء الشفاف الذي يرى السائق من خلاله الطريق امامه فهو مصنوع من قطعة رفيعة (ثلاثة ملم) من مادة الـ «بوليكاربونات» الخاصة، وهي قادرة على تأمين حماية الوجه من اي صدمة، كما انها مقاومة للاشتعال وتضمن رؤية ممتازة.
ويميل معظم السائقين نحو استخدام اقنعة ملونة مصبوغة بمادة ضد الضباب لتفادي التغشية.
وتخضع الخوذات لاختبارات قاسية تتميز بالدقة نفسها التي تخضع لها السيارات، كالاصطدام بأجسام مختلفة ومن الزوايا كافة بغية الوقوف على مدى قدرتها على المواجهة.
كما تخضع الخوذات لمجموعة من امتحانات التشوه والتفتيت بهدف تقييمها، فضلا عن اختبار «هانس» الذي يحول دون امكان ارتطام رأس السائق بالمقود.
وليست هذه نهاية القصة اذ ان هناك ايضا تجربة الزامية «نارية» يجري خلالها اخضاع الخوذة لالسنة اللهب حتى 800 درجة مئوية لمدة 45 ثانية.
ولعبور الامتحان، لا يسمح ان تتجاوز الحرارة داخل الخوذة حاجز 70 درجة مئوية.
وتتميز مقدمة الخوذة بخصائص وقائية تفرض نفسها من خلال رميها بأجسام مختلفة بسرعة 500 كلم/ساعة، وهنا يمنع ان تصل اثار الاصطدام الى عمق يتعدى 2.5 ملم.
وعلى غرار «نفق الرياح» الخاص بسيارات فورمولا واحد، فإن للخوذات ايضا نفق رياح خاصاً بها لضمان الحد الادنى من قوة الجر خلال القيادة السريعة.
لا شك في ان صناعة خوذة فورمولا واحد مضنية وباهظة الثمن، وبالنظر الى كون ماسا سيعود الى الحلبات قريبا، يبدو من الواضح والمنطقي ان تستحق تلك «القبعة الصلبة» كل هذا الجهد وكل ذاك الوقت وكل تلك الاموال.
صحيح ان الانظار تسلط في العادة على الخوذة في مناسبات ضيقة، منها على سبيل المثال لا الحصر، عندما يعتمد سائق ما نوعية معينة من الكسوة او الالوان، او عندما تطرح خوذة احد السائقين الشهيرين للبيع في المزاد العلني.
غير ان «حادثة ماسا» اعادت «القبعة الصلبة» الى دائرة الضوء بعد ان لعبت دورا حاسما في انقاذ البرازيلي من كارثة حقيقية، الامر الذي برر الاهمية الكبرى التي يوليها القائمون على الرياضات الميكانيكية لسلامة السائقين.
وكان ماسا خضع لجراحة نتيجة ارتجاج في الدماغ ورضوض في الجمجمة اثر الحادث الذي تعرض له، فقد اصيب في وجهه اثر تطاير قطعة من سيارة مواطنه روبنز باريكيلو، سائق «براون جي بي - مرسيدس»، ما ادى الى فقدانه الوعي والسيطرة على سيارته التي انحرفت عن المسار وارتطمت بحائط الاطارات الموازي للمنعطف الرابع وهي تسير بسرعة 250 كلم/ساعة.
في الايام الاولى للفورمولا واحد، كانت السرعة هي العنصر الذي يستحوذ على القدر الاكبر من الاهتمام، وذلك على حساب السلامة.
وكان السائق الارجنتيني الاسطوري خوان مانويل فانجيو، بطل العالم خمس مرات، يفضل اعتمار الـ«بالاكلافا»، وهي عبارة عن قناع من الصوف يشبه الى حد ما ذاك الذي يعتمده المتزلجون، ويسمح بظهور الوجه او القسم الاعلى منه (الجبين والعينان والانف) او العينين فقط.
ولكن انطلاقا من 1953، اصبحت الخوذة الزامية للسائقين، غير انها لم تكن تشبه بتاتا نظيراتها الحالية التي تعتبر نتاج سنوات من البحث والتطوير.
يشترط الاتحاد الدولي للسيارات «فيا» معايير محددة للسلامة، وهي تأتي في الغالب صارمة جدا، وخير مثال على ذلك ان عملية التطوير الاخيرة للخوذة «القانونية» (فيا 8860-2004) استلزمت ثماني سنوات من العمل الشاق.
وبعد دراسات معمقة اجريت في مختبر بحوث النقل البريطاني (تي ار ال)، جرى اعتماد المعايير الجديدة من قبل الشركات الثلاث الوحيدة المخولة صناعة الخوذات الخاصة بسائقي فورمولا واحد، وهي «اراي» و«بيل» و«شوبيرث».
والجدير ذكره ان الخوذات المصنعة لدى الشركات الثلاث الزامية بالنسبة الى السائقين، اذ انهم غير مخولين اعتماد خوذة من انتاج مصنع اخر في ضوء قرار صادر عن المجلس العالمي لرياضة السيارات العام 2004.
ورغم ان السرية تحيط بالمواد المستخدمة في عملية صناعة الخوذة، الا ان الجزء الخارجي منها يعتمد مكونات صلبة ومن طبقتين، تستخدم فيها الالياف الصمغية المضغوطة والالياف الكربونية.
وفي القسم الداخلي منها، تتركز طبقة من مادة الـ«اراميد» التي تستخدم في العديد من السترات الواقية من الرصاص، يضاف اليها طبقة من الـ «بولي اثيلين»، ومادة ناعمة وسائلة هي نفسها المعتمدة في زي السائق لمواجهة النيران، تضاف اليها كمية صغيرة من الالومنيوم والمغنيزيوم ومواد اخرى تصنع المزيج اللازم.
ويصل الوزن النموذجي لخوذة فورمولا واحد الى 1250 غراما، علما بأنه كلما خف الوزن كان الضغط اقل على السائق، وهذا بدوره يحد من خطر الاصابة.
واثبتت «حادثة ماسا» في المجر ان على الخوذة ان تكون قوية جدا لتتمكن من امتصاص الصدمات ومقاومة الاختراق.
لكن يبدو الجمع بين الخفة والقوة صعبا للغاية، ولا عجب في ان تأخذ الدراسات وعملية الانتاج الجهد الكبير والوقت المديد تمهيدا لصياغة خوذة تلبي المعايير المفروضة من قبل الاتحاد الدولي.
وتتمثل العملية الاهم في اخضاع رأس كل سائق لمسح ضوئي يصار على اثره اعتماد قالب يجري على اساسه بناء الخوذة من الداخل باعتماد ألياف كربونية لضمان التطابق التام مع القالب. ويتألف كل خيط من الالياف المعتمدة من نحو 12 الف شعيرة، الواحدة منها ارق 15 مرة من شعرة الانسان.
ويبلغ طول الخيوط المستخدمة في عملية صناعة الخوذة الواحدة حوالى 16 الف كيلومتر تعادل المسافة بين طوكيو ولندن.
بعد كل ذلك، يجري جمع الطبقات كافة في وعاء خاص حيث تخضع لعملية ضغط عال ومستمر في ظل حرارة تصل الى 132 درجة مئوية.
اما مقدمة الخوذة فيتم تعزيزها بمواد تكميلية، مثل الالومنيوم والتيتانيوم.
وبالاضافة الى دورها الاساسي في حماية السائق، فإن على الخوذة ان تتيح له الرؤية والتنفس.
وتأتي التهوئة من خلال فتحة صغيرة تقع في مقدمة الخوذة، وتقوم بتنقية الهواء من زيوت المحركات والكربون ومخلفات غبار الفرامل، قبل ايصاله الى السائق.
واللافت ان نحو 10 ليترات من الهواء النقي تتدفق الى داخل الخوذة في الثانية الواحدة.
اما الجزء الشفاف الذي يرى السائق من خلاله الطريق امامه فهو مصنوع من قطعة رفيعة (ثلاثة ملم) من مادة الـ «بوليكاربونات» الخاصة، وهي قادرة على تأمين حماية الوجه من اي صدمة، كما انها مقاومة للاشتعال وتضمن رؤية ممتازة.
ويميل معظم السائقين نحو استخدام اقنعة ملونة مصبوغة بمادة ضد الضباب لتفادي التغشية.
وتخضع الخوذات لاختبارات قاسية تتميز بالدقة نفسها التي تخضع لها السيارات، كالاصطدام بأجسام مختلفة ومن الزوايا كافة بغية الوقوف على مدى قدرتها على المواجهة.
كما تخضع الخوذات لمجموعة من امتحانات التشوه والتفتيت بهدف تقييمها، فضلا عن اختبار «هانس» الذي يحول دون امكان ارتطام رأس السائق بالمقود.
وليست هذه نهاية القصة اذ ان هناك ايضا تجربة الزامية «نارية» يجري خلالها اخضاع الخوذة لالسنة اللهب حتى 800 درجة مئوية لمدة 45 ثانية.
ولعبور الامتحان، لا يسمح ان تتجاوز الحرارة داخل الخوذة حاجز 70 درجة مئوية.
وتتميز مقدمة الخوذة بخصائص وقائية تفرض نفسها من خلال رميها بأجسام مختلفة بسرعة 500 كلم/ساعة، وهنا يمنع ان تصل اثار الاصطدام الى عمق يتعدى 2.5 ملم.
وعلى غرار «نفق الرياح» الخاص بسيارات فورمولا واحد، فإن للخوذات ايضا نفق رياح خاصاً بها لضمان الحد الادنى من قوة الجر خلال القيادة السريعة.
لا شك في ان صناعة خوذة فورمولا واحد مضنية وباهظة الثمن، وبالنظر الى كون ماسا سيعود الى الحلبات قريبا، يبدو من الواضح والمنطقي ان تستحق تلك «القبعة الصلبة» كل هذا الجهد وكل ذاك الوقت وكل تلك الاموال.