ملامح / هل يصير النفط أخضر

تصغير
تكبير
| د. عالية شعيب|
 غيابُكَ...
يُشعِل فيّ حضورَ المجزرَةِ
كُلُّ الذهب الأسودِ وسخٌ لا يعنيني
ورقٌ منزوعُ العينينِ
ووجعُ الشهداء في آخرِ ظهري
كلَّ ليلةٍ
عواءُ الأنينِ ينسجُ خرافةَ الكلامِ
كُلَّ ليلةٍ
وجهُكَ يلغيني
ودمُ الشهداءِ يُطهّرني
غيابُكَ..
ينْشرني كالقلاعِ الهرمة البيضاءِ
على ذراعين منهكتين
لبحرٍ صارَ يرفُضني
غيابُكَ...
يكشف عُريَ أثوابِ وطني الزائفةِ
يُشعلُها يبدّدها
يتركه باردا بائسا
عواءً صدِأً لهيكلِ فضاء
تنفخ فيه المراوح فُتاتِ روحٍ
هل يصيرُ النفطُ أخضر؟
كم أنا ناقصةٌ باهتةٌ شاحبةٌ
دمي ماءٌ
مائي هواءٌ
شمسي حجرٌ
ذاكرتي مختومةٌ بنحاسِ حضورِكَ
يدقّ بكعْبَيهِ هامةَ وجودي
يهزُّ نخيلَ عطائي
فأرسبُ في كل امتحاناتي
وأقفُ مكاني.. لما أزل أحْسبُ أنفاسكَ
أبقى..
الصغيرةَ التي تركْتَ خلْفَك.
يتطايرُ الدّمعُ من بياضِ الجدران
المدجّجة بالانصاتِ
والانتظارِ
وغيابك يقطُر من أصابِعي
لا مفر لي من تلقي الاعصار على صَدْري.
غيابُكَ...
يزرعني في طينِ غربةٍ تعرفني
يتلَبّسَني كشمسٍ ثلجيةٍ
فيخونُ القمرُ ضياءَهُ
وتعتزلُ الفراشاتُ أجنحَتها
يُقشِّرُ النرجسُ عنه أعذارَهُ
والفضولُ ترقّبَهُ
والوعيُ ترصُّدَهُ
والخُبثُ وشايتَهُ
موشومةٌ بحسٍّ راعِش
أنحازُ للانطفاءْ
دونَكَ...
يَهجرُني وهجُ الأحْلامْ
يعبرُني اليومُ كرمادٍ
يجترّ ذاتَهُ
لونَهُ
غضبَهُ
وعودَهُ.
لا أشمُّ دَمي
لا يكلّمُني عقْلي
لا يحاورُني جسَدي
لا تنظر اليّ رئتايّ
فقط مهزومةٌ
أجرُّني
وأحملُني
أسقُطُ وأسقُطُ
مرئيّةً للناسِ
ووهميّةً في مرآةِ ادْراكي.
حضورُ غيابِكَ يزنّرُ
قوافلَ وجودي
بالأشواكِ والعلْقمْ.
كيف أكونُ ثم أتجدّدُ
كيف أزرَعُ هواَء الياسمينَ
في فضاءِ الروحْ.
كيف أعرف أنكَ ها هُنا
... لستَ هُنا
هناك...
في داخلي، تملأُ خارجي
ماذا أعرفُ وماذا لا أعرِفُ.
مدويّةٌ هي الأحداثُ
وسطوعُ سرعةِ رحيلك
والأشياءُ التي تركتَ
مبلّلةً
-لما تزل-
تنتظرُ...
مثل شَغفِ الزَورقِ للوصولِ
أو
أسر النشوة لفحيحِ الزعفرانْ
أو
خيالِ الورقةِ البيضاءِ قبلَ الهتْكِ
أو
بللِ الفراشةِ قبلَ الاحتراق.
هدوءٌ مطْبقٌ
والعويلُ يتراكمُ في جوفي
يحجبُني عني
هل أبكيني أم أبكيكْ؟
هل أُخفضُ كتابي
أم أنشرُ صيحتي؟
هل أغلقُ بوابةَ ونوافذَ عقلي
أم أُعلّقُ وجودي حتى تأتي
فآتي.
* من ديوان سأغلق الباب خلفي... الكويت 2005
Aliashuaib.net
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي