في ندوة الوحدة الثقافية في السفارة المصرية

محطة / أسامة أبو طالب: الفتن ابتداعات سياسية لا تعرفها منطقتنا! ووجداننا الجمعي لا شبيه له في العالم

تصغير
تكبير
| حنان عبد القادر |
في إطار النشاط الثقافي لسفارة جمهورية مصر العربية في دولة الكويت خلال الشهر الجاري، نظم المكتب الثقافي الأربعاء الماضي برعاية وحضور سفير جمهورية مصر العربية لدى دولة الكويت طاهر فرحات، ندوة بعنوان «نحو وحدة ثقافية عربية»... حاضر فيها وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق الدكتور أسامة أبوطالب، والذي يعمل أستاذا للدراما والنقد المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية في دولة الكويت حاليا، وقدم لها رئيس المكتب الثقافي المصري الدكتور عمرو الباز.
بدأ أبوطالب ورقته بالإشارة إلى الفارق بين الثقافة والحضارة، وأهمية القيم الإنسانية التي بغيابها تتحول الحضارة إلى تقدم مادي محض، مشيرا إلى أهمية العقل الجمعي الواعي واللاواعي في توحد فكر الأمة، هذا التوحد الذي يعني الإيمان بثوابت تدخل في التركيب النفسي والإنساني للأفراد، وأن يصبح التاريخ حاضرا في الأذهان ؛ لكنه ليس ذلك الذي يدعو للحنين إلى الماضي والبكاء عليه بقدر تمثله لدراسته والإفادة منه، كما تحدث عن توحد الحساسية، وتبني الوجدان الذي يميز الأمة ويدمغها بخصوصيته، ويحفظها من الذوبان، وضرب المثل بسوق عكاظ وما كان يحدث فيه من تجمع للأفراد كي يستمعوا إلى الشعر ويتعلموا منه وينقدوه ويتناقلوه بينهم، هذا تماما كان يوازي اجتماع اليونان حول المسرح وفنونه.
وأكد أبو طالب أن الحديث عن الحضارة العربية هو ما يسمى بالحضارة الإسلامية، فلم يكن للجزيرة تاريخ معروف قبل الإسلام، وقد كانت محاطة بكثير من الحضارات مثل الفارسية والبابلية والفينيقية والفرعونية التي انصهرت في بوتقة الحضارة الإسلامية المتمثلة عبقريتها في نشأتها تحت لواء لغة واحدة هي اللغة الأم ودين يجمعها هو الإسلام، وسماحتها التي جعلتها لا تنكر أي ديانات أو لغات أخرى، بل وصل الحد من قبول الآخر إلى تبوء النصارى للوزارة في الدولة الإسلامية، وإيمانها بجدوى الجدل القائم على قبول الرأي والرأي الآخر قبل ظهور فلسفات الغرب عند هيجل وماركس، هذا في فترة كانت أوروبا غارقة في الظلام بينما كانت الأعراق تتجانس، والأفكار تتآنس في العالم الإسلامي.
كما تحدث عن عصر التنوير الذي بدأ مع محمد علي، حيث اجتمع عدد من المفكرين الذين وحدتهم الثقافة، وجمعهم الوعي أمثال رفاعة الطهطاوي والإمام محمد عبده والأفغاني ورشيد رضا وخليل مطران وجورجي زيدان ومارون النقاش وغيرهم، وأن المنطقة العربية لم تعرف الشعوبية فقد نزحت عائلات لبنانية إلى مصر واندمجت في شتى ميادين الحياة مثل عائلة تقلا، ولا دليل أكثر وضوحا على تسامح الحضارة العربية الإسلامية مما حدث في الأزهر الشريف حيث كان هناك رواق يسمى رواق النصارى.
وأكد أبو طالب على تمتع المنطقة العربية بحالة عالية من الوجدان الجمعي لا توجد مثيلتها في أي منطقة أخرى، وبمشترك ثقافي يجمع أبناء الوطن العربي، فقد كان الملجأ الحقيقي عند اشتداد الأزمات.
ثم جاءت تعليقات الحضور لتلقي مزيدا من ضوء على ماقدمه أبو طالب، فتحدث الدكتور نادر القنة عن دور ثورة يوليو وما حملته في مشروعها الحلم «الجمهورية العربية المتحدة»، فقد سعت لمجانية التعليم، وفتح الباب للاكتساب المعرفي والنهوض الثقافي والحضاري، وإنشاء الدار القومية للكتاب التي أفرزت سلسلة ألف كتاب وكتاب كلها لترجمة المعارف الغربية، والكتاب الفضى وغيرها.
وقال الدكتور مصطفى عطية جمعة: «لقد أدى صخب الخطاب القطري بين المثقفين إلى وجود التنافس البغيض والبعد عن الخطاب الموحَّد الموحِّد في
آن، وبروز تلك النزعات على الساحة خلال الفترة الأخيرة أمر يهدد وحدة الثقافة العربية، لذلك علينا الاهتمام بالثقافات ذات الصلة بالحضارة العربية الإسلامية».
بينما علقت الإعلامية أمل عبدالله على مساوئ النعرات القطرية، مؤكدة أن ذلك لم يكن ليحدث في معزل عن السياسة، وأن الاختلافات الثقافية أو ما يسمى بالدعوات القطرية إنما تنشأ نتيجة المواقف السياسية.
وأكد الشاعر مختار عيسى على انتفاء هذه القطرية، مستشهدا بالمهرجانات الثقافية، والمعارض الدولية للكتاب حيث يتم استضافة كتاب وفنانين من مختلف الأقطار العربية، إلا أن الأمر لا يخلو من وجود تبادل المنافع، فيتولد عن ذلك تكرار الوجوه المتواجدة وربما الأطروحات كذلك، لكنه أبدى تفاؤلا تجاه هذه الملتقيات.
وتحدث عامر التميمي عن محدودية القراءة والترجمة، وعن أزمة الرقابة وتحكمها في التواصل الثقافي مما يؤثر في تحقيق الوحدة الثقافية المأمولة، وأكد أن المجتمع أصبح أكثر قمعا للأفراد من الأنظمة ذاتها.
ودعت رضوى فرغلي إلى ضرورة تقبل الآخر واحترامه، وتقبل الاختلاف معه بعيدا عن منطق الذوبان التام فيه، وهذا هو المنطلق الأصوب في بناء أي مشروع ثقافي، مشيرة إلى دور التربية في تنشئة الأفراد القادرين على تحمل تبعات تلك المشاريع.
بينما علقت الإعلامية حصة الملا على غياب الحضور عن مثل تلك الندوات، مشيرة إلى مشكلة التواصل بين المثقف العربي والجمهور، ما يؤثر سلبا على تقديم الفكر المثقف بشكل جيد، وأيضا السعي للإقناع به والعمل على تأصيله.
* شاعرة وكاتبة مصرية
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي