د. مبارك الذروة / السياحة والتغيير

تصغير
تكبير
يحتاج العرب إلى جهد جهيد في تغيير صورتهم أمام الأمم الأخرى. ولعل السلوك العام والتعامل اليومي يعكس السمات الشخصية للمواطن العربي في الخارج. وكثيراً ما تنبه سفارات الدول الذكية رعاياها على الالتزام بالخلق القويم وعدم إحراجها مع تلك الدول.
من المجهودات الشعبية ما اشتهر بها الحضارمة اليمنيون بالسماحة ودماثة الأخلاق والأمانة في التعامل، خصوصاً في عمليات البيع والشراء. فقد كانوا من الشعوب التي امتهنت السفر والترحال. وقد وصلوا إلى اندونيسيا قبل أكثر من 500 عام. وقد سألت أحدهم هناك قبل 15 عاماً عنهم، فقال لقد دخل الإندونيسيون الإسلام بمعاملة الحضارمة الحسنة. واليوم الحضارمة تجاوزوا خمسة ملايين ونصف المليون نسمة كمواطنين في اندونيسيا. كما أن الشعب الاندونيسي هو أكثر الشعوب المسلمة عدداً، فقد تجاوز عددهم مئتي مليون نسمة، ويمثل المسلمون 90 في المئة منهم، ومذهبهم الشافعي هو الغالب هناك. ورحم الله الرافعي حين قال «إن لم تزد شيئاً على الدنيا كنت أنت زائداً عليها».
فما القيمة المضافة في أسفارنا؟ وهل أدوارنا في السفر تتناسب مع قاماتنا ومقاماتنا؟

السياحة في الصيف ممتعة والسفر إلى بلاد الله الواسعة له فوائد جمة، والمسافر سفير وطنه، ونحن الخليجيين معروفون لدى الأمم الأخرى بكثرة الأسفار، كما أننا اشتهرنا ببعض السلوكيات التي لا تمثل الحقيقة. كم جميلاً أن يضع المسافر هدفاً له في رحلته، ليستمتع مع ذاته وأسرته. ولكن ليجعل للمعرفة والثقافة نصيباً من وقته.
لقد ألف الأستاذ رفاعة الطهطاوي «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، وهو في رحلته إلى باريس للعلم والإشراف على البعثة الدراسية، وقدم لوطنه بذلك نموذجاً للحضارة الفرنسية، حتى يتعرف عليها عن قرب. وقدم لنا أنيس منصور الكاتب الكبير العديد من مؤلفات أدب الرحلات مثل «حول العالم في 200 يوم».
ليسأل المسافر نفسه ما القيمة الحضارية التي تتجلى في الدولة المضيفة؟ هل زرت متاحفها؟ من أشهر أدبائها وعلمائها ومفكريها؟ هل دخلها الإسلام؟ ومتى؟ وما قصة العرب فيها؟ هل أصابها الاستعمار؟ وكيف تحررت منه؟ ما المخترعات الحديثة التي اشتهرت بها؟ وما منتجاتها؟ وما عملتها؟ ووضع اقتصادها؟ ثم ليسأل نفسه ماذا أضاف لذاته في هذه الرحلة؟ وماذا قدم لوطنه الكويت هناك؟ وهل عرف الآخرون بوطنه ومجتمعه وأمته وما تتميز به من لغة وأدب وعلم وفن؟
نحن نعلم أننا في سياحة ولسنا في موسم دراسة أو ملتقى ثقافي. لكن الناس معادن، والأمة والوطن بحاجة إلى سفراء من نوع خاص، فهل نحن منهم؟ أرجو ذلك.
د. مبارك الذروة
كاتب وأكاديمي كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي