كتبت في مقالين سابقين عن نمطين من المسؤولين، وربطت تلك الأنماط بدلالات ألوان إشارات المرور الثلاث: الحمراء والصفراء والخضراء، وقد تناولت نمطين منهم الجبان «ذو اللون الأحمر»، والحذر المخادع «ذو اللون الأصفر»، واليوم أختم بالحديث عن النمط الثالث وهو المسؤول المبدع «ذو اللون الأخضر».
المسؤول المبدع نادر الوجود ولكنه موجود، نحتاج الكثير منه في مؤسساتنا الحكومية وغير الحكومية، هو شخص يهتم بالكم والكيف على السواء، يكره الروتين والبيروقراطية والرتم القاتل، سريع الخطأ ولا يلتفت وراءه أبداً «دربه خضر»، وهو ما يجعل ظهره مكشوفاً - أحياناً - للحاسدين الحاقدين الذين يتربصون به، ويحسبون أنفاسه «ويعدون الفصم»!
المسؤول المبدع واثق من نفسه وقدراته، قوي الشخصية، يهتم بالتطوير والتجديد دائماً، حريص على الإنجاز السريع، تحركه المصلحة العامة دون الخاصة، تجده حريصاً على خدمة العملاء والمراجعين دون اعتبار للمصلحة الشخصية والوساطة من هنا وهناك.
المسؤول المبدع هدفه دائماً أن يترك وراءه بصمة مشرفة أينما حل وارتحل. ولذا فهو يجمع حوله أشباهه ممن همهم مصلحة الوطن، لا يركز على مجموعة أو تجمع أو طائفة أو تيار دون غيره، بابه مفتوح للجميع، وقلبه يتسع للكل، سلاحه الإخلاص، وأدواته القانون، وسياسته في العمل قول الشاعر:
وكن رجلاً إن أتوا بعده
يقولون مرَّ وهذا الأثر
مشكلة المسؤول المبدع عندما يخلو من الحصافة السياسية في التعامل مع خصومه ومنافسيه في بيئة العمل، سواء داخل مؤسسته أو من خارجها، مما يزرع له أشواكاً في طريق العطاء، ولذا ننصحه أن يكون من بين مستشاريه من يملك تلك الصفة، خصوصاً في مجال التعاطي مع وسائل الإعلام وأعضاء البرلمان.
في الأفق:
الزعاطيط جمع كلمة زعطوط، وهي كلمة آرامية قديمة تطلق على «الولد الصغير»، وقد تطور معناها واستعمالها لتشمل الرجل الذي يحصر «حركة» عقله في دائرة ضيقة، فيصبح قاصر «الرؤية»، فإذا امتزج هذا مع الأهواء الشخصية الملعونة فلا نملك وقتها سوى الحوقلة! عظم الله أجرنا وأجركم... وأحسن عزاءكم بميتكم... فقد كان مسؤولاً مبدعاً!
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
www.alsuraikh.net