رؤى / الجمعية التاريخية الكويتية ... ومضة مشرقة في العلوم الإنسانية

عبدالله الهاجري

عبدالهادي العجمي

ميمونة الصباح





| سعاد العنزي |
التاريخ هو وثيقة المجتمعات، وهو مدونة الشعوب وحضاراتها، ومرصد التحولات والتقلبات، ومدرسة الأجيال المتلاحقة، وكراس الانجازات، والارتقاء، كما هو سجل الخيبات والنكسات، والأمة التي لا تقرأ تاريخها لا تنهض من نكساتها، وليس أدل على ذلك، سوى تراجع العرب المستمر أمام تقدم الحضارات، كونها أمة لا تقرأ تاريخها، كما صرح بذلك، أحد زعماء اليهود.
وفي هذه اللحظة الراهنة لسنا في اشتغال على تاريخ الخيبات، قدر ما نجتهد لرسم ملامح ومضة مشرقة في تاريخ العلوم الإنسانية في الكويت، تتجلى في الجمعية التاريخية في كلية الآداب في جامعة الكويت، هذه الحركة الثقافية التاريخية النهضوية، التي تقلب أطراف عنونة كتاب فوكوياما «نهاية التاريخ»، لتشتغل على «بداية التاريخ والتأريخ» لجهود السابقين والعابرين، في بناء مسيرة الوطن الغالي، من هنا يبدأ التاريخ، والتأريخ لجهود رجالات بنوا الأمة، ولأحداث شكلت بنى الحياة في الكويت، فتشكلت عبر كتابة التاريخ، فكرة إنسانية سامية، لا تنتج إلا من عقول اشتغلت على صنع الحضارة، وفكرت مليا في الإبداع في العطاء الإنساني، وانطلقت من مرجعيات حضارية وإنسانية ووطنية، تحتم عليها الوقفة الجادة، المتأملة للتاريخ، الحالي والمتعاقب عبر الأجيال، لتغوص في دهاليز التاريخ وتستخرج جمالياته، كما ترصد لنكسات منها العبرة والاستفادة، وليس من الغريب أن تكون ابنة الكويت الوفية والمخلصة لها هي مؤسسة الجمعية والمشرفة على جميع أعمالها، بذكاء ورجاحة عقل، فتحت المجال أمام عقليات شابة ومبدعة بناءة ومخلصة لفكرها ولاشتغالها العلمي، وكانت رحلاتهم الدراسية للخارج، وهضمهم للحضارات الغربية محركا أساسيا في ترسيخ الفكر والتنظيم العلمي المشترك، مثل الدكتور عبدالله الهاجري، والدكتور عبدالهادي العجمي، اللذان قادا مسيرة الجمعية التاريخية، برئاسة د. ميمونة الصباح، ليعيدوا بناء التاريخ، وتفعيل، دور قسم التاريخ والدراسات التاريخية في جامعة الكويت، لتستضيءء الكويت بجهودهم، ومساعيهم، وليكونوا هم ومن يسير على خطاهم، حراسا للتاريخ الكويتي، من الضياع والبدد.
تحركها أفكار ومرجعيات عدة، تصوغ أهدافها وترسم آلياتها، لدعم ورعاية الحركة الفكرية في البلاد، والتركيز على ما هو تاريخي، مدار الاشتغال، وتشجيع الأبحاث التاريخية بالنمو والتزايد، واستيعاب تاريخ الكويت، واتساع الدائرة، لتكون أرحب لتشمل التاريخ الخليجي المشترك، والعالمي، وعلى وجه الخصوص، العلاقات الدولية بين الكويت وبقية بلدان العالم، مما يناقش العديد من القضايا التاريخية، التي أصبحت مدار اشتغال الدراسات الحداثية الحالية، مع التأكيد على القضايا التاريخية الأمة العربية، والتاريخ الإسلامي. وبعد هذا الاشتغال الحثيث حتما سيكون تمثيل الكويت في المحافل الدولية، بصورة حافلة بالعطاء الإنساني، مطلبا وهدفا وانجازا. ولعل الراغب في الاستفادة، والاستزادة لمعرفة الأهداف المحركة للجمعية، والفعاليات والانجازات، يجدها في الموقع الالكتروني الخاص للجمعية، كما سيجد التوثيق للفعاليات والمقالات التي أنجزت بهذا الصدد، فكان من أبرز أعمالها: الندوات التالية: «القلاع الأموية في الأندلس» و«العلاقات البرتغالية الخليجية» و«الوثائق الكويتية في الأرشيف العثماني» و«العلاقات التاريخية الكويتية الهندية» و«حضارة الفايكنك وعلاقتها بالعالم الإسلامي» و«محاضرة كتابة تاريخ العرب والمسلمين فى عصر العولمة»، فإن قراءة تحليلية في هذه العناوين، تجعل المتلقي يدرك الدور التاريخي القيم الذي تؤديه الجمعية التاريخية، والذي يجعل المواطن الكويتي يشعر بالفخر والاعتزاز من هذا العطاء المشرف.
مثل هذه الفعاليات والمنظمات تدفعنا للتساؤل عن أكثر من أمر؟ مثل: إن هذا النشاط الدائب والفعالية العلمية والأكاديمية، هل هناك جمعيات في العلوم الإنسانية في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، وبقية كليات الجامعة مثلها، وهل أدوارها مفعلة ومتنامية صنوها صنو الجمعية التاريخية على سبيل المثال؟
كما ان الجمعية التاريخية التي من أهدافها تشجيع الحركة الفكرية في البلاد، هل تستقبل بعض الأعمال الأدبية التي تعالج بعض الأحداث التاريخية، وتصف المجتمع الكويتي في حقبة تاريخية ما، بوصفها روافد تاريخية، تقدم التاريخ بأسلوب أدبي شيق وممتع، مثل أعمال الروائية ليلى العثمان، والروائي هيثم بودي في: رواية «الدروازة» على سبيل المثال، والروائية خولة القزويني، في رواية «هيفاء تعترف لكم»، والقصائد الوطنية، والتي كانت تزامن المناسبات الوطنية، برؤية شعرية، هل سيلتفت لها من قبل الجمعية التاريخية، لخلق جو فكري متنوع، يتألف من أكثر من مناخ فكري وفلسفي، عبر آليات واشتغالات أكاديمية، ورؤى أدبية.
كل هذه الأسئلة تهدف إلى خلق التواصل والتكامل بين العلوم الإنسانية، لا سيما اللغة العربية والتاريخ، لا رتباطهما الوثيق ببعضهما البعض، فالتاريخ يدون عبر اللغة، ويستضيء بوهجها، ومدونات أهلها في الحوادث والأخبار، وسردياتهم التاريخية مدارا وتخيلا، وفي الدراسات النقدية العربية، ثمة مباحث ومناهج تاريخية لمقاربة الأدب، ولعل روايات نجيب محفوظ «كفاح طيبة»، و«العائش في الحقيقة» خير دليل على صلات النسب المشتركة بين الحقلين، ومن الجزائر في العصر الراهن جدير بالذكر، الروايات التي وثقت للعنف والإرهاب الجزائري، فسميت بروايات عصر الفتنة، وروايات العشرية الحمراء.
ونهاية، تحيا الأمم بحياة أبنائها وبنضالهم وعطائهم، فلنعيش جميعا، من أجل بناء حضارة إنسانية مشرقة، بشتى فروع الحياة، ولنوجه التحية إلى شخصيات متوهجة العطاء، ونضرة بالأفكار المتجددة: د. ميمونة الصباح رئيسة الجمعية التاريخية. وعميدة كلية الآداب. والدكتور عبدالله الهاجري. والدكتور عبدالهادي العجمي العمداء المساعدين في كلية الآداب.
* كاتبة وناقدة كويتية
التاريخ هو وثيقة المجتمعات، وهو مدونة الشعوب وحضاراتها، ومرصد التحولات والتقلبات، ومدرسة الأجيال المتلاحقة، وكراس الانجازات، والارتقاء، كما هو سجل الخيبات والنكسات، والأمة التي لا تقرأ تاريخها لا تنهض من نكساتها، وليس أدل على ذلك، سوى تراجع العرب المستمر أمام تقدم الحضارات، كونها أمة لا تقرأ تاريخها، كما صرح بذلك، أحد زعماء اليهود.
وفي هذه اللحظة الراهنة لسنا في اشتغال على تاريخ الخيبات، قدر ما نجتهد لرسم ملامح ومضة مشرقة في تاريخ العلوم الإنسانية في الكويت، تتجلى في الجمعية التاريخية في كلية الآداب في جامعة الكويت، هذه الحركة الثقافية التاريخية النهضوية، التي تقلب أطراف عنونة كتاب فوكوياما «نهاية التاريخ»، لتشتغل على «بداية التاريخ والتأريخ» لجهود السابقين والعابرين، في بناء مسيرة الوطن الغالي، من هنا يبدأ التاريخ، والتأريخ لجهود رجالات بنوا الأمة، ولأحداث شكلت بنى الحياة في الكويت، فتشكلت عبر كتابة التاريخ، فكرة إنسانية سامية، لا تنتج إلا من عقول اشتغلت على صنع الحضارة، وفكرت مليا في الإبداع في العطاء الإنساني، وانطلقت من مرجعيات حضارية وإنسانية ووطنية، تحتم عليها الوقفة الجادة، المتأملة للتاريخ، الحالي والمتعاقب عبر الأجيال، لتغوص في دهاليز التاريخ وتستخرج جمالياته، كما ترصد لنكسات منها العبرة والاستفادة، وليس من الغريب أن تكون ابنة الكويت الوفية والمخلصة لها هي مؤسسة الجمعية والمشرفة على جميع أعمالها، بذكاء ورجاحة عقل، فتحت المجال أمام عقليات شابة ومبدعة بناءة ومخلصة لفكرها ولاشتغالها العلمي، وكانت رحلاتهم الدراسية للخارج، وهضمهم للحضارات الغربية محركا أساسيا في ترسيخ الفكر والتنظيم العلمي المشترك، مثل الدكتور عبدالله الهاجري، والدكتور عبدالهادي العجمي، اللذان قادا مسيرة الجمعية التاريخية، برئاسة د. ميمونة الصباح، ليعيدوا بناء التاريخ، وتفعيل، دور قسم التاريخ والدراسات التاريخية في جامعة الكويت، لتستضيءء الكويت بجهودهم، ومساعيهم، وليكونوا هم ومن يسير على خطاهم، حراسا للتاريخ الكويتي، من الضياع والبدد.
تحركها أفكار ومرجعيات عدة، تصوغ أهدافها وترسم آلياتها، لدعم ورعاية الحركة الفكرية في البلاد، والتركيز على ما هو تاريخي، مدار الاشتغال، وتشجيع الأبحاث التاريخية بالنمو والتزايد، واستيعاب تاريخ الكويت، واتساع الدائرة، لتكون أرحب لتشمل التاريخ الخليجي المشترك، والعالمي، وعلى وجه الخصوص، العلاقات الدولية بين الكويت وبقية بلدان العالم، مما يناقش العديد من القضايا التاريخية، التي أصبحت مدار اشتغال الدراسات الحداثية الحالية، مع التأكيد على القضايا التاريخية الأمة العربية، والتاريخ الإسلامي. وبعد هذا الاشتغال الحثيث حتما سيكون تمثيل الكويت في المحافل الدولية، بصورة حافلة بالعطاء الإنساني، مطلبا وهدفا وانجازا. ولعل الراغب في الاستفادة، والاستزادة لمعرفة الأهداف المحركة للجمعية، والفعاليات والانجازات، يجدها في الموقع الالكتروني الخاص للجمعية، كما سيجد التوثيق للفعاليات والمقالات التي أنجزت بهذا الصدد، فكان من أبرز أعمالها: الندوات التالية: «القلاع الأموية في الأندلس» و«العلاقات البرتغالية الخليجية» و«الوثائق الكويتية في الأرشيف العثماني» و«العلاقات التاريخية الكويتية الهندية» و«حضارة الفايكنك وعلاقتها بالعالم الإسلامي» و«محاضرة كتابة تاريخ العرب والمسلمين فى عصر العولمة»، فإن قراءة تحليلية في هذه العناوين، تجعل المتلقي يدرك الدور التاريخي القيم الذي تؤديه الجمعية التاريخية، والذي يجعل المواطن الكويتي يشعر بالفخر والاعتزاز من هذا العطاء المشرف.
مثل هذه الفعاليات والمنظمات تدفعنا للتساؤل عن أكثر من أمر؟ مثل: إن هذا النشاط الدائب والفعالية العلمية والأكاديمية، هل هناك جمعيات في العلوم الإنسانية في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، وبقية كليات الجامعة مثلها، وهل أدوارها مفعلة ومتنامية صنوها صنو الجمعية التاريخية على سبيل المثال؟
كما ان الجمعية التاريخية التي من أهدافها تشجيع الحركة الفكرية في البلاد، هل تستقبل بعض الأعمال الأدبية التي تعالج بعض الأحداث التاريخية، وتصف المجتمع الكويتي في حقبة تاريخية ما، بوصفها روافد تاريخية، تقدم التاريخ بأسلوب أدبي شيق وممتع، مثل أعمال الروائية ليلى العثمان، والروائي هيثم بودي في: رواية «الدروازة» على سبيل المثال، والروائية خولة القزويني، في رواية «هيفاء تعترف لكم»، والقصائد الوطنية، والتي كانت تزامن المناسبات الوطنية، برؤية شعرية، هل سيلتفت لها من قبل الجمعية التاريخية، لخلق جو فكري متنوع، يتألف من أكثر من مناخ فكري وفلسفي، عبر آليات واشتغالات أكاديمية، ورؤى أدبية.
كل هذه الأسئلة تهدف إلى خلق التواصل والتكامل بين العلوم الإنسانية، لا سيما اللغة العربية والتاريخ، لا رتباطهما الوثيق ببعضهما البعض، فالتاريخ يدون عبر اللغة، ويستضيء بوهجها، ومدونات أهلها في الحوادث والأخبار، وسردياتهم التاريخية مدارا وتخيلا، وفي الدراسات النقدية العربية، ثمة مباحث ومناهج تاريخية لمقاربة الأدب، ولعل روايات نجيب محفوظ «كفاح طيبة»، و«العائش في الحقيقة» خير دليل على صلات النسب المشتركة بين الحقلين، ومن الجزائر في العصر الراهن جدير بالذكر، الروايات التي وثقت للعنف والإرهاب الجزائري، فسميت بروايات عصر الفتنة، وروايات العشرية الحمراء.
ونهاية، تحيا الأمم بحياة أبنائها وبنضالهم وعطائهم، فلنعيش جميعا، من أجل بناء حضارة إنسانية مشرقة، بشتى فروع الحياة، ولنوجه التحية إلى شخصيات متوهجة العطاء، ونضرة بالأفكار المتجددة: د. ميمونة الصباح رئيسة الجمعية التاريخية. وعميدة كلية الآداب. والدكتور عبدالله الهاجري. والدكتور عبدالهادي العجمي العمداء المساعدين في كلية الآداب.
* كاتبة وناقدة كويتية