فوزه «يشعل» طهران... وصدامات عنيفة بين الشرطة ومؤيدي موسوي

الإيرانيون يجددون لأحمدي نجاد بـ 62.63 في المئة من الأصوات

تصغير
تكبير
 | طهران - من أحمد أمين |
كلما كانت مشاركة المواطنين في الانتخابات قياسية، كلما تقلصت فرص فوز المحافظين في الانتخابات... قاعدة حددت معالم الانتخابات الرئاسية في ايران، بعد فوز الاصلاحي محمد خاتمي في انتخابات الرئاسة السابعة عام 1997. ومع ذلك، فان الناخب الايراني الذي طالما فاجأ المحللين، انقلب هذه المرة على القاعدة التي رسم هو ملامحها، فصوت في مشاركة انتخابية حماسية لولاية ثانية للرئيس الاصولي محمود احمد نجاد، محققا انتصارا كبيرا على منافسه الابرز مير حسين موسوي، الذي ندد في شدة بـ «المخالفات الواضحة» التي اعترت الانتخابات.
من جهته، وصف المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، الذي كان خلال الحملة الانتخابية دعم الرئيس المنتهية ولايته بصورة غير مباشرة، فوز احمدي نجاد (55 عاما) بولاية ثانية من اربع سنوات بـ «العيد الحقيقي». وحذر من ان «الاعداء قد يحاولون افساد سلاسة هذا الحدث (...) من خلال استفزازات سيئة النية».
وأعلن موقع على الانترنت، تنحي رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام رئيس مجلس خبراء القيادة علي اكبر هاشمي رفسنجاني من مناصبه كافة، اعتراضا على نتائج الانتخابات، ولم يتم بعد التأكد من صحة النبأ.
واحتجاجا على النتائج، خرج آلالاف من انصار موسوي الى شوارع وسط طهران، مطلقين هتافات مناهضة للحكومة، في حين وقعت صدامات بين الشرطة ومناصرين لرئيس الوزراء السابق في عدد من احياء العاصمة.
واعلن وزير الداخلية صادق محصولي، امس، ان الرئيس المنتهية ولايته فاز من الدورة الاولى بحصوله على 62.63 في المئة من الاصوات، بينما حل ثانيا المرشح المحافظ المعتدل مير حسين موسوي، الذي حصل على 33.75 في المئة من الاصوات.
وحصل احمدي نجاد على 24 مليونا و527 الفا و516 صوتا، من اصل 39 مليونا و165 الفا و191 صوتا تم احتسابها، بينما اعتبر 409 آلاف و389 صوتا ملغاة.
وحصل المنافس الابرز للرئيس المتشدد، رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي على 13 مليونا و216 الفا و411 صوتا، اي ما نسبته 33.75 في المئة من الاصوات.
اما المرشح المحافظ محسن رضائي، فحل ثالثا بحصوله على 1.73 في المئة، في حين حل اخيرا المرشح الاصلاحي مهدي كروبي الذي حاز على 0.85 في المئة.
واوضح الوزير ان نسبة المشاركة بلغت 85 في المئة، مؤكدا انها نسبة «قياسية» غير مسبوقة.
ولم تتحدث الوزارة عن اي مخالفات شابت الانتخابات وبعدما أعلن وزير الداخلية فوز أحمدي نجاد، اندلعت أعمال العنف. وقال شهود ان الشرطة التي تستخدم الهراوات تدخلت لتفريق مؤيدي موسوي، حيث كانوا ينظمون اعتصاما للاحتجاج على فوز أحمدي نجاد. واضاف ان الشرطة طاردت والقت القبض على بعض المتظاهرين. وتابع: «الشرطة هاجمت الناس بالهراوات واصيب ثلاثة اشخاص على الاقل».
وهتف المتظاهرون «نحن ايرانيون أيضا» و«موسوي هو رئيسنا». و«ديكتاتورية... ديكتاتورية» ودعوا الى «استقالة حكومة الانقلاب».
وبدأ ما يصل الى ألفين من أنصار موسوي اعتصاما في وسط الطريق وصفقوا ورددوا عبارات مثل «أعد أصواتنا يا موسوي. ماذا حدث لاصواتنا»؟ وقال المحتجون أيضا لرجال الشرطة «يا قوات الشرطة... أنتم أشقاؤنا».
ووقفت العشرات من قوات شرطة مكافحة الشغب قرب مكان الاعتصام.
وشكك منافس احمدي نجاد الاصعب، موسوي وانصاره، بنزاهة فرز الاصوات وساقوا جملة من الذرائع لتبرير هزيمتهم امام مرشح فرقائهم من تيار اليمين.
وما عزز من مقولات هؤلاء في حصول تزوير، وان نتائج الانتخابات معدة سلفا، قيام اجهزة اعلام حكومية وشبه حكومية خاضعة لسيطرة اليمين، بالاعلان عن فوز احمدي نجاد بنسبة اصوات تزيد على 60 في المئة، قبل ان تغلق صناديق الاقتراع ابوابها.
وكان موسوي استبق ظهور نتائج فرز الاصوات ليعلن فوزه الحتمي بغالبية الأصوات، مشيرا الى ان كثيرا من الناخبين لم يتمكنوا من الادلاء باصواتهم رغم تمديد المهلة المقررة للتصويت اربع ساعات.
ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن لجنة الانتخابات في وزارة الداخلية، فان نتائج فرز الاصوات اكدت فوزا حاسما لاحمدي نجاد بولاية ثانية من اربع سنوات، اذ من مجموع 47 مليونا اجمالي عدد الناخبين الايرانيين، كشفت اجراءات فرز الاصوات عن مشاركة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية منذ انتصار الثورة الاسلامية عام 1979، اذ بلغت نحو 83 في المئة، وقد حصل احمدي نجاد على نحو 63 في المئة من اصوات الناخبين في حين حصل منافسه الاقوى مير حسين موسوي على نحو 34 في المئة.
وفي اعقاب الاعلان عن فوز احمدي نجاد، صرح المسؤول عن حملته الانتخابية مجتبى ثمرة هاشمي «بان الفارق بين عدد الاصوات التي حصل عليها احمدي نجاد وتلك التي حصل عليها منافسوه، يعني ان اي شك في فوزه سيعتبره الرأي العام شكلا من اشكال المزاح».
وهزأ من اعلان موسوي المبكر فوزه في الانتخابات، موضحا «ان الاعلان المسرحي عن الفوز من قبل الذين خسروا الانتخابات، هو الفصل الاخير من مشروع دعائي غير واقعي وسلبي يروج منذ ثلاثة اشهر».
ورد على المرشحين الثلاثة الذين نافسوا احمدي نجاد في المعركة الانتخابية، موسوي ومهدي كروبي ومحسن رضائي، واتهموه بـ «الكذب» فيما يرتبط بشرحه للانجازات السياسية والاقتصادية التي حققها للامة الايرانية خلال السنوات الاربع الماضي، قائلا «ان الفارق الذي يبلغ ملايين بين الاصوات المؤيدة لاحمدي نجاد والاصوات المؤيدة للآخرين، يكشف من هو الكاذب».
وحذر موسوي من مناخ غير مساعد سيسود فيما اذا ثبت حصول تلاعب بنتائج فرز الاصوات، وانهم سيواجهون صعوبة في ضبط الامور. ورد ثمرة هاشمي، موضحا «ان احمدي نجاد هو رئيس جميع الايرانيين، وعلى المرشحين الآخرين احترام تصويت الشعب وقواعد الديموقراطية وايجاد مناخ من التوافق بدلا من التوتر».
من ناحيته، وصف خامنئي، فوز احمدي نجاد بولاية ثانية، بـ «العيد الحقيقي»، معتبرا ان الانتخابات شكلت «نجاحا هائلا».
وقال خامنئي ان «نسبة المشاركة التي فاقت 80 في المئة والـ 24 مليون صوت التي حاز عليها الرئيس المنتخب تشكلان عيدا حقيقيا يضمن تقدم البلاد والامن القومي وتعتبران فرحا دائما».
وكان المرشد الاعلى، وعد بعدم الكشف عن الجهة التي اقترع لها، غير انه دعم، قبل الانتخابات، في شكل غير مباشر احمدي نجاد، وهذه المرة «هنأ الشعب على هذا النجاح الهائل».
وبينما كان الآلاف من انصار المرشح المحافظ المعتدل مير حسين موسوي الذي حل ثانيا في الانتخابات يتظاهرون في شوارع العاصمة احتجاجا على النتائج التي وصفوها بالـ «مسروقة»، حذر خامنئي من اي محاولات لزعزعة الاستقرار واثارة الاضطرابات. وقال: «ادعو الشبان الى اليقظة، اناشد انصار المرشحين تجنب الاعمال والكلمات الاستفزازية».
ومضى خامنئي بعيدا بقوله ان «الرئيس المنتخب هو رئيس لجميع الايرانيين (...) وعلى الجميع دعمه ومساعدته». وحذر من ان «الاعداء قد يحاولون افساد سلاسة هذا الحدث (...) من خلال استفزازات سيئة النية».
ويشغل خامنئي، المحافظ، منصب المرشد الاعلى منذ 20 عاما، اي منذ خلافته في هذا المنصب مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني. ورأى خامنئي، الجمعة، في هذه الانتخابات «برهانا على انه بعد 30 عاما ايران لا تزال منيعة وصلبة في مواجهة التعديات السياسية والنفسية».
كما انبرى مسؤولون سياسيون وقادة في «الباسيج» الى تأكيد نزاهة الانتخابات، وقال رئيس تنظيم «الباسيج» الطلابي في جامعة الامام الصادق محمد ثنائي فر، «ان التشكيك بنزاهة العملية الانتخابية بمثابة الاصطفاف الى جانب الاعداء».
وارجأ موسوي مؤتمرا صحافيا كان مقرراً اليوم، ليتحدث فيه عن مجمل القضايا، ومنها «فوزه»، واكتفى باصدار بيان ندد في شدة بالنتائج المعلنة، وقال «انها العاب سحرية قامت باجرائها الجهات المشرفة على الانتخابات ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون». وتساءل «ان الامة تريد ان تعرف على يد من واي مسؤول تم تخطيط وتنفيذ هذه الالعاب الكبرى».
وانتقد في شدة «المشرفين غير الامناء»، وقال «ان هذا الاجراء سيكون عاملا في تزلزل اركان النظام المقدس لجمهورية ايران الاسلامية وسيادة الكذب والاستبداد».
ووعد «بفضح الاسرار التي تقف خلف هذه المسارات المليئة بالخطر، وسأشرح آثارها المدمرة على مصير البلاد». وتابع «ان الذين يخونون امانة هذه الامة لا يهمهم احتراق بيت المؤمنين هذا (ايران)».
بدوره، اصدر كروبي بيانا وصف فيه نتائج الانتخابات بانها «مثيرة ومضحكة، وانه لا يسع الحديث عنها في بيان، ويجب اتخاذ الموقف المناسب». وقال «ان اجراءات فرز الاصوات تعيد الى الاذهان الاجراءات المشابهة التي حصلت في عهد المرحوم مدرس (رجل دين عضو في برلمان ايران وتم اغتياله من قبل رضا شاه) اذ حرموه حتى من صوته، وان الاكاذيب التي عرضها التلفاز تذكر بالاحصاءات الكاذبة التي ورد ذكرها في المناظرات». ولفت الى «ان النتائج المعلنة عن هذه الطريقة من فرز الاصوات غير قانونية ولا تحظى بقبولي».
وشدد على انه «لن يلتزم الصمت وسيفي بوعوده في البقاء بالساحة وان يطلع الامة على الاجراءات التي سيتخذها».
وكان كروبي الذي هزم في الانتخابات الرئاسية التاسعة عام 2005، شكك ايضا بنزاهة تلك الانتخابات، لكنه اخفق في تحقيق اي تغيير في نتائجها وتمت تسمية احمدي نجاد رئيسا.
واذا كانت الانتخابات الرئاسية العاشرة انتهت بفوز احمدي نجاد بولاية ثانية، فان الهزات الارتدادية لاستحقاقاتها ستستمر حتى حين على الصعيدين الداخلي والخارجي.

كارتر: السياسة الأميركية لن تتغير

إسرائيل تؤكد «تزايد التهديد» بعد التجديد لأحمدي نجاد


عواصم - وكالات - اعتبرت اسرائيل، امس، ان فوز محمود احمدي نجاد بغالبية ساحقة في الانتخابات الرئاسية، يدل على ان «التهديد الايراني» تزايد، ورأت انه «يتعين على الولايات المتحدة والعالم الحر، ان يعيدا تقويم التوجه السياسي حيال الطموحات النووية الايرانية».
وقال نائب وزير الخارجية داني ايالون في بيان: «بنشر تلك النتائج، على المجتمع الدولي وقف البرنامج النووي والارهاب القادم من ايران». واضاف ان «اسرائيل من البداية لم يكن لديها اي اوهام في شأن هذه الانتخابات، لان بالنسبة الى مسألة البرنامج النووي والارهاب، لا يوجد اختلاف كبير بين المرشحين».
كما اكد نائب رئيس الوزراء سيلفان شالوم، ان فوز احمدي نجاد «يعد انفجارا في وجه اولئك الذين كانوا يعتقدون ان ايران تستعد لاجراء حوار حقيقي مع العالم الحر، بما في ذلك وقف برنامجها النووي». وشدد على ان نتيجة الانتخابات «تبعث رسالة واضحة للعالم، مؤداها ان هناك مساندة كبيرة للسياسة الحالية وانها ستستمر من دون تغيير».
في المقابل، اكد عضو المكتب السياسي في «حزب الله» غالب ابو زينب ردا على سؤال لـ «فرانس برس»، عن اعادة انتخاب احمدي نجاد، ان الجمهورية الاسلامية نجحت «مرة اخرى في امتحان الديموقراطية». وقال ان الحزب «سعيد بالديموقراطية وبخيار الشعب الايراني».
واضاف: «اثبتت ايران ديموقراطيتها، وهي تنجح المرة تلو الاخرى في امتحان الديموقراطية».
كما اعتبرت حركة «حماس»، ان هذه «النتائج دليل على نجاح برنامج المستوى الرسمي الايراني في رعاية مصالح الشعب ومواجهة كل التحديات، وتلبيةً لتطلعات الشعب الايراني في الاستمرار في رعاية مصالحة وحمايته من الأخطار».
وقدم الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، امس، تهانيه لاحمدي نجاد لمناسبة اعادة انتخابه.
وذكر مكتب الرئيس الايراني، ان شافيز ابلغ هاتفيا احمدي نجاد، «فوزكم في الانتخابات الاخيرة، هو انتصار لكل الشعوب في العالم والامم الحرة ضد الغطرسة العالمية».
وفي دمشق، ذكرت «وكالة سانا للانباء»، ان الرئيس السوري بشار الاسد بعث «برقية تهنئة الى الرئيس الايراني محمود احمدي رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية لمناسبة اعادة انتحابه لولاية دستورية ثانية اعرب فيها عن اخلص التهاني واطيب التمنيات للرئيس احمدي نجاد وللشعب الايراني الشقيق بالمزيد من التقدم والازدهار».
اعلن الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر، اثر لقائه رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض في رام الله في اطار جولة اقليمية، ان موقف واشنطن لن يتبدل «لان الشخص نفسه لا يزال هناك»، اي في طهران. واضاف: «اعتقد ان هذا الانتخاب عكس معارضة قوية لسياسته في ايران، وانا واثق بانه (احمدي نجاد) سيستمع الى معارضيه».
واعتبر الرئيس باراك اوباما الذي يأمل بمعاودة الحوار مع طهران، الجمعة، ان ثمة تغييرا «محتملا» في العلاقات بين الولايات المتحدة وايران بعد الانتخابات الايرانية، مهما كانت هوية الفائز فيها.
وعبّر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن أمله في أن يسفر انتخاب أحمدي نجاد لولاية ثانية عن تقدم في علاقات إيران مع العالم العربي.

رجوي: ستؤدي إلى تزايد القمع
إعادة انتخاب أحمدي نجاد

باريس - ا ف ب - اعتبر «المجلس الوطني للمقاومة الايرانية» (المعارضة)، امس، ان اعادة انتخاب محمود احمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية الايرانية، ستؤدي الى «تزايد قمع المعارضين» اضافة الى «مضاعفة الجهود للحصول على القنبلة النووية».
واتهمت حركة المعارضة الاساسية، السلطة بانها ضخمت ارقام المشاركة «من 4 الى 5 مرات» مؤكدة ان «اكثر من 85 في المئة من الايرانيين قاطعوا المسرحية الانتخابية لنظام الملالي». واكدت في بيان «ان هذا الرفض الشامل للشعب الايراني يبين ان البلاد جاهزة لحل ديموقراطي على الصعيدين الاجتماعي والسياسي».
وحسب زعيمة الحركة مريم رضائي رجوي، التي ورد اسمها في البيان، فـ «ان اعادة انتخاب احمدي نجاد ستؤدي الى تزايد قمع المعارضين والى حملات تطهير داخلية واسعة اضافة الى تضاعف الجهود للحصول على القنبلة النووية وزيادة تصدير الارهاب والاصولية».


الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي