العلاقات بين الافراد اما ان تكون اجتماعية وإما مهنية، وكل علاقة لها خصوصيتها، وكثيراً ما نقف أمام وعود لا يلتزم أصحابها فيها لسبب أو آخر، وعلينا في جميع الأحيان تفحص كل وعد على حدة، فالظروف أحياناً تحكم وتغير مسار الأحداث، ولكن حينما يطلق نائب وعد تجاه حدث مرتبط في الشأن العام، فالوضع يعتبر مختلفاً وموجب الالتزام لا محالة.
النائب مسلم البراك أوفى بوعده وقدم استجوابه لوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، وبقي عامل الوقت ليحدد مصير الاستجواب وما ستؤول إليه الأحداث قبل وأثناء وبعد 23 يونيو موعد إدراج الاستجواب، مذكرين بمواد الاستجواب التي سوف يسترسل فيها البراك لدرجة - في ظني - ستكون مهولة، ولن يستطيع الوزير الرد إن قرر الوزير صعود المنصة، لأن الوقائع تتناول مواضيع شدد المشرع الكويتي على وجوب توافرها حماية للممارسة الديموقراطية.
قد يرى البعض أن النائب البراك في تقديمه الاستجواب قد قطع حبل التهدئة، ونحن هنا نسجل اختلافنا معهم لسبب رئيسي واحد، وهو أن الاستجواب مادة دستورية وحق مشروع لأي نائب استخدامه متى ما استدعت الحاجة، والتأجيل أحياناً لا يخدم القضية!
إنه استجواب فردي بمحاور ثلاثة بحاجة إلى الرد عليها من خلال صعود الوزير المنصة، وبعدئذ يبقى الحكم للنواب فهم الذين يحددون المصير بالنسبة إلى المستجوب (الوزير) فإما بطلب طرح الثقة وإما الاكتفاء بتوصيات تقدم من الوزير، وهو مستبعد، وإما التدوير الذي نرى فيه الحل، وإما استقالة الوزير، وهو خيار صعب لتضمن المحاور قضية مال عام!
ما نتمناه كله أن تكون جلسة الاستجواب على مستوى راقٍ، ويكون الطرح في حدود الأدب والاحتراف الدستوري من دون تشنج أو تصعيد أو خلافه من الممارسات السلبية.
على أي حال، نجد استجواب النائب مسلم البراك قد خلط ما بين العلاقات التي تربط الأفراد اجتماعياً ومهنياً، فهو متصل في المال العام والحرية التي ينادي بها الأفراد.
والاستجواب يُقصد منه إصلاح الخلل الذي يعتقد في وجوده النائب بحكم طبيعة عمله الرقابية على الجهة التنفيذية ولا علاقة للتأزيم بالاستجواب لا من قريب ولا من بعيد.
ختام القول هنا أننا نتمنى ألا تطول سهام استجواب الوزراء الجدد قبل منحهم الفرصة الكافية للعمل بعد تقديم الحكومة خطة العمل المقترنة في مدة زمنية للتنفيذ، والوزراء والنواب في طابع السياق الاجتماعي أخوة، وواجبنا الاجتماعي يحتم علينا التزام الحياد في المعالجة وتوجيه النصح للمقصر، كي نتجاوز مرحلة القصور لنصل إلى حيّز الإصلاح المنشود... والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]