د. حسن عبدالله عباس / استجواب «الشعبي» قصمة ظهر

تصغير
تكبير
من السابق لأوانه أن نحكم على استجواب «الشعبي» لوزير الداخلية بأنه ضعيف أو قوي إلا بعد قراءة بنوده ومتابعة أجواء نقاشه (وإن كنت أتبنى رأياً مسبقاً كما سيأتي). لكن بما أن الاستجواب قد قُدم يوم الاثنين الماضي فمن المناسب أن يتركز الكلام على الأداة الدستورية عموماً، وعن التوقيت الذي تقدمت به الكتلة والحكم عليه من عناوين المحاور لا أكثر.
الحكومات الخمس الماضية امتازت بأنها ضعيفة، وأكثر ما ميّزها قدرتها على التملص من الاستجوابات إما بالتأجيل، وإما بتقديم الوزير المستجوَب ككبش فداء للهروب بجلدها مخذِلة أعضاءها الوزراء، تاركة إياهم إلى مصيرهم العاثر كسيئ الحظ العليم، أو الهروب بالاستقالة الجماعية، أو رفع كتاب عدم التعاون، كما حصل في الفصل التشريعي السابق. المهم في ذلك كله أن الاستجواب ورغم أهميته استطاعت الحكومات السابقة التلاعب به والتقليل من أهميته بهذه المناورات السياسية.
طبعاً هذه المناورات السياسية لم تكن لتطفو على السطح لولا مساعدة النواب أنفسهم عليها. أقصد أن الاستجواب يفترض فيه أنه أداة برلمانية ناجعة ونافذة وقادرة على تغيير المسار السياسي للبلد، لكن هذه الأداة بالغة الأهمية تلاعب بها النواب بصورة معيبة أذهبت بطعمها وجعلتها وسيلة ابتزاز رخيصة قادرة على شل البلد لأغراض شخصية مريضة وبسيطة كقضية الفالي.
من هنا، نقول إن الحكمة هي المعيار في تحريك هذه الوسيلة دون غيرها، بمعنى أن الاستجواب أداة برلمانية لا يمكن لتحتفظ برونقها إلا من خلال الاستفادة منها في الوقت المناسب، كما أنها أداة مؤثرة وبصورة قوية حينما تُفعّل بعد استنفاد صاحبها الأدوات البرلمانية الأخرى السابقة كلها لمرحلة الاستجواب، وأخيراً يجب أن يكون الموضوع الذي لأجله قدم الاستجواب يستحق أداة سياسية بوزن الاستجواب. عندها نقول إن الحكمة كانت سيدة الموقف في الاستجواب ويكون التأييد هو الطابع السائد.
استجواب «الشعبي» لم نتعرف على تفاصيل محاوره سوى ما صرح به مسلم البراك من عناوينه الثلاثة. صحيح أن «التكتل الشعبي» عودنا ألا يحرك المياه الراكدة في البلد إلا لأمور مهمة تشد الانتباه وتحرك المياه الراكدة، إلا أنه ومن باب تقييم الاستجواب كما بينا ووفقاً لبند الحكمة كما سبق، أظنه مستعجلاً ولم تعطَ الحكومة الفرصة الكافية للنقاش والرد عليه. أقصد أن الوقت مازال متاحاً لتستعمل الأدوات الأخرى التي في العادة تسبق الاستجواب، كالأسئلة البرلمانية واتفاقات تحت الطاولة. قد يكون المحور الأول ذا قيمة، لأن فيه شبهة التعدي على المال العام والتلاعب بالعملية الانتخابية وتشويهها، ولكن المحورين الثاني والثالث يبدوان هزيلان، فضلاً عن كونهما بنْدي استجواب. هذا كله ولم نذكر لغاية الآن أن «حبيس» أمن الدولة النائب الطاحوس عضو جديد في التكتل، مما يوحي وكأن الاستجواب طعنة انتقامية لأحداث ما قبل يوم التصويت.
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي